طلاءٌ بلون الجلود / رائد العمايرة

طلاءٌ بلون الجلود
ليس من سبيل للقلم إلى كتابة خاطرة أدبيَّة،بينما يتحلل الأدب، وتنقلب الخواطر دمعاً،على صدر فتى لم يأكل منذ سبعة أيام في مضايا السورية.

أية فقرة ستكون إبداعا؟! وأضلاعه تعلن أنها أقلام الحقيقة المُرّة،التي تكتب إبداعاً لعدونا، وهو يصفق مسروراً لمصرعنا.

لن ننتظر جفاف تلك العظام، لنخُطَّ بها خواطرنا، فقد جفَّت وهو على قيد الحياة، ليرى السطر الأخير في مأساته، على كل فضائيات العالم العربي، الموسوم بإنسانية بلهاء، لا تهتز إلا لجوع القطط المدللة، ومأساة المترفين من الغربيين،عندما تخدشهم شوكة واحدة، من كومة الشوك التي تلهب أجسادنا، وتجتثُّ منا عذرية فهمنا وإحساسنا، فنعرب عن تعاطفنا، ونبكي من يعذبنا،ونرفع في بلداننا أعلام من يكبلنا، ونبكي ذلك الخدش الصغير في قدميه،بينما يجري في إثْرِنا ليقتلنا.

نعم نحن عندما نبكي من التشريد،وعندما نشكو من التعذيب،وعندما نشكو عميق الجرح الغائر في أجسادنا،سندعم الإرهاب ضمناً، فكل جرحٍ نشتكي آلامَهُ يُبرِّرُ الإرهاب.

لا تلقوا إليه خبزا من الطائرات،فما اعتاد ذلك الفتى بأن يرى طائرة تلقي إليه الخُبْزً،وإنما تعود ان تلقي عليه براميلاً من البارود،فطائرةٌ (عَدوةٌ)تحوم فوق بلدته، لتنقذه من الإرهاب،وطائرةٌ(صديقةُ لشعبه) ستدحر الإرهاب بالخراب،وطائرةٌ لا ترى إرهاب من يحاصِرُهُ،ليقمع الإرهاب.

أكياسٌ صغيرةٌ من الملح، ما يتقاسمه أطفال مضايا، لكي لا تتعفَّن أمعاؤهم،ونحن المتخمون نرى هذا، ونعد مائدة للعشاءْ متخمةً ،ثم نمارس النسيان فوراً حتى نجرؤ في غياب ضمائرنا لوهلةٍ أن نبلع اللقمة ثم نُتْبِعُها بأخرى.

أقسم أنني مُنَعَّمٌ حتى الثمالة،وأنا أرى بقايا طعام ٍفي منازلنا،هي اكثر من حصة أسرة من عشرة أفراد، يتبلغون بلقمة يتيمةٍ، لكي لا يموتوا، ويستمر الهزال،حتى يستهلك الجسم سماكة الجلد،ويغدوا كأنما عظمٌ عليه طلاءٌ بلون الجلودْ.

أقسم أننا مُنعَّمون،ومترفون ونحن نطبخ بالأطنان لعرسٍ اسود، نخشى فيه سواد الوجه المترف الأسود.

اقسم أننا مُنعَّمون ببضع حباتٍ من الزيتون،وبضعِ أرغفة حَرَّى،وبضع حبَّات فلافلْ!!،فكيف بنا بكثير من الخبزٍ بأغلفة أنيقةٍ،وما زال لم تخدش بَكارَتُهُ،ويلقى في مزابلنا،في إثر كل عاصفةٍ،كَشَفنا أنها وهمٌ توهمّهُ موظف الأرصاد؟!.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى