يُعد #غزو_الكويت أحد أبرز المحطات التي شهدها #العراق خلال فترة حكم الرئيس الراحل #صدام_حسين. لكن في ذلك الحين، لم تشكل العملية -التي جاءت مغامرة غير محسوبة العواقب- مفاجأة للكويتيين فحسب، بل لشعب العراق وقيادات بارزة فيه أيضًا.
في معرض إطلالته الاستعادية للمشهد في العراق، عندما شغل عدّة مهام، من بينها رئاسة أركان الجيش، يتوقف الفريق أول ركن #نزار_الخزرجي عند صيف عام 1990.
ويروي عبر شاشة “العربي” ضمن برنامج “وفي رواية أخرى” في الحلقة السابعة، تفاصيل عاشها في موقع الحدث، إلى جانب الرئيس صدام حسين، وبعيدًا منه. فما الذي كشفه بين قرارين اتخذهما صدام حسين؛ أولهما لغزو الكويت والثاني للانسحاب منها؟
“ما الذي ذهب بنا إلى الكويت؟”
وكان غزو العراق للكويت قد جاء بعد خروج الرئيس العراقي والقائد العام للقوات المسلحة صدام حسين من الحرب مع إيران التي استمرت لثماني سنوات.
وفي هذا الصدد، يشير الخزرجي إلى أن صدام أراد أن يمارس دوره كقائد عام فعلي للقوات المسلحة، وليس كأي رئيس جمهورية مدني، حيث كان يزور الجبهات واتسم بالشجاعة في هذا الإطار.
ويستذكر حادثة تعطل طائرة استقلها حسين برفقة وزير الدفاع لمراقبة الجبهة وما بلغته القطعات العراقية، فيشير إلى أن الطائرة اضطرت يومها للهبوط في منطقة تقع في الوسط بين القوات العراقية والقوات الإيرانية.
ويستعيد تفاصيل ما رواه الرئيس العراقي الراحل عن تلك الحادثة، بالقول إنه “خرج من الطائرة، ورفض أن يأخذ وزير الدفاع بندقية عنصر الحماية لحماية الرئيس”، مؤكدًا أنه هو من “يتولى زمام الدفاع في هذه المواقف”.
وفيما يشرح أن طائرة حضرت بعد قليل ونقلت صدام حسين ومن كانوا معه، يرى في ما حدث دلالة على أن الرئيس العراقي السابق كانت لديه روح القتال والمغامرة.
والخزرجي الذي يؤكد أن صدام حسين قرّر احتلال الكويت من دون أن يخبر وزير الدفاع ورئيس الأركان، يتوقف عند تاريخ الثالث من أغسطس/ آب 1990.
ويشير إلى أنه تلقى في الصباح الباكر اتصالًا هاتفيًا من أمين سر القيادة العامة يسأله المجيء فورًا. ويشرح أنه استجاب، ولدى وصوله إلى القيادة العامة أُعلم بأن القطعات العراقية كادت أن تكمل احتلال الكويت، فتساءل: ما الذي ذهب بنا إلى الكويت؟
ويلفت إلى أن #وزير_الدفاع آنذاك جاء أيضًا، فأُعلم بالخبر، وجلس على الأثر في وجوم متفكرًا: ما الذي حدث وكيف ذهبنا؟
ويردف بأن أمين سر القيادة تلقى اتصالًا من صدام حسين، ثم توجه إلى الخزرجي على الأثر، موضحًا أن الرئيس أمر بأن تتم دعوة خدمة الاحتياط إلى تشكيل عشر فرق جديدة.
ويوضح أن صدام حسين “اتصل مجددًا بعد بعض الوقت، فارتفع العدد إلى 15 فرقة، حيث وجب أن نستدعي ضباط الاحتياط لتشكيل 15 فرقة أخرى”. ويكشف الخزرجي أنه غادر بعد ذلك إلى دائرته، ولم يكن مصدقًا الأمر.
وفي رواية أخرى
إلى ذلك، يروي الخزرجي أنه التقى ووزير الدفاع بمرور ثلاثة أيام الرئيس صدام حسين، الذي نفى أن يكون قد قام بعملية احتلال الكويت دون علمهما لأنه لا يثق بهما”، مشددًا على ثقته الكاملة بهما، وموضحًا أنه لم يشأ إبلاغهما، لأنه لو فعل لقاما بسلسلة من أعمال الركن والتبليغات، التي يمكن أن تكشف #العملية التي أراد أن تكون #مباغتة.
وينقل عن صدام حسين قوله إنه نفذ العملية بالقطاعات المرتبطة به شخصيًا؛ ومن بينها الحرس الجمهوري والقوات الجوية والاستخبارات، حيث أعرب عن أمله بألا يعطيا العملية أي تفسير آخر.
ويوضح رئيس أركان الجيش العراقي سابقًا أن رأس الحربة في احتلال الكويت كان الحرس الجمهوري ومجموعاته من المخابرات والاستخبارات، التي تم إرسالها قبل يوم أو يومين من بدء الغزو بلباس مدني إلى داخل الكويت، فاستقبلت القطعات ودفعتها إلى مناطق تواجد الأمراء والمسؤولين.
إستراتيجية الخزرجي لو كُلف بالعملية
تعليقًا على ما قيل عن تخبط وأخطاء عسكرية شهدتها عملية احتلال الكويت، يقول الخزرجي إنه لو كُلف بهذه العملية لتطلب الأمر بداية أن يمتلك معلومات دقيقة عن مكان وجود أمراء الكويت ورئيس الحكومة ووزير الدفاع، أي المفاصل الرئيسية من القادة الكويتيين، ليتم إلقاء القبض عليهم، ولا تتاح لهم فرصة الخروج وفعل ما فعلوه.
ويشير إلى أنه كان يُفترض أيضًا أن يمسك بمخارج مدينة الكويت، فلا يسمح لأحد بالخروج، وأن يختار المكنات التي يتم عبرها الإنزال الجوي، مؤكدًا أنه ليس من الصائب أن يتم الإنزال عبر الطائرات المروحية.
ويذكر بأن “ما بين 40 إلى 50 طائرة مروحية تضررت أو احترقت فسقط شهداء كثر، دون مقاومة”، حسب وصفه.
وعمّن وضع الخطة لهذه العملية، يشير إلى سماعه معلومات عن أن كلًا من قصي الذي كان مسؤول الأمن الخاص، وحسين كامل، وعلي حسن المجيد كانوا هيئة ركن العملية.
وينفي بأن عزت الدوري، نائب الرئيس، كان يعرف بأمر بالعملية، التي قام بها الرئيس ومجموعته الخاصة.
وفيما يخصّ عمليات النهب والسلب التي حدثت في الكويت خلال الغزو، يشير إلى ما أُخبر به أخيرًا من حيث أنه طُلب من أهالي المحافظات القريبة من الكويت الدخول إليها، لافتًا إلى أن هؤلاء كانوا من المدنيين ولا سيطرة عليهم، وقاموا بمعظم عمليات السلب.
عزت الدوري
ويتوقف عند زيارته إلى الكويت بناء على طلب صدام حسين في اللقاء الذي جمعهما، وذلك من أجل الاستطلاع بغرض سحب قوات الحرس ونشر قطعات من الجيش بدلًا منها.
وفيما يوضح أنه شاهد في الطريق مناظر مزعجة، من بينها سيارات تم نهبها، يكشف أنه أعلم مدير الاستخبارات برغبته القدوم بالطائرة في الرحلات القادمة تجنبًا لمناظر مؤذية مماثلة.
ويلفت إلى أنه توجه في تلك الزيارة إلى قصر سعد العبدالله في الكويت بعدما تحول إلى مقر لإحدى الفرق. ويشرح أن المكان كان مكتملًا، وأنه أكد لقائد الفرقة أن عليه الحفاظ على القصر وما فيه.
ويضيف أن نجله الذي كان ينتظره عند الباب، أعلمه أن مجموعات الحمايات الخاصة بعدي ينتظرون لكي يأخذوا الأثاث.
ويستطرد بالإشارة إلى سباق بين أبناء المسؤولين، وكذلك إلى أمر من الحكومة لكل وزارة من الوزارات بأخذ ما تحتاجه من أحدث المواد وأفضل المعدات التي يمكن الإفادة منها في العراق، واصفًا الحال بـ”المؤسف جدًا”.
والخزرجي الذي يلفت إلى أنه عاد مساء تلك الزيارة إلى مقر الحرس عند الحدود العراقية – الكويتية، يشير إلى أن حسين كامل سأله يومها عن رأيه فيما لو اندفعت القوات العراقية من الكويت باتجاه الآبار الشرقية السعودية لاحتلالها. ويردف بأنه أجاب قائلًا: “ماذا، دعنا نخرج من هذا الوحل أولًا، ما هذا الكلام؟”.
وبينما يكشف أن كامل رد ضاحكًا، وأكد أنه لا يقصد ذلك فعلًا بل أراد سؤاله عن رأيه، يلفت الخزرجي إلى أن “صابر الدوري همس في أذنه، مقسمًا أن حسين كامل كان يقصد ذلك بالفعل”.
ويعتبر أن هذه المحادثة دليل على أن حسين كامل كان أحد من أوحوا إلى صدام حسين باحتلال الكويت.
تقرير إستراتيجي وتفاصيل عملياتية
في سياق متصل، يشير الخزرجي إلى أنه أعد في 8 أغسطس 1990 تقريرًا إستراتيجيًا عما حدث في المنطقة وتبعاته والمتوقع حدوثه وما ستفعله القوى الكبرى، لافتًا إلى أنه توقع وقوع حرب شاملة على العراق من جانب الدول الكبرى التي لن ترضى عما حدث.
ويردف بأنه كتب بمرور نحو أسبوعين أو ثلاثة، تفاصيل عملياتية عما سيحدث وكيف يجب أن تقاتل القوات العراقية، حيث تحدّث عن “حرب أشبه بالعالمية علينا، تحاول فيها كل الدول الكبيرة إخراجنا من الكويت”، طالبًا من القيادة في الحالتين الانسحاب من الكويت وعمل أي حل سياسي لتقطيع هذه السقطة.
ويعرب عن اعتقاده بأن إصرار صدام حسين على البقاء في الكويت وإعلانها محافظة عراقية، نجم عن نزول القوات الأميركية في الرياض في اليوم الخامس أو السادس، وهو ما جعل الأمر بمثابة تحدٍ زاد من تعنته.
ويكشف الخزرجي أنه عرض محتوى تقريريه في اجتماع القيادة العامة الذي حضره صدام متجهمًا، لافتًا إلى أنه تطرق إلى قدرات العراق العسكرية مقارنة بالقوى التي يتوقع أن تشن الحرب عليه وما ستقوم به.
ويردف بأنه شدد حينها على ألا فرصة لنا، وأن من المتوقع ألا تقل الغارات الجوية عن شهر قبل أن يتم الاقتحام البري لضمان تدمير كل الأهداف، مشيرًا إلى أن صدام حسين ردّ بالتأكيد أن هذا الكلام غير مقبول، واتهمه بعدم الرغبة في القتال، وأنهى الاجتماع قبل الانتهاء من النقاط الأولى.
والخزرجي يكشف أن مرسلًا خاصًا جاءه في اليوم التالي بيده رسالة تتضمن إقالته، كتب فيها صدام حسين: إلى الفريق أول نزار الخزرجي يصعب عليّ تبليغ الرجال والعسكريين بشكل خاص تغيير مواقعهم، الظروف الحالية تتطلب تغيير موقعك. فجرى نقلك من منصب رئيس أركان الجيش إلى مستشار في رئاسة الجمهورية. أشكرك على ما قدمت من خدمات في “قادسية صدام”، وأتمنى أن تعمل بالحماس نفسه الذي عملت فيه سابقًا.
ويلفت الخزرجي إلى أنه لم يداوم يومًا واحدًا في القصر بوصفه مستشارًا، بل طلب الاتصال به عند الحاجة، في حين أصبح معاونه رئيس أركان للجيش.
ويذكر بأنه تم ضرب العراق لمدة 42 يومًا، كاشفًا أنه يوم شرعت القوات الأميركية بالدخول، طلب صدام حسين في أثره، فارتدى زيه العسكري وتوجه، رفقة ضابط الركن من الاستخبارات الذي نقل إليه الطلب، إلى مدينة الكاظم مرورًا بشوارع فرعية ووصولًا إلى أحد البيوت، تبيّن أنه أحد مقرات القيادة العامة.
ويشرح أنه سأل صدام حسين، الذي حضر مساءً وظهر عليه بشكل جلي فقدان الوزن، كيف أرسل طائرات العراق إلى إيران (كي لا تُضرب)، التي كُنا نحاربها بالأمس..؟.
وفيما يذكر بأن تلك الطائرات لم تعد أبدًا، يشير إلى أن صدام حسين أجابه بالقول: “لم يقل لي أحد هذا الكلام”.
كيف أصدر صدام حسين أمر الانسحاب من الكويت، والمزيد عن احتلالها من قبل العراق وتبعات هذه العملية، في الحلقة المرفقة من “وفي رواية أخرى”.