عام على مجزرة “المعمداني”… حينما ضربت “إسرائيل” الإنسانية في مقتل

#سواليف

أنشئ #المشفى_المعمداني في قطاع #غزة، قبيل إعلان قيام دولة #الاحتلال بنحو نصف قرن، ومع بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لجأ إلى هذا الصرح، آلاف #النازحين على افتراض أنه المكان الأكثر أمنا، كانوا حتى تلك اللحظة يظنون – بقوة – أن هناك حرمة للمستشفيات.

ألقى سلاح الجو التابع لجيش الاحتلال، في 17 تشرين أول/أكتوبر 2023 قنابل “الزلزال” على مباني المشفى الذي كان يضم مئات النازحين وعشرات المرضى والجرحى، تطايرت الرؤوس وغطى لون الدم الزي الأبيض للطواقم الطبية، وقصفت الكنيسة المجاورة، وتحول الملاذ الآمن إلى مسرح لأحد أكثر الفصول دموية في غزة، وإلى محطة توقفت عندها جملة من القيم الإنسانية.

وبلغ عدد #الشهداء في تلك المجزرة، حوالي 500 شهيد، والمصابون أكثر من 300 جريح، معظمهم أصيبوا في بتر بأطرافهم.

ويشير الدكتور أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة، إلى تلك المجزرة بالقول “الأطباء كانوا يُجرون عمليات جراحية على الأرض، وفي الممرات وجزء من هذه العمليات كان يتم بلا تخدير، معظم ضحايا مجزرة المعمداني أطفال ونساء غابت ملامحهم”.

يرتكبون جريمة ضد الإنسانية ويتهمون الضحية:
تعمد جيش الاحتلال تضليل الإعلام والرأي العام؛ فزعم أن قصف المستشفى كان بصاروخ من فصائل المقاومة الفلسطينية. لكن كل شيء كان على الهواء مباشرة؛ التحقيق الذي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية معتمدة على الفيديو المباشر لكاميرا قناة “الجزيرة” القطرية أثبت أن الصاروخ والقنابل الزلزالية كان مصدرها “إسرائيل”.

ويشار إلى أن جيش الاحتلال أرسل تهديدا وتحذيرا مباشرا لمدير المستشفى بإخلائها، فلجأت الإدارة الطبية للمستشفى الأهلي المعمداني إلى مطران الكنيسة المجاورة والصليب الأحمر، وجرى التواصل مع السفارة الأميركية لدى دولة الاحتلال، وكان القرار أن المستشفى لن يصيبه أذى… لكن جيش الاحتلال قصفه.

وبعد هذا الحادث بعدة أشهر، كانت معظم مشافي قطاع غزة ومراكزها الطبية، ركاما وأثرا بعد عين.

ردود بلا فعل ومجتمع دولي بلا إرادة:
هذا الهجوم الوحشي على المستشفى لم يكن مجرد استهداف لبناء؛ بل كان استهدافا لجملة من القيم البشرية والإنسانية، وتجاوزا سيكون له أثر في مجمل أخلاقيات الحروب.

ونددت الأمم المتحدة، على لسان أمينها العام، بالجريمة ووصفتها بأنها “جريمة حرب واضحة”. كما أعلنت “منظمة الصحة العالمية” عن صدمتها الكبيرة، ودعت إلى وقف فوري للهجمات على المنشآت الطبية، ووصف رئيس المنظمة الهجوم بأنه “خيانة لكل ما تمثله الإنسانية”.

وقدمت دولة جنوب إفريقيا دعوى ضد “إسرائيل”، معتبرةً أن الهجوم يمثل جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. وجاء في الدعوى أن الهجمات المتكررة على المدنيين والمرافق الطبية تعكس “نمطًا ممنهجا من الانتهاكات”، مطالبة بتحقيق العدالة للضحايا والمحاسبة القانونية للمسؤولين عن المجزرة.

ما الذي كان على المجتمع الدولي أن يفعله؟:
يقول رئيس مؤسسة “العدالة الواحدة لحقوق الإنسان” (مستقلة مقرها باريس)، المراقب والخبير القانوني خالد الشولي إنه “كان من الضروري أن تقوم أجهزة الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن بحكم اختصاصاته وبحكم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي عضو في المنظمة، بعمل ما يلزم من أجل إيقاف المجازر التي استهدفت المستشفيات والأعيان المدنية الأخرى”.

وشدد في حديث لـ “قدس برس” على أن “تحقيقات الأمم المتحدة، إضافة إلى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق في هذه الانتهاكات يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وضع حد لإفلات مرتكبي هذه المجازر من العقاب وإصلاح الخلل في القدرة على محاسبة الأطراف المدعومة من القوى الكبرى، وفي الأحوال كلها، فإن أي تحقيق يجب أن يكون شفافاً وغير مسيس لضمان حق الضحايا في العدالة”.

كما أشار الشولي إلى أن مجزرة “المعمداني” يفترض أن تؤدي إلى “فرض عقوبات على الدول والمسؤولين الذين يقدمون الدعم العسكري لإسرائيل بحكم المشاركة والتواطؤ في ارتكاب هذه الانتهاكات، ومنهم المسؤولون عن الهجمات على المنشآت الطبية”.

ورأى أنه كان يفترض أن يتم “فرض عقوبات اقتصادية على حكومة الاحتلال وجيشها، بهدف إضعاف الدعم المالي واللوجستي للعمليات العسكرية الإسرائيلية غير القانونية”.

وأكد الخبير القانوني، أنه “وحتى لا يتمادى جيش الاحتلال بمجازره، كما حصل بالفعل، كان يجب فرض عقوبات سياسية ودبلوماسية، مثل تعليق عضوية إسرائيل في المؤسسات الدولية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب”.

وكان المندوب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، رياض منصور، أشار إلى أنه ينبغي على المجتمع الدولي، فور تورط جيش الاحتلال بارتكاب مجزرة “المعمداني” أن يتحرك “فورا لحماية المدنيين… كان على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ إجراءات فورية لفرض وقف إطلاق النار، وتقديم ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة”.

ما هي العقوبة الجنائية التي تستحقها “إسرائيل”؟
وأوضح الشولي أن “استهداف المستشفيات والمدنيين يمثل انتهاكاً يصل إلى حد اعتباره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وظروف ارتكابها وما صاحبها من انتهاكات يوصلها إلى تكييفها على أنها جريمة إبادة جماعية، وعليه فلا بد من ملاحقة كل من هو مسؤول عن هذه الجرائم من جنود وقادة إسرائيليين أمام المحاكم المختصة، سواء كانت دولية أو وطنية وإيقاع العقوبات المقررة”.

كما أشار إلى العقوبات السياسية والدبلوماسية “التي لو فرضت حينها على دولة الاحتلال لما تمادت في مجازرها”.

وشدد الشولي على ضرورة إلزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بتقديم تعويضات مالية للضحايا، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات طبية دُمِّرَت جراء الهجمات.

وتبقى مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني ليست مجرد حدث عابر في سياق الصراع الطويل بين “إسرائيل” والفلسطينيين، بل هي علامة فارقة على التدهور المستمر للقيم الإنسانية في مناطق النزاع؛ فالذين فقدوا حياتهم في هذا الهجوم كانوا يبحثون عن الأمان والهروب من القصف، فهربوا إلى مستشفى محميٍّ بحسب القوانين الدولية.

وأبرزت تلك الحادثة، إن المصالح الدولية والحسابات السياسية والأمنية المرتبطة تحديدا بدولة الاحتلال، يمكن أن تتجاوز بسهولة على أي حقوق إنسانية، كما أثبتت الحادثة أن المجتمع الدولي غير قادر، ولا يمتلك إرادة لوقف مثل هذا النوع من جرائم الحرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى