طلقة الرحمة…العقاب والقبرة !

طلقة الرحمة…العقاب والقبرة !

بسام الياسين

مسح راسه بباطن يده، كانه يمسح هموم عمره المعشعشة في تلافيف دماغه و يكشط عفونة ماضيه المستوطنة في جحور ذاكرته. اليوم لقد بلغ من العمر ارذله. رنة الهاتف من حفيده في الخارج، ذكّرته بعيد ميلاده.انتابه ضيق شديدة…بدلاً من تناول حبة شوكلاتة من النوع الفاخر،ازدرد حبة مضادٍ للكآبة،كي تشل تفكيره،وتقف حاجز صد لئلا يعود الى ماضيه الاسود من القطران.كل ما يرجوه طمر تاريخه المشين بالادوية والخمرة لتهدأ براكين القلق المشتعلة في داخله. ما يرعبه اكثر تلاشي امنياته حتى اصبحت بحجم كفن ابيض خالٍ من الدنس فهو لا يعرف النظافة حتى بعد فطامه.فقد جُبِلَ على النجاسةو الاذى واستغلال الوظيفة للتنمر على خلق الله.كانت لذته الكبرى تعذيب الناس،وحرمانهم من حقوقهم وقتل احلامهم. اي فاجر لعين هذا اللعين، لدرجة ان مدارس علم النفس مجتمعة لا تستطيع اصلاحه.

ايقن بعد رحلته الطويلة، ان الايام خطفته من ذاته،و الانغماس في الملذات لم تكن سوى لعبة خاسرة، فالانسان لا يساوي قشرة بيضة، اذا تجرد من ضميره وتخلى عن مبادئه. آه…..ذهب بريق الكرسي..هو دوار متحرك، له عجلات تقلب راكبه مثل قلاب يتخلص من حمولته النتنة. الكرسي صممته الانظمة بلا حزام امان…..ليلفظ من عليه مهما طال امده.هي سُنة الكراسي،سيحمل يوماً منها على نقالة ـ التقاعد ـ الى بيته الاشبه بمأوى العجزة.كرسي غدار كصديق سوء و جامح كحصان بري،لم يثبت فوقه حتى عنترة زمانه.اين يهرب من ذاته المثقلة بالظلم والخطايا…لم يعد في العمر بقية ؟!. ا

استحوذ عليه تارة شعور عصفور مقصوص الجناحين داخل قفص واخرى انه جنازة مؤجلة تسعى ببطء للمقبره تشيعها اللعنات من الاركان الاربعة.المسألة مسألة وقت،وانتظار الاشارة من عزرائيل للوقوف في محكمة العدل العليا…محكمة الله…. ما الحل ؟. يداه ملوثتان،سمعته قذرة،ضميره يلتف حوله كاخطبوط بعشرات الايدي ؟!. ماضيه يعصر خاصرته وصدره مثل ثعبان ” اناكوندا “الاستوائية العاصرة. تحسس مسدسه الذي لا يفارقه حتى في غرفة نومه لان اشباح المظلومين تلاحقه على مدار الساعة. بعد دقائق انهمرت مكالمات الجيران تسأل الزوجة عن سر الطلقات التي دوت عندهم ؟!. لا اجابة، لكن الرد جاء بعد قليل من سيارات الاسعاف والدفاع المدني.

العقاب و القبرة !

العقاب من كواسر الطير.ملك الفضاء،رمز الشجاعة. لهذا احتلت صورته أَعْلاَم بعض الدول وهامات العسكر. احتل مكانة في قلب الرسول صلوات الله عليه،،لما له من خصال نبيلة على راسها القوة،العفة، النبل. رفع سيدنا محمد عليه السلام راية العقاب، ثم اتخده صلاح الدين الايوبي شعاراً لجنده.العقاب طائر غير هيّاب، يفترس الذئاب الكاسرة والثعالب الماكرة.لفروسيته هو عف النفس لا يقرب الجيف كبعض الطير،ولا ياكل الا من صيد مخالبه حتى لو مات جوعاً.

القبرة امرها مختلف ومنحرف 180 درجة. تبني عشها في حقول الحنطة،وتضع بيضها في متناول عابري السبيل،لذا تكون صيداً سهلاً للانسان، تدوسها الماشية،يعبث بها الصبية،تفترسها الثعابين الزاحفة.الطامة ان المحاريث تطمر اعشاشها في مواسم الحراثة،فتجعل عاليها سافلها. امتنا ـ المجيدة الماجدة وخير الامم ـ لم تزل رغم التكنولوجيا الحديثة، تبني اعشاشها على دروب الامريكان،الصهاينة،الروس .حالة الاستخذاء هذه تجبرها صاغرة، على تقديم فروض الطاعة لهم،وتقدم خدماتها الارضية والمائية والجوية لمن يطلب منهم التسهيلات اللوجستية حتى لضرب ارض عربية من ارض عربية شقيقة.

ـ تصوروا هذه البهدلة ـ. ضعف عسكري و افلاس سياسي بلغ ذروة الذروة. النكتة عندما تُداس اعشاش الامة لا تجد من يسمعها،فتبدأ بالنطنطة والولولة كأرملة مفجوعة. الفارق بين الامة و القبرة، ان القبرة افضل حالاً،فعندما تحس بالخطر تطير الى مكان آمن لتنفذ بجلدها، اما امتنا المهيضة الجناح، فلا تقوى على الطيران او مغادرة جغرافيتها،لذا،فانها ترفع الراية البيضاء وتدفع الجزية صاغرة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى