سواليف
تجري مصر مناورات عسكرية ضخمة قرب حدود ليبيا تحت اسم “حسم 2020″، بعد أيام من إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مدينتي “سرت”، و”الجفرة” خط أحمر بالنسبة للأمن القومي للبلاد.
مصدر مطلع قال إن المناوارات التي لم يعلن عنها الجيش المصري مسبقا، وتستمر بين سبعة إلى تسعة أيام، “رسالة واضحة لتركيا أن القوات المسلحة مستعدة لأبعد الخيارات في التعامل مع الملف الليبي”.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن “المناورات أقرب إلى محاكاة الحرب؛ حيث تستخدم قوات الأفرع الرئيسية الذخيرة الحية وبكثافة”.
وذكر بيان المتحدث العسكري المصري، أن المناورة “شملت المرحلة الرئيسية قيام طائرات متعددة المهام، بتأمين أعمال قتال القوات وتقديم المعاونة الجوية بغرض القضاء على عناصر المرتزقة من الجيوش غير النظامية، وتنفيذ رماية لاستهداف مناطق تجمع تلك العناصر ومراكز القيادة ومناطق التكدسات والدعم اللوجيستية .
مناورات تركية
وتأتي المناورات العسكرية المصرية التي تشارك فيها أفرع القوات المسلحة الرئيسية على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، بالتزامن مع إعلان تركيا أنها ستجري مناورات بحرية ضخمة قبالة السواحل الليبية خلال الفترة المقبلة.
وذكرت صحيفة “يني شفق” التركية، أن المناورات ستتم بمشاركة طائرات حربية وقطع بحرية في 3 مناطق مختلفة، وتحمل أسماء “بربروس”، و”تورغوت ريس”، و”جاكا بي”، وهم أسماء قادة بالبحرية العثمانية.
وأجرت القوات التركية، مناورات بحرية ضخمة في 11 حزيران/ يونيو بمشاركة عناصر النخبة من القوات الجوية والبحرية.
وأشارت الصحيفة التركية إلى أن المناورة أرسلت رسالة لدول شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط، مفادها أنه “يمكن أن نصل لأي نقطة نريدها”.
7 مناورات في 4 شهور
الباحث في الشؤون العسكرية المصرية، محمد جمال، قال إنه “بشكل عام تُجري مصر محاكاة حرب على الاتجاهات الأربعة سنويا، لكن مناورة حسم 2020 هي مناورة جديدة، منذ شباط/فبراير 2020 حدثت تدريبات مكثفة للجيش المصري في الاتجاه الشمالي الغربي، وهي تدل على تأهب الجيش لأي حرب؛ لأن ليبيا بالنسبة له (السيسي) أمن نظام وليس أمنا قوميا”.
واعرب في تصريحات لموقع “عربي21″عن اعتقاده أنه “في حال تخطي قوات الوفاق الحكومية خط سرت والجفرة سيدفع السيسي بالجيش المصري للتدخل بشكل مباشر”، مشيرا إلى أن “مناورات حسم هي محاكاة حرب، وتشارك فيها كل التشكيلات العسكرية، ويوجد تكثيف للقوات البرية ونقل ضخم للمعدات العسكرية، إلى جانب تهيئة الجيش معنويا”.
وكشف أنه: “في شباط/فبراير الماضي، أجرت مصر تدريبين بالبحر المتوسط باتجاه المنطقة الغربية أحدهما بحري والآخر جوي وكلاهما مع فرنسا، وفي آذار/مارس أجرت تدريبا بحريا جويا، وفي نيسان/أبريل أجرت تدريب طارق 40 بالمنطقة الشمالية، وفي شهر أيار/مايو أجرت تدريبا بحريا في المياه الإقليمية المتاخمة للمياه الليبية، وفي شهر حزيران/يونيو أجرت تدريبين، الشاهد أن مصر أجرت سبعة تدريبات في أربعة شهور، فقط للاستعداد لخوض حرب حقيقية في ليبيا”. حسب قوله.
ضغوط مصرية
ورأى عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق، محمد عماد صابر، أن “المناورات هي رد فعل لمناورات تركيا”، لافتا إلى أن “السيسي ومن حوله لن يذهبوا أبعد من المناورات والمؤامرات، ورغم أن كل شيء ممكن حدوثه، لكن حربا معلنة بقوات كاملة مستبعد”.
وأضاف في حديث لموقع”عربي21″: “لكن من الممكن أن نشاهد بعض العمليات النوعية هنا وهناك، وقد تم منذ أيام هجوم جوي على قاعدة الوطية وآخر على قوات فاغنر والدفاعات الروسية، هناك اتفاق روسي خليجي مصري على فرض حفتر مرة أخرى”.
وأكد صابر أن “استبعاده ( أي حفتر) معناه هزيمة حقيقية للمربع الصهيو خليجي مصري، والبديل ليس سهلا، وما يتم هو نوع من الضغط لتقبل حكومة الوفاق والحليف التركي الجلوس مع حفتر والتفاهم معه”.
رسائل سياسية
في تعليقه على تلك المناورات أكد رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل، أن “استعدادات وتدريبات الجيش المصري على الحدود مع ليبيا لا يجب التهويل من شأنها؛ لأن الجيش يعاني من ضعف في التدريبات عموما وغير مستعد لخوض غمار أي حرب حاليا”.
واعتبر في حديثه لموقع “عربي21” أن “مثل تلك المناورات هي مجرد رسائل سياسية أكثر منها رسائل عسكرية، وهي محاولة لاستعراض القوة من أجل الضغط سياسيا لتحقيق توازن في عملية التفاوض”، مشيرا إلى أن “المسألة الليبية أكبر بكثير من مصر وتركيا، هناك تداخلات دولية كبيرة وغير مسموح لأطراف بعينها فرض سيطرتها”.
واستدرك قائلا: “إلا أن تركيا تجيد اللعب سياسيا بالتقارب مع إيطاليا، ودول الجوار الليبي، والضغط على فرنسا، وتوازناتها بين الروس والأمريكان، لكن النظام المصري لا يجيد اللعب بالطريقة نفسها؛ لأنه يبحث عن مصالحه الشخصية مع الاتجاه الخاطئ، وكان من الممكن أن يؤدي دورا أقوى لو كان لدى النظام شخصية قوية”.