طُرق علاج الفتور العاطفي بين الزوجين / د.مجد القبالين

طُرق علاج الفتور العاطفي بين الزوجين
Methods Of Treatment The Coldness Emotional Between Couples
في مقالي السابق حول الفتور العاطفي بين الزوجين تم طرح وعرض اسباب الفتور العاطفي وكيف ينشأ واشكاله ، وصوره ، وخطورة وجوده ، واختتمت مقالي بسؤال كبير وهو يمثل المفتاح الاساسي والمدخل الرئيسي لحل مُشكلة الفتور العاطفي.
ان مشكلة الفتور العاطفي بين الازواج لها جذور نفس اجتماعية لدى الافراد تتعلق بثقافة الحب والبوح بمشاعر الحب ومهارات التواصل بين الافراد واساليب التعامُل مع المشاكل التي تواجه الافراد ، ونظرتنا المُسبقة لذواتنا ولشريك الحياة ، وللزواج ، فكُل فرد يشعر احيانا بالفتور اتجاه اقرب الناس اليه واتجاه الحياة بكاملها.
وهُنالك اجراءات وقائية نتبعها للسيطرة على هذه المشكلة بين الازواج قبل حدوثها وقبل الزواج وهي :
– ان يكون الهدف من الزواج من الاصل مُقترن بشعور الفرد بحاجته لشريك حياة يحقق معه السكينة والرحمة والمودة والاستقرار ورغبة لتحمُل المسؤولية ولا يكون الهدف مرتبط بأي تطلُعات مادية اخرى او اجتماعية مُرتبطة بإرضاء المُجتمع والمحيطين بالفرد ، او فقط لغاية اشباع الغريزة الجنسية ، وان يكون الهدف من الزواج مقترن بحاجات نفسية وعاطفية بالدرجة الاولى نُريد تحقيقها واشباعها ، وان نعتبر الزواج ارتباط بين شخصيين عاطفياً وروحياً وليس فقط علاقة بين شخصين تتجسد في ورقة اسمها عقد زواج وخالية من اي مشاعر.
– نظرتنا المسبقة عن الزواج والتي يُساهم الاعلام المُضلل في رسمها والذي يُعتبر مرجع خاطئ وغير دقيق للاستعانة به لتخيُل شكل العلاقة بين الزوجين في المُستقبل.
اما الاجراءات للسيطرة على مشكلة الفتور العاطفي بين الزوجين بعد الزواج
– ان نتعامل مع المشاكل الزوجية على اعتبار انها طريقة لإعادة برمجة عقولنا لفهم شريك الحياة وفُرصة لإعادة ترميم علاقتنا بالمُقابل ، ولا نجعل منها طريقة لزيادة الفجوة العاطفية بين الزوجين ، ونؤمن بمبدأ ان اي مشكلة تقع بين اي اطراف علاقة فإن جميع اطراف العلاقة مسؤولين عن تلك المشكلة ولا نلقي اللوم على طرف دون الآخر ، وان نبحث عن العوامل التي ادت الى المشكلة اكثر من انشغالنا في طُرق لتبرئة انفسنا وتنصُلنا من تحمُل المسؤولية والمشاركة في ايجاد حلول للمشاكل والابتعاد عن استشارة الاشخاص غير المُتخصصين والواعيين بالأمور المُتعلقة بالزواج والاسرة.
– الابتعاد عن المُقارنات بين شريك الحياة واي زوجين آخرين ؛ لأن المُقارنات هي اكثر ما يجعلنا نشعر بعدم الرضا عن شريك الحياة وعن انفُسنا وعن حياتنا الزوجية ، فنحن لسنا كغيرنا وليس بالضرورة ان يكون الآخرين مرجع اساسي لنا في طرق تعبيرنا عن مشاعرنا وحل مشاكلنا.
– ان يكون للأزواج هوايات مُشتركة وهوايات شخصية لكل واحد فيهم ، ولا نُلغي شخصية احد الزوجين ، فالزواج لا يعني تذويب شخصية احد الزوجين .
– ضرورة وجود عنصر التجديد وكسر الروتين في حياة الزوجين وهذا التجديد يجب ان يشمل التجديد في الاهتمامات وطرق التعامل مع المشاكل.
– إعطاء كل من الزوجين مساحة من الحرية للآخر ولا نُشعِر شريك الحياة بأن الحياة الزوجية تُشكل احد العناصر المُقيدة والسالبة للحُرية ، بمعنى آخر تدريب شريك الحياة على الالتزام المصحوب بالحُرية له ومسك العصا من المُنتصف ، وان يكون هنالك يوم كل اسبوع او كل فترة معينة يتم تحديدها حسب حاجة الشريكين لها اسمه Free Day”” لكُل شريك حياة يزور به اصدقائه ويقوم به بكل ما كان مُعتاداً على القيام به اثناء حياة العزوبية وقبل الزواج ، وتكون العلاقة بين الازواج كالأصدقاء وليس علاقة الزامية واجبارية ويُشاركان كلاهُما في تأمين احتياجات المنزل.
– ان يفتح الزوجين قلوبهما لبعضهما وعدم التعامُل مع المشاكل والخلافات بطريقة الكبت والسكوت عليها لأنها تجعلنا نفتح باب الفتور العاطفي دون ان نشعُر بذلك ، ووجود الرغبة لتقريب وجهات النظر والبحث عن كل ما هو جميل يربطنا بشريك الحياة والنظر لنصف الكأس المُمتلئ وليس الفارغ ، والنظر للأمور السلبية على انها بحاجة لإعادة ترميم واصلاح والامور الايجابية بانها بحاجة لتعزيز وتقوية ولا ننظُر للأمور السلبية على انها نذير ومُهدد لانتهاء العلاقة الزوجية ، وان يتم تعزيز الحوار والنقاش بين الزوجين لأن ذلك يُدربهما على خلق سُبل للحوار والنقاش وليس التنازُع والصراع.
– ضرورة وجود تقديم تنازُلات من قبل الزوجين والتغاضي عن توافه الامور وبذل الجهود لتحقيق التوافق بين الزوجين في الاهتمامات وطرق التعامل مع المشاكل ، وعدم اقحام اطراف خارجية في المشاكل الزوجية.
– ان ترتقي نظرتنا للحب ونجعلها تتجاوز الاقوال لتصل مرحلة الافعال.
– ان لا ينظر كل فرد لنفسه بانه هو فقط الذي يعاني من مشاكل وانه هو المظلوم والضحية ، ولا تكون نظرته لنفسه مصحوبة بعاطفة وشفقة مُبالغ فيهُما ، فقد تعتبر نفسك انت المظلوم في حين تكون انت الظالم في محطات انت لا تراها ؛ لانحيازك لنفسك بشدة ، وقد تكون انت احد اسباب تفاقُم المشاكل ، وحدوث الفتور العاطفي دون ان تعلم او تشعُر بذلك ، وكل مُشكلة نُعالجها بعد الرجوع للعوامل التي ادت لها من البداية ونفهمها جيداً بحيادية وعقلانية ، ونكون مُتصالحين مع انفُسنا بالدرجة الاولى قبل كُل شيء ، فاذا كان هنالك ادوات للفتور العاطفي فإذاً يوجد ادوات لإعادة التسخين العاطفي ، فنحنُ جميعاً نعرف كيف نُشبع حاجاتنا المادية والجنسية ، ولكن القليل جداً منا يعرف كيف يًشبع حاجاته النفسية والاجتماعية.
وختام مقالي يجب ان نتذكر دائماً ………………………….
كُل حياة زوجية تحتوي على مطبات وزوابع ومشاكل ومُنغِصات ، ولكن هُنالك من يُريد الاستمرار مع شريك الحياة ويخلق طرق التوافق وهُنالك من لا يُريد ابداً ، وبالنسبة لي كأخصائية اجتماعية الفشل الحقيقي في الزواج هو …………….
” ان نفشل في تحويل الآُسرة لمكان يُحقق لنا السكينة ، والمودة ، والرحمة ، والاستقرار مهما كان هُنالك شوائب ، ونجعلها مكاناً نهرُب إليه وملجأ وملاذاً لنا من الحياة الخارجية القاسية”.
د / مجد خليل قبالين
دكتوراه علم اجتماع علم الجريمة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى