طقوس الزواج في ”الزعتري”.. أعراس بطعم اللجوء

 مثل معظم الفتيات كانت آمنة ترسم خيالات عن حفل زفاف مثالي، عن يوم مغادرتها لبيت والدها في درعا بـسوريا إلى حياة جديدة قالت إنها شهدت زواج أختيها الكبيرتين وكانت تتمنى لنفسها زفافا أحلى منهما.
لكن الأقدار شاءت أن تتزوج آمنة قبل أيام في مخيم الزعتري للاجئين السوريين بـالأردن، وبرغم ذلك عبرت عن سعادتها بهذا الزواج الذي قالت إنه لا يقارن بزواج المرء في بلده وبين أهله.

أما العريس وسيم فاختلطت مشاعر الفرحة لديه بالغصة، وقال “حتما كنت أتمنى الزواج ضمن ظروف أفضل في بلدي، لكني سعيد بالأقارب والجيران الذين شاركوني الفرحة والأصدقاء الذين رفعوني على أكتافهم احتفالا بزواجي”.

تكاليف مالية

قال والد وسيم إنه اشترى “كرفانا” إضافيا ليعيش فيه ابنه وعروسه، وإن تكاليف الزواج في الأردن باهظة جدا، عند مقارنة العملة السورية بنظيرتها الأردنية، لكن هذه التكاليف داخل المخيم لا تشبه مثيلتها خارجه، كما يروي.

العديد من الشبان والشابات تزوجوا وأنجبوا داخل المخيم منذ تأسيسه قبل أكثر من ثلاث سنوات، احتفلوا بطرق بسيطة وبإمكانيات قليلة بحسب ما يتوافر لكل عائلة.

فأحمد الذي تزوج قبل فترة في مخيم الزعتري لم يجد سوى خاتم زواج ليقدمه لعروسه، وقال إنه دعا الأقارب، بينما احتفلت بنات العائلة والجيران في كرفان العروس.

وأم محمد كانت صاحبة صالون تجميل للسيدات في سوريا، ولا تزال تمارس تلك المهنة في المخيم، تقول إنها قامت بتزيين عشرات العرائس في كرفان خصصته لهذا الغرض، ومن بين تلك العرائس بنت أختها.

وتضيف أنها بدأت في الخيمة التي كانت تعيش فيها عندما وصلت إلى المخيم، مشيرة إلى أن العرائس كن يجدن صعوبة في تأمين ثوب للزفاف، وبعد فترة من عملها استطاعت شراء واحد من خارج المخيم وبدأت بتأجيره، قبل أن يصبح لديها مجموعة من الفساتين التي تؤجرها.

وتروي أن تكلفة تزيين العروس التي تشمل ليلة الحناء وليلة الزفاف وتأجير فستانين يساوي أقل من مئة دولار، وهو سعر لا يمكن مقارنته بالتكاليف في أي مكان خارج المخيم.

وتشير إلى أن معظم الناس يختارون يوم الجمعة للأعراس، وأحيانا يجتمع لديها أكثر من عروس واحدة في أيام الجمع وخاصة في فصل الصيف.

مظاهر الاحتفال

غادة وهي شابة تزوجت قبل شهور قالت إنه عند وصولها إلى المخيم قبل ثلاث سنوات كانت فكرة الزواج في المخيم مستهجنة بالنسبة للكثيرين وهي واحدة منهم، لأن الجميع كانوا يأملون في العودة سريعا إلى سوريا، بالإضافة إلى حالة الحزن والحداد على من يفارقون الحياة يوميا في الحرب، إلا أن إقامتهم في المخيم طالت أكثر مما توقعوا، والقتل اليومي أيضا لم يتوقف، فكان لا بد للحياة أن تستمر، بحسب تعبيرها.

وقالت إن مسحة من البهجة تظهر في المخيم خلال الاحتفال بالأعراس، فهناك من يضع بعض الزينة خارج الكرفان، في حين يعقد الشباب حلقات الدبكة.

وتضيف أن النساء لا يزلن يحتفلن بحنة العروس قبل ليلة من الزفاف في بيت أهلها، كما أن عادة “النقوط” أيضا لا تزال مستمرة، أي تقديم مبلغ نقدي للعروسين كهدية، مشيرة إلى أنها تكون مبالغ بسيطة ورمزية جدا.

أما فيما يخص السكن فتؤكد غادة أنه ليس من العسير أن يستقل العروسان في سكنهما منذ البداية، لأن ما يطلقون عليه اسم بيت في مخيم الزعتري يكون عبارة عن كرافان إلى جانبه حمام صغير من التوتياء، إلا أن ثمن هذا الكرفان قد يكون عائقا أمام الكثيرين.

(الجزيرة نت)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى