إنهم لا يخجلون! / د.منصور محمد الهزايمة

إنهم لا يخجلون!

كان فوز دونالد ترامب مفاجأة أذهلت العالم بكل الاعتبارات حيث كانت كل المؤشرات والتنبؤات البشرية وحتى الحيوانية مع كل مقاييس الرأي العام تقترب من إعلان فوز المرشح الأخر بثقة مطلقة لا تقبل التأويل.
رغم هذا يضطر أحد خبراء الرأي العام العالمي سام وانغ إلى أكل حشرة على الهواء مباشرة وفاءً لوعدٍ قطعه قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية إذا حصل ترامب على أكثر من 240 صوتا من المجموع الانتخابي، مؤكدا ثقته في أن ترامب لن يفوز بالرئاسة كما توحي بذلك استطلاعات الرأي.
كم هي فكرة طيبة لو أنه كلما خرج علينا أحدهم ليتحفنا بسرد القصة أن يتعهد على نفسه بشيء مشابه ويلتزم بالوفاء بما تعهد به.
الخبر أثار اهتمامي لجهة المقارنة بين الرجل وسدنة المحللين والخبراء الذين تعج بهم دكاكين الإعلام العربي ممن ينطبق عليهم مقولة كلام الليل يمحوه النهار والكذب ملح الرجال أو مقدمي الأخبار.
قبل أيام قادتني الصدفة إلى دكان لا أعرفها من قبل لأشاهد حنجلة أحدهم ممن لا تستطيع أن تصفه إن كان مهرجا أو مشعوذا أو ساحرا أو معالجا ليدعي بإنه كان يعرف قبلاً فوز ترامب لكنه لم يعلن عنه إذ طلب منه ذلك وهو يعرف ما يقول ولا ينطق عن الهوى فتشعر تماما أنك امام مشهد كوميدي أسود بائس.
كثيرا ما يضحكنا الأدعياء في الإعلام العربي عندما تسقط قصصهم كأوراق الخريف ومنذ عقود ومع ذلك لا يرف لهم جفن ولا يطق في وجههم عرق الحياء بل نراهم يغيرون جلودهم ويتقلبون بين المراحل مثلما يغيرون ملابسهم بتقلب الفصول.
ليلة انقلاب تركيا يمكن أن تسمى ليلة سقوط الاعلام العربي بمعظم غرفه بإمتياز حيث غرق في مسرحية بائسة ففي إعلام الانقلاب تصل المماحكة حد الردح امّا إعلام الكراهية الطائفي فقد نسج قصص الخيال لمّا بعد الرئيس!.
تلك الليلة كانت رائحة تلك الدكاكين تزكم الأنوف وبنفس الوقت أحسست أنني أشاهد برامج الكوميديا السوداء بل كثيرا ما شعرت أن هولاء الغربان لا ينقصهم سوى بدلات الرقص.
كان الإعلام المصري -وأحدهم على وجه الخصوص- يثير السخرية وهو يرقص فرحا بالانقلاب لكن عندما يُفشل الشعب الانقلاب لا يختفي إلى الابد بل يخرج عليك في الليلة التالية ينعم بسذاجته فهو دفاعا عن انقلابه فلا بأس لديه أن يمسخر نفسه في محاولة يائسة لوضع الانقلابات في سلة واحدة لتزيد خيبته أكثر عندما يدين العالم كله الإنقلاب ويحيي الشعب التركي وشجاعته.
الإعلام العربي ما زال تنقصه الرزانة التي تجعله يحظى بالرضا أو الاحترام لدى المشاهد العربي ولذا تبدو أكثر المحطات وكأنها ليست أكثر من استراحات خاصة يمارس فيها أصحاب السيادة والمال السياسي من أفراد ودول نفوذهم بل ساديتهم في السيطرة و الإبتزاز بإستخدام الأدوات الرخيصة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى