دعم المقاومة في الأردن بين القوانين والقوى المعارضة

دعم المقاومة في الأردن بين القوانين والقوى المعارضة
عبد الله العربي

منذ العام 2014 تم إقرار تعديلات قانون محكمة أمن الدولة والتي اعتبر أحد بنودها الانطلاق في مقاومة الاحتلال من الأردن جريمة إرهاب يعاقب عليها القانون، إقرار التعديلات تم بعد جدل كبير داخل مجلس الأمة وبعد جلسة مشتركة لمجلسي النواب والأعيان، ووسط معارضة من عدة جهات حقوقية وسياسية معارضة.
منذ ذلك الحين حوكم العشرات بسبب هذا القانون، ورغم كل الاحداث داخل الأراضي الفلسطينية من تجاوزات وتعديات صهيونية مستمرة، وفرض واقع سياسي وديموغرافي جديد، يتعدى أثره إلى استهداف وجود الأردن والتأثير على مركزه السياسي، إلا أنه وفي المقابل الأردني ازدادت وتيرة التوقيف والمحاكمة بتهم التفكير أو النية أو التخطيط لعمليات ضد العدو الصهيوني داخل الاراضي الفلسطينية.
لم تجدي كل المحاولات النيابية في مجلس النواب الحالي – على قلتها وخجلها – في تعديل الوضع القانوني تجاه هذا الأمر، ولما قدمت الحكومة مشروع قانون العفو العام خلال العام 2019 استثنت من العفو أولئك المدانين بتهم التخطيط أو التفكير بتنفيذ عمليات ضد الصهاينة في فلسطين، فيما تم العفو عن مجرمين جنائيين اعترض المجتمع على الافراج عنهم.
المتتبع للأحداث لن يستغرب الموقف الرسمي أو المحسوبين عليه، فهو يتعامل بمنطق التساوق مع المتطلبات الدولية والحالة الإقليمية الراهنة، والتي تتشدد تجاه أي عمل تجاه الكيان الصهيوني.
المستغرب هو برود المواقف وتجلدها لدى قطاعات مهمة في الحياة السياسية الأردنية، وكأن هناك سقفا مرسوما لمواقفها، فلجان القدس وفلسطين ومقاومة التطبيع لا يكاد يخلو منها تنظيم او حزب او تجمع سياسي، واللجان لفلسطين ولمقاومة التطبيع تجمع حتى المتضادين سياسا وايدولوجيا، والأحزاب التي تعتبر قضية فلسطين قضية الأمة كحزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من أحزاب كان لقضية فلسطين أثر في نشأتها ونشاطها كأحزاب اليسار الأردني كلها تعاني حالة هدوء يبعث على الريبة أكثر مما يبعث على الحيرة.
فقد اكتفت هذه الأحزاب ببيانات خجولة متباعدة ولا تؤشر على مكمن الخلل، وخلت حتى فعالياتها عن فلسطين والاسرى من أي إشارة صريحة للموقوفين والمسجونين بتهم دعم مقاومة أهل فلسطين، والموضوع برمته لا يجد في خطابها مكانه اللائق والجاد.

النقابات المهنية الأردنية، وشخصيات وطنية مسموعة الصوت كليث الشبيلات تغيب تماما عن مشهد عائلات المعتقلين في الأردن بتهم دعم المقاومة، وهنا الاستغراب منها أقل من الأحزاب، فالشارع الأردني تذكر وجود النقابات في أحداث الدوار الرابع واسقاط حكومة هاني الملقي، ولعل من أخرجها من قمقمها أعادها إليه وأغلقه.

المعتقلون في الأردن بتهمة دعم المقاومة في فلسطين لم يرتكبوا جرما في العرف الوطني، ولا يجوز لتيارات سياسية أن تتدثر تحت لحاف التخوفات من وصمها بالارهاب إذا تحدثت عنهم، أو طالبت على الأقل بنيلهم محاكمة عادلة.
أخشى ما أخشاه أن يأتي يوم نحاكم فيه تاريخنا المجيد في الأردن تجاه فلسطين ودعم أهلها ونضالهم، أو نخجل من ذكره، فالمعتقلون المنسيون حكوميا وحزبيا ونقابيا ووطنيا قرأوا تاريخ الأردن فرأوا فيه اسم كايد مفلح عبيدات فترسموا خطاه لنيل الشهادة ودعم الأشقاء، ولم يكن ببالهم أن يواجهوا جفوة الأهل وتنكر الأشقاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى