
- أقام الكيان الصهيوني الدنيا و لم يقعدها بعد إصابة أحد قناصيه القتلة بنيران مسدس أطلقه شاب فلسطيني عليه من مسافة صفر عند الجدار الفاصل بين قطاع غزة و ارضنا العربية المحتلة منذ العام 1948 .
العاصفة الاعلامية التي أقامها الكيان الغاصب و حملة التهديدات التي أطلقها بحق شعبنا و فصائله في قطاع العزة على لسان كبار مسؤوليه لا يبدو أنها تأتي كمجرد ردة فعل آنية عابرة على عملية فردية تمت في الذكرى السنوية الثانية و الخمسين لإحراق المسجد الاقصى على يد مستوطن صهيوني متطرف بقدر ما هي جزء من خطة إعلامية منهجية منظمة لتسجيل النقاط في معركة بعيدة المدى لكسب الرأي العام العالمي إلى صف الدويلة العبرية و استدار عطفه .
استدرار عطف الرأي العام العالمي ليس بالأمر الجديد في استراتيجية الكيان الصهيوني إنما السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة ما الذي يريده حكام تل أبيب من وراء هذه الحملة المبرمجة بعيدة المدى ؟؟؟
الاعتقاد السائد لدى العديد من المراقبين هو أن الدويلة العبرية تسعى جاهدة إلى تهيئة الرأي العام العالمي لعدوان جديد على قطاع غزة بغية تحييده و إخراجه من معادلة الصراع معها قبل التفرغ لأخطر أجندتها المتمثل في ضم الضفة الغربية و تهجير أهلها من أرضهم .
تهجير الشعب العربي الفلسطيني من أرضه المحتلة في الضفة الغربية و اقتلاعه من جذوره ليس بالأمر الهين يقينا ، لعوامل كثيرة لكن يبقى الرأي العام العالمي أحد أهم الأسباب التي قد تقف حجر عثرة كأداء أمام المخطط الشيطاني الخبيث الذي يطبخه الصهاينة على نار حامية تارة و على نار هادئة تارة أخرى منذ بضعة سنين .
أن تكسب الرأي العام إلى صفك في معركتك يتطلب من الصهاينة اظهار أنفسهم في بعض الأحيان بمظهر الطرف القوي الذي يمارس أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة سلسلة من متواصلة من العمليات الإرهابية التخريبية إن جاز التعبير في إشارة إلى عمليات المقاومة الفلسطينية و ذرف دموع التماسيح و لعب دور الضحية على نحو يثير الشفقة لدى الغرب بعامة و الشعب الأمريكي في بلاد العم سآم اقوى دولة على وجه البسيطة .
السيناريو المعد سلفا و المجرب سابقا تم تطبيقه خلال انتفاضة الأقصى قبل قرابة عشرين عاما في أعقاب اغتيال أحد أبرز نشطاء كتائب شهداء الاقصى الشهيد محمد رائد الكرمي حيث وقعت سلسلة من العمليات الانتقامية من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في الربع الأول من العام ٢٠٠٢ و حظيت هذه العمليات بتغطية إعلامية غير مسبوقة من قبل وسائل الإعلام الغربية الموجهة صهيونيا قبل أن يقدم العدو على اجتياح مدن الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية كرام الله و بيت لحم و جنين فيما عرف باسم عملية السور الواقي .
عملية السور الواقي التي قام بها العدو الصهيوني بحجة الدفاع عن النفس تمخضت أيضا عن إنشاء ما يسمى بالجدار العازل الذي روج له حكام تل أبيب باعتباره وسيلة لمنع العمليات الفدائية الاستشهادية رغم أنه أقيم على أراضي الضفة الغربية و ليس على ما يعرف بالخط الاخضر الفاصل بين هذه الأخيرة و ارضنا المحتلة منذ العام ١٩٤٨ .
الجدار العازل إذن لم يكن وسيلة دفاع وقائية في حسابات حكام تل أبيب بقدر ما كان مخططا شيطانيا لقضم المزيد من الأراضي الزراعية الخصبة في الضفة الغربية و تحويل حياة مواطنيها إلى جحيم لا يطاق و الاحتياجات الصهيونية التي يقوم العدو الغاصب بين الفينة و الاخرى لبعض مدن الضفة الغربية و تصفية النشطاء بدم بارد تؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها و أن حكام تل أبيب ماضون قدما في مخططهم لاستدراج شعبنا الى انتفاضة شعبية مسلحة في الضفة الغربية تسمح لحكام تل أبيب بممارسة سياسة الأرض المحروقة هناك و تهجيرهم من أرضهم بذريعة واهية مفادها أن حكام تل أبيب يمارسون حقهم المشروع في الدفاع عن النفس في وجه الإرهاب الفلسطيني المزعوم ، و هو أمر يتطلب منا أن نكون على حذر شديد في قراءة الأحداث و التعامل معها و القيام بحملة إعلامية لا تقل اتساعا و شمولية عن تلك التي يقوم بها الصهاينة و تقديم كل الدعم و الإسناد لشعبنا في ضفتنا الغربية المحتلة ليتسنى له الصمود و الانتصار على عدونا الغاصب و هذا الأمر يتطلب امدادهم بالمال و السلاح .