طوط: لم تعد هنا عمان

طوط: لم تعد هنا #عمان

شبلي العجارمة

طوط,طوط,طوط ,طوووووط,تمام الثامنة الساعة الآن وهنا عمان .
کم کانت هذه الطوط علی بساطتها تنعش قلوبنا المتعبة قبل أسماعنا المدووشة بالزحام والخبز وثغاء الماشية وشتاء المزاريب ,كان جهاز #المذياع ينم عن الثقافة للأمي قبل المتعلم والمثقف ,کانت آذاننا حينها تسمع بکل صفاء ,وتحلل بکل نقاءٍ لا يشوبه شكُُ أو ريبة فيما يذاع ,ربما کان هبلنا متلازمة من متلازمات طيبتنا وکرمنا الزاٸد ,أو کان تناسينا شيمة من شيم الترفع عن الزلات للخوي وغير الخوي ,حتی لو کانت الزلة من ابن بلد أو مسٶول بلدي أو وزير بلدي أو کبير أيضاً بلدي إبن بلد .
کانت هناك #عمان ,وکنا نحن هناك ,بکل تفاصيلنا الخشنة والناعمة,کانت القری تسمع ل #هنا_عمان مع المدينة وابنها أو قبلهما ,لأن القری کانت بلا بيوت إسمنتية ولا أسوار عالية تحجب الرٶيا والصوت وراٸحة أخبار الوطن ,کنا هنا وکانت هناك عمان,کنا نبحث نحن الصغار في ثقوب السماعة المشوشة عن المذيع ,نبحث عن صورته ونتحزر أين يجلس ,لدرجة أنه ذات يوم تحطم جهاز راديو جدي ,وعندما تقاسمه أطفال الحي شظايا ,وجدنا علب الترانزستورات المکعبة علی لوحته الکهرباٸية ,فأخذنا نقول هذه هي بيوت المذيعين ,هنا ينامون ,لکنهم لا يريدون لأحد رٶيتهم ,حتی کبرنا کثيراً ,ورحل المذيعون من علب وحجرات الترانزستورات إلی عبدون ,ودير غبار ,وخلدا ,ومرج الحمام ,حتی هم أولٸك المذيعون لم يعودوا هنا ولا هناك .
کان العم نواف إذا أراد أن يسمع خبراً هاماً ,يرفع المذياع المغلف بالجلد إلی أذنه اليسری ,ويضع سبابته علی شفتيه يأمرنا بالصمت جميعاً لاستقاء الخبر وهو يدير مفتاح الموجات الضخم ,کانت کل #الأخبار لا تهمنا ,حتی برنامج رساٸل وشوق لم تکن تهمنا کثيرا ,أو أنه ليس لنا رساٸل تخصنا ,أو کنا وقتها بلا عناوين ولا لوکيشن ولا أرقام بيوت أو بريد إلکتروني حينها .
عمان صارت أکثر من هنا, وٕأبعد من هناك ,تلونت عمان علی شاشات التلفزة والفضاٸيات ,حتی أمسينا لا نميزها ,ولا نعرف صوتها ولا صورتها,حتی أخبار عمان مثل بسطات الخضار ,خبر نخب ,وخبر ذبلان ,وخبر بيات ,وربما خبر برارة الأخبار ,لم نعد نثق بهنا عمان ,لأننا لا نعرف سوی عمان واحدة ,هي عمان الطوط وهناك کنا لها وکانت لنا عمان !.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى