ترصد أنظمة الاستشعار عن بُعد في مركز ” #طقس_العرب الإقليمي”، تَغيّراً جذرياً في شكل و مسار التيار النفاث في نصف الكرة الأرضية الشمالي بدءاً من الأسبوع الأخير من شهر كانون ثاني 2024، ويتابع المختصون في مركز “طقس العرب”، عن كثب مآلات هذا التغير الكبير في التيار النفاث و ذلك عبر إجراء محاكاة حاسوبية و حسابات إحصائية، و التي باتت تشير إلى ازدياد فرصة تدفق #رياح_قطبية #قارسة_البرودة بالقرب من الأردن و في منطقة بلاد الشام، ستهوي بدرجات #الحرارة إلى مُستويات مُتدنية للغاية في عموم الشرق الأوسط وسط مخاوف من موجات برد تؤثر على المنطقة.
و على صعيد مُتصل، يُنظر لهذا التغيير بأنه قد يكون إيجابياً نظراً لكونه إشارة بأن الأنماط الجوية ستتوزع بشكل جديد في جزء كبير من نصف الكرة الشمالي، بشكل سيؤدي على ما يبدو إلى عودة السلوك الشتوي المُعتاد إلى المنطقة عبر ازدياد فرص تشكل مُنخفضات جوية شتوية ناضجة في المنطقة، حيث تأثرت الأردن و المنطقة الشرقية للبحر الأبيض المُتوسط منذ بداية الموسم المطري بالعديد من المُنخفضات الجوية و التي جلبت كميات ممتازة من الأمطار بحمد الله فاقت أدائها المُعتاد حتى تاريخه 16-1-2024 في غالبية مُحافظات المملكة، إلا أن هذه المُنخفضات و بالرغم من تواترها و عدم انقطاعها لفترات طويلة عن المنطقة لم تكن مُتعمقة بما فيه الكفاية لتُصنف بدرجات مُتقدمة و لم تكن ناضجة من الناحية الشتوية.
موجات باردة للغاية على المنطقة تلوح في الأفق
و بالرغم من بُعد المدة الزمنية و الذي يؤدي إلى تشويش كبير في عمل أنظمة المُحاكاة الحاسوبية لتَبِعات هذه التغييرات للتيار النفاث على المنطقة، إلا أنه يُمكن القول بأن فرص تأثر المنطقة بموجات باردة وتدني كبير لدرجات الحرارة و حدوث #موجات_صقيع باتت مُتوسطة إلى مُرتفعة في الأيام الأخيرة من الشهر الجاري في منطقة الشرق الأوسط، و تشمل الأردن و فلسطين و سوريا و لبنان و العراق بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية و دول الخليج.
و تُشير بعض أنظمة المُحاكاة الحاسوبية بأن درجات الحرارة قد تقل عن مُعدلاتها الطبيعية في بعض المناطق مع نهايات الشهر بأكثر من 5 درجات مئوية على الأقل.
هل يعني ذلك تساقط #الثلوج؟
إن وصول و تدفق #الرياح_القطبية بالقرب من المنطقة و الأردن من شأنه أن يفرض على منطقة بلاد الشام هبوط كبير على درجات الحرارة و حدوث موجات صقيع واسعة النطاق إن تحققت، في حين أنه ثلجياً يحتاج إلى أنظمة جوية أكثر تعقيداً لتُحدث تساقطات وحالات ثلجية واسعة النطاق، الأمر الذي لا يُمكن استشعاره من الآن بسبب بُعد الفترة الزمنية، و لكن مع هذا الشكل من الأنماط الجوية و التيار النفاث و عبر الحسابات الإحصائية للأنماط المُتشابهة في سنوات سابقة فإنه يُمكن القول بأن فرصة تساقط الثلوج ترتفع نظرياً مع هكذا ظروف مشابه.
و كمُلخص، فإن فرصة حدوث حالات ثلجية مع هكذا أنماط جوية ترتفع و لكن لا يُمكن البت في حدوثها و شموليتها من الآن نظراً للتغييرات الكبيرة التي يُمكن أن تحدث بسبب بُعد الفترة الزمنية.
غزة تستنجد قبل حدوث هذه الموجات الباردة
و مع إزدياد هذه الإشارات حول حدوث الموجات الباردة و المُنخفضات الجوية في المنطقة، فإنه لا يُمكن النظر إلى هذا الأمر بمعزل عما يحدث في قطاع #غزة، حيث يُخشى أن تؤدي هذه الموجات الباردة و الظروف الجوية إلى زيادة تعقيد المشهد للغزيين جراء ما تقوم به قوات الاحتلال من عمليات عكسرية هناك.
السبب العلمي وراء كل هذه التغييرات
إن تعافي القبة القطبية وعودة للمُنخفضات الجوية العميقة إلى مناطق هامة من الدائرة القطبية الفترة من أهم الأسباب التي تقف خلف هذه التغيرات الجذرية في شكل الأنماط الجوية، حيث أنه في الوضع الطبيعي تكون ما يُسمى بـِ الدوامة القطبية مُتماسكة خلال فصل الشتاء و يدور حولها تيار هوائي غربي عالي السرعة في منطقة أشبه بالإعصارية من الضغط الجوي المُنخفض، و ينشط حينها التيار النفاث القطبي الذي يُساعد في توجيه أنظمة الطقس، و لكن منذ بداية فصل الشتاء الحالي تشهد الدوامة القطبية إختلالاً واضحاً يتمثل في ضعف و تباطئ في الرياح الغربية و وصل هذا التباطؤ ذُروته في هذه الأيام، الأمر الذي عزز من تنامي ضغوط جوية مُرتفعة في مناطق هامة من القطب الشمالي و في طبقات الجو كافة و كان ذلك كافياً لحدوث انزياح في مركز الدوامة القطبية، و هو ما انعكس أيضاً على نماذج المُحاكاة الحاسوبية التي أصبحت مُشوشة و مُنخفضة الدقة على غير العادة و الحديث هُنا أكثر عن النماذج الخاصة بالتنبؤات طويلة الأمد.
بيد أن أنظمة المُحاكاة الحاسوبية بدأت تستشعر تعافي كبير لمنظومة الدوامة القطبية في أجزاء هامة من الدائرة القطبية خلال الفترة القادمة بإذن الله.
و الله أعلم.