عالم الغرب الاستعماري

#عالم_الغرب_الاستعماري

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
الغرب الاستعماري المتشدق بالحريّة و #حقوق_الانسان والحضارة والإنسانية هو لا يؤمن بها إلا داخل حدوده، أما خارجياً فإنه يلجأ لأقذر الوسائل والاساليب ويرتكب أفظع المجازر لتحقيق أطماعه وأهدافه، فأمريكا قامت على جثث ودماء واشلاء سكانها الاصليين من الهنود الحمر، كذلك فعلت دول أوروبا الاستعمارية بحق شعوب مستعمراتها، الحضارة والتنمية ورفاهية الشعوب الأوروبية بنيت من خيرات وثروات الشعوب المسروقة والمنهوبة من تلك المستعمرات الافريقية والاسيوية وأمريكا اللاتينية، هذا التخلف والجوع والتطرف الذي نشاهده اليوم في دول العالم الثالث هو نتائج لتلك الحقبة الاستعمارية وزرعهم لكل بذور الفتن والصراعات والدسائس والتآمر لابقاءه عالمًا متخلفاً تابعاً.
بعد الحربين العالميتن الأولى والثانية خرجت الدول الاستعمارية الكبرى منهكة باستثناء الولايات المتحدة التي دخلت في الحرب العالمية الثانية متأخراً عام 1941 بعدما اتضحت لها هزيمة الجيوش الألمانية أمام الجيش الأحمر السوفييتي، كانت أوروبا مدمرة والاتحاد السوفياتي منهك وشبه مدمر، اليابان تداوي جراحها بعد تعرضها للهجمات النووية الأمريكية، الصين منهارة اقتصاديًا وتعاني من الفقر والجوع كنتيجة للغزو الياباني وحروبها الداخلية ، شبه الجزيرة الهندية ترزح تحت الاحتلال البريطاني ، دول الشرق الاوسط وأفريقيا تئن تحت الاستعمار الغربي الاوروبي .
عام 1947 تقدم وزير الخارجية الامريكي جورج مارشل بمشروعه الاقتصادي لإعادة بناء ما دمرته الحرب في أوروبا وعدم وقوع شعوب ودول القارة تحت تأثير الفكر الشيوعي، نفذ هذا المشروع خلال الأعوام اللاحقة بكلفة بلغت 18 مليار دولار واستطاعت الدول الأوروبية التعافي وإعادة بناء اقتصادها مع استمرارها في الهيمنة ونهب ثروات الشعوب الاخرى، تبع ذلك عام 1949 إنشاء حلف شمال الاطلسي كذراع عسكرية لتحقيق وحماية المصالح الغربية ، من خلال مشروعي مارشل وحلف الناتو تمكنت أمريكا من التغلغل والسيطرة على المراكز المالية ونشر القواعد العسكرية وبناء المنظومات الأمنية والاستخبارية في أوروبا ورافق ذلك بناء إمبراطورية إعلامية مكنتها من التحكم بالرأي العام الاوروبي وتوجيهه وبذلك أصبحت دول الغرب الأوروبي وطبقتها السياسية دول تابعة لأمريكا ومحكومة أطلسياً تحت مسمى دول حليفة .
للهيمنة على شعوب العالم اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وإعلامياً والسيطرة على نظام النقد المالي العالمي استثمرت دول الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة في إثارة الفتن باشكالها بين الشعوب وأججت النزاعات بين الدول والتدخل المباشر بشؤونها الداخلية وأنشأت التنظيمات الإرهابية ونصّبت عملائها كرؤساء ومسؤولين للدول ودعمت أنظمة الحكم الديكتاتورية وأغرقتهم بالرشاوي وشجعتهم على الفساد بكافة اشكاله وأخطره الاعلامي والثقافي والفكري وأغرقت دولهم بالمديونيات العالية ودمرت وعطلت قوى الانتاج الوطني وحولته لأنماط استهلاكية وارتكبت كل الموبيقات بحق الشعوب المضطهدة لإبقائها أسيرة الجوع والفقر والتخلف والتشتت لإبقاء دول العالم الثالث تابعة ومرهونة ومستباحة لهم .
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرد الولايات المتحدة بقيادة العالم كشفت عن وجهها القبيح واستنهضت جينات الاجداد لاحياء سلوكها الاجرامي ، فبركت التهم والأكاذيب للتدخل واحتلال الدول الاخرى سائقة ورائها كل تابعيها وعملائها للسيطرة على الجيوسياسية العالمية لضمان تسيد الدولار على نظام النقد المالي العالمي ، رأينا ذلك في افغانستان والعراق وسوريا ويوغسلافيا وليبيا والسودان والصومال واليمن مضيفة بذلك الى سجل اجرامها السابق وتدخلها في كوريا وفيتنام ودول جنوب شرق اسيا ودول امريكا اللاتينية
بدأ التدخل الامريكي والاوروبي في أوكرانيا مباشرة بعد تفكك الإتحاد السوفياتي من خلال دس منظمات المجتمع المدني الاستخبارية الغربية بأوجه إنسانية وشراء الذمم وإفساد الاجهزة الامنية والادارية وتشجيع التطرف والنزعات القومية والعنصرية والتجهيل وطمس الثقافة الوطنية وتزييف التاريخ ، بذلك تمكنوا خلال سنتين فقط من تلميع مهرج وممثل فاشل أقصى طموحه كان عام 2017 أن يصبح مخرجاً سينمائياً ! لكنه أصبح رئيساً لأوكرانيا عام 2019 ليتحول بعد ذلك لقرد سيرك يقفز ويتنطط ويصرخ حسب الاشارة الآتية منهم وفي مقدمتهم أمريكا ، وبذلك جعل من اوكرانيا رأس حربة لتفتيت روسيا الاتحادية التي تشكل لهم تحدياً وتهديداً لمصالحهم وخاصة للهيمنة الامريكية على العالم .
الحرب ليست بين روسيا وأوكرانيا، إنها حرب بين السلم والامن العالمي وبين البلطجة والتوحش! حرب القيم والحضارة والانسانية وبين الرذيلة والهمجية والتوحش ! حرب التكامل والتنمية والابداع وبين التفرد والتغول والتجهيل والتخلف ، الغرب الاستعماري هم من دعموا استقلال كوسوفو ويرفضون استقلال القرم والدنباس ! هم من يدعمون الشعب الاوكراني للدفاع عن ارضه وسيادته وهم من يناصرون ويدعمون اسرائيل لاحتلال واستيطان ما تبقى من فلسطين وتشريد أهلها ! هم من غزوا العراق دفاعاً عن امنهم القومي الذي يبعد الاف الكيلومترات عن حدودهم ولا يعترفوا بحق الأمن القومي الروسي ، هم من يقدمون الاسلحة لأوكرانيا على مدار الساعة ويوجهون اقمارهم الصناعية التجسسية لالتقاط صورة ما لتهريب ايران مسدس أطفال لروسيا ! هم من صموا اذان العالم بالحرية وحرية الاعلام والرأي وهم من حجبوا كل وسائل الاعلام الروسية وكل من يخالفهم الرأي على اراضيهم ! هم من اقام الدنيا على موت سيدة ايرانية “مهسا اميني” ولا يرف لهم جفن على قتل عشرات الالاف ومحاصرة الملايين في غزه واليمن منذ سنوات ! هم من أسسوا منظمة التجارة وحرية الاسواق العالمية وتنقل البضائع والصادرات وهم من يفرضوا العقوبات الاقتصادية بوجه الدول النامية ! هم ..هم..الخ .
خير ما في هذه الحرب أنها فضحت الغرب وبرهنت انهم دول هشة تعتاش على جوع الاخرين وسرقة ثرواتهم ، فها هي تنهار اليوم كما انهارت بالامس امام جائحة كورونا ، لقد كشفت الحرب أن اوروبا ما هي الا دول تحكمها دمى تحركها الالوغارشية العالمية “رأس المال وشركات التصنيع العسكري ” ، هذه الالوغارشية تخوض حربها اليوم في اوكرانيا لتبقى مسيطرة ومهيمنة وناهبة لثروات شعوب العالم بالبسطار والدولار الامريكي –هذا الدولار الذي لا قيمه له دون السطوة الامريكية وحروبها المفتعلة ، إنه عالم البلطجة الغربي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى