طريق جرش وعجلون: الانهيارات وغياب المحاسبة والمسؤوليات
عبد الفتاح طوقان
من اهم أسباب انهيار الطرق عدم دراسة مسار الطريق الأفضل والانسب والامن، عدم اخذ عينات كافية على طول امتداد المسار لأعماق كبيرة، عدم معرفة ما إذا كانت التربة المقام عليها الطريق بها محتوى مائي او مدى كمية الامطار التي قد تتعرض لها سنويا وكيفية معالجة تصريفها، وعدم دراسة تأثير المياه على التربة والتي يمكن ان يعرضها للانتفاخ او قد تتعرض للانكماش مما يؤدي لانهيار التربة لاحقا. والأهم عدم استخدام ما يحصل من ضرائب على الطرق والسيارات في عمليات الصيانة وصرفها في أوجه أخرى.
ومن الأسباب أيضا هو تغيير نوعية التربة والتعامل الخاطئ عند التنفيذ بدون دراسة وحسابات، مثلما تم في بعض الطرق الأردنية في الثمانينات عندما تم استخدام المفرقعات والديناميت للتفجير لفتح مسارات استخدمت للإنشاء، وهو ما ادي الي خلخلة للتربة دون معالجة تثبيت لاحقا بعد عمليات التفجير، ومع وجود عنصر مائي لاحقا ادي الي ما هو حاصل اليوم من انهيارات.
ومن الجانب الإداري والسياسي، تعاقب وزراء بلا خبرة هندسية ولا خلفية ذات رؤية مستقبلية لما يمكن ان يحدث والضرر النتاج عن اغلاقات الطرق وما يسبب من خسارة للمواطن والاقتصاد الوطني، جل اهتمامهم ان حدث انهيار ” اللقطة ” و”الصورة” والظهور في الموقع مع كم من الإعلاميين لجذب انتباه الباب العالي.
وهذا في حد ذاته “انهيار أخلاقي قبل ان يكون انهيار طرق” مع غياب محاسبة مكاتب التصميم او المقاول المنفذ او من تسبب في إيجاد أسباب ساعدت على الانهيار لوضعهم امام مسؤولياتهم التعاقدية القانونية. والحديث هنا يشمل كل الطرق من السلط الي جرش ومن العقبة الخلفي الي الرمثا. وغيرها. امثلة واضحة علي التقصير وغياب المحاسبة لكل الأطراف.
وهنا اود التوضيح ان هناك فرق كبير بين من تخرج من كلية هندسة، امضي بها عدد من السنوات وسجل اسمه في نقابة المهندسين وعين في وظيفة، وبين من هو مهندس حقيقي على ارض الواقع، يدرس ويبحث ويجد حلولا ويطبق علما ولديه رؤية، وهو ما افتقدته أكثر مناصب الدولة الوزارية فيما بتعلق بالوزارات ذات الطبيعة الهندسية سواء هي الاشغال او المياه او النقل فغابت الحلول وتراكمت المشاكل وخسر الاقتصاد الوقت والمال.
نقابة المهندسين الأردنيين وجمعية الطرق الأردنية اقامت العديد من الندوات العلمية عن الطرق والانهيارات وكيفية استخدام أحدث الوسائل لمعالجة الانهيارات ولكنها كلها اغلق عليها في الادراج الي ان وقع الفأس في الرأس.
الاغلاقات وقطع الطرق ستتزيد المواطن إرهاقا، وتعقيدات غير مستحبة مرورية واضطراب حركة السير، ولكن لا مفر منها نتيجة غياب الدراسات المسبقة وسوء الإدارة الهندسية بدءا من موافقات علي التصميم و اختيار المسار و انتهاء بعدم وجود أي موانع لحدوث مثل تلك الانهيارات حيث لم تؤخذ في الحسبان.
في الوقت ذاته لابد من حلول ناجعة، حيث سبق و استخدم “جابوينز” أي قفف من الأحجار المربطة بالأسلاك لمنع تساقط الصخور وهي بالمناسبة لا تقي مئة بالمئة، (استخدمت علي سبيل المثال عند سيل الزرقاء) ، و لكنها في جانب واحد من الطريق بينما الجانب الاخر المطل علي الوادي الانهيارات جبلية كادت ان تودي بالسيارات و دون معالجة بجدران استناديه و مقاطع عريضة إسمنتية او بسوتار حديدية تزرع و تثبت بطريقة هندسية مدروسة، كما و بالإمكان عمل قصات أي زياد حرم الطريق بما تحتاجه القصات و الجدران.
أن فعالية أي وزير، ليس في اغلاق الطرق وتحويل المسارات، لان استخدام الطق سالكة و امنة هو حق للمواطن بلا أي تردد، و الاغلاقات في العادة عرف واجب و حل مؤقت لا يحتاج الي ابراز اعلامي و ليس عبقرية، ولكن الفعالية هي في سرعة إيجاد الحل الهندسي ومعالجة الانهيارات والانزلاقات والاختلالات بما يعيد افتتاح الطرق بأمان و يسر امام السيارات و الشاحنات ووسائل النقل كلها دون أي تآخير، و تتحل الحكومة هنا المسؤولية كاملة ، و هي احد أسباب النظر في ” الثقة الممنوحة” في الدول المتقدمة و الديمقراطية ان لم تنجح في الوقت المناسب بإعادة الوضع لما يجب ان يكون.
عبد الفتاح طوقان
رئيس جمعية الطرق الأردنية الأسبق
عضو الاتحاد الفيدرالي للطرق في واشنطن
عضو جمعية الطرق الكندية
عضو لجنة النقل والطرق / الاتحاد الاورومتوسطي
aftoukan@hotmail.com