طبول الحرب العالمية الثالثة تقرع
الحرب العالمية الثالثة رُسمت أحداثها وخططها منذ أحداث الحادي عشر من أيلول المفتعلة بتدمير أكبر برجين ضحّت بهما أمريكا بتدبير من السي آي ايه والموساد الصهيوني ،تلك الحرب المرسّخة في الذهنية الصهيونية التي آمنوا بوقوعها كما آمن بها ريغان ،وبوش الأب والابن .
الحرب العالمية الثالثة بدأت بالغزو الأمريكي لأفغانستان ،وتدمير العراق ،وتأجيج الربيع العربي، وتمويله، وتوجيهه، لإبادة الجيوش العربية تحقيقا لحلم إسرائيل من النيل إلى الفرات ، وخطّة القضاء على تلك الجيوش والتخلص منها أن تهلك وتباد على يدِ شعوبها، لاستغلال أبناء تلك الدول حطباً يحترق قبل المواجهة بين أمريكا والروس،وصنع الإرهاب الداعشي الوهمي الذي يلتهم بنَهَم السّني والشيعي خيرة الشباب القادر على حمل السلاح.
مفاوضات السلام ومن الثوابت التي نؤمن بها سابقا واليوم والغد أن نتائجها فاشلة، وما هي إلا كالمخدّر للشعوب والمتقاتلين حتى يتم تصفيتهم ،واستنزاف قواهم ، وإنهاك الدول التي تمدّهم بالأرواح السنيّة الشيعيّة على مذابح المسالخ التلمودية ضماناً لإنجاح الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية التي تُهيئ للحرب الكبرى وحُلم تمدد إسرائيل.
منذ بداية الثورة السورية ،ثورة درعا ولعب الأطفال كان رأيي أن أمد الحرب طويل لا يقل عن خمس سنوات من القتل والذبح والدمار ،وأن الحرب لن تقف عند الحدود السورية بل ستمتد لتطال دول الجوار بما فيها لبنان ،والسعودية ،لترمي بشررها على إيران المستهدفة بعد الأمة العربية وتشكيل شرق أوسط جديد تصبح فيه إسرائيل إحدى أعضاء جامعة الدول العربية .
شكل التحالف كان معلوما قبل أن يقال هناك تحالفات، وبدأت ملامحها تتشكل، ثم تنهار وتتغير وتتبدل نتيجة الأحداث الغير متوقعه كما حصل بين تركيا وأمريكا بعد الانقلاب الفاشل، وتوتر العلاقات والتحول التركي صوب الروس، وكذلك الانقلاب على الشرعية المدعوم من السعودية والإمارات وأمريكا لينقلب السحر على الساحر، فمن خان رئيسه ووطنه يسهل عليه خيانة من دعمه وآزره ليتحول إلى خنجر مسموم في ظهورهم جميعا .
رغم تغيير شكل التحالفات بين فترة وأخرى لكن للدول العظمى سياستها وخططها الاستراتيجة، ولديها الخطط البديلة ،وبكل الظروف ترسانتها من الأسلحة الحديثة المتطورة تغنيها عن كل التحالفات الشكلية والرمزية لبقية الدول الواهنة والتي لا تعتبر إلا غطاء وشريكا في الجرائم لا أكثر ،وكلا من أمريكا وروسيا إن وقع الصدام بينهما فلن تكون الحرب حرب جيوش على الأرض فلديهما من السلاح المتطور القادر على جعل جيشا كاملا كالرماد ،ولكنها ستكون حربا شرسة تتساقط فيها الطائرات كالجراد المنتشر ،وتغوص أكبر البارجات كحوت ظهر واختفى بلمحة بصر .
كل ما جرى على الساحة السورية منذ خمس سنوات ،أمريكا تدرك أنّ هذا تهيئة للرأي العام الدولي، ولإقناع الشعوب أنها حاولت أن تحل مشاكل المنطقة بالطرق السلمية، ومن خلال المفاوضات ،لكن كلاً من روسيا وإيران رفضتا الحل السلمي ،علماً أن أمريكا هي من غضّت الطرف عن جرائم روسيا وسفكها للدماء ،وجرائم إيران في سوريا والعراق ،وسهّلت لانقلاب الحوثيين في اليمن ،وغضّت الطرف عن جرائم الجيش العراقي والمليشيات الشيعية المجرمة بالعراق وسوريا بحق أهل السنة ، لتعطي لنفسها تبريرا بأنها من يدافع ويناصر قضايا المظلومين وخاصة حلفائها ،لكنها بنفس الوقت تدير الحرب الثالثة وتستعد لها وتهيّئ الظروف والمبررات، وهي تعي وتدرك إلى ما ستصل إليه الأمور من صدام حقيقي يأخذ ثلثي العالم بطريقه .
في المقالات السابقة ومنذ اندلاع الثورة السورية بيّنت أن المستهدف بعد العرب إيران ،رغم ما يراه البعض أن إيران وأمريكا على اتفاق تام، ولكنه اتفاق على المصالح المؤقتة على الخراب والتدمير مؤقتا ليتم الانقلاب لاحقا، وبينت أن أمريكا لا تستطيع أن تخوض حربا جديدة في سوريا كما فعلت مع العراق لأن ما تم في العراق أثلج صدر إيران ، في حين أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في الدفاع عن مشروعها ألصفوي في سوريا ولبنان واليمن والعراق ،وبالتالي كانت الحرب في العراق وسوريا واليمن فرصة أمريكا لتستنزف إيران اقتصاديا وتستنزف جيشها والمليشيات الشيعية والإيرانية وقوات بدر وفيلق القدس والحيثيين وحزب الله بنفس الوقت ،لأن أمريكا تخشى من ثورة الشعب وحرب المليشيات أضعاف ما تخشاه من الجيوش ،كما تخشى على رعاياها بكل العالم والخوف من ضرب مصالحها ، والاعتداء على قوافلها البحرية كما حصل مؤخرا في باب المندب وهذا توقعته أن يحصل في العام 2014 وفعلا حصل هذا الأسبوع وتم الاعتداء مرتين على بارجتين وقصفهما بالصواريخ .
يبدو أن أمريكا نفذ صبرها وفشلت سياستها الخارجة واغلب خططها الإستراتيجية والصورة الذهنية لشكل التحالفات التي رسمتها لخوض الحرب العالمية الثالثة ، ومن الأخطاء الإستراتيجية القاتلة لأمريكا :
ــ حاولت الإطاحة باردوغان والانقلاب عليه وفشل الإنقلابي ” فتح الله كولن ” فانقلبت عليها تركيا وتخلت عن تحالفها وبذلك خسرت أكبر حليف استراتيجي وأهمية موقعه في الحرب القادمة
ــ انقلبت على الرئيس محمد مرسي بتعاون خليجي لأنه كان داعما للثورة السورية وأطاحت به ،فانقلب السيسي على السياسة الأمريكية السعودية وتوجه إلى دعم بشار والروس وإيران.
ــ كانت السعودية تشكل العمود الفقري لها اتهمتها بالإرهاب ،وأوقفت عنها التسليح، وحجزت على أموالها فتوترت العلاقات بينهما وهذا سيربك السياسة الأمريكية ،وبذلك خسرت أكبر ثلاثة حلفاء مصر ،تركيا ،السعودية ،ولم يبقى لها بالمنطقة حلفاء استراتيجيين إلا الأردن ،وإسرائيل،وهذا سيؤثر على قواعدها العسكرية واستخدامها لانطلاق العمليات مستقبلا .
روسيا في بداية الحرب كانت تقف موقف المراقب، رغم انهيار قوات نظام بشار الأسد،ولكنها كانت تأمل بإيران أن تعوّض الأسد عن خسائره وتمده بالمال، والسلاح، والمقاتلين، من الجيش الإيراني، والمرتزقة، والمليشيات الشيعية، قوات بدر، وفيلق القدس، وقوات حزب الله،إلا أنّ كل ّ هذا لم يصمد أمام شراسة فصائل المقاومة ولحقت بها خسائر فادحة ،حينها أدركت روسيا أن نظام بشار الأسد زائل لا محال فكان التدخل الروسي المفاجئ وبقوة رغم وجود قوات سابقا على الأراضي السورية ولكن تم تعزيزيها وتطويرها وانقلبت الموازين لصالح بشار ولو جزئياً، وهذا أربك القرار الأمريكي مع أنها كما بينت غضت الطرف عن جرائم الأسد وإيران لتأليب العالم عليها وإخفاء كل تاريخها الأسود الملطخ بالدم،ووقفت موقف المتفرج أمام الجرائم التي قامت بها روسيا للآن لإقناع العالم بضرورة التدخل الأمريكي المباشر لإنقاذ الشعب من ظلم الحاكم والتدخل الأجنبي .
الآن انتهى اللعب مع الصغار – وهذا نعلمه مسبقا – لأنهم ليسوا إلا قرابين وليسوا أكثر من مبررات يسفك دمهم لإقناع العالم بالوحشية الإيرانية الروسية الداعشية، والمفاوضات وصلت إلى طريق مسدود لا رجعة عنه، إيران وخلفها روسيا لن تتخلى عن سوريا مهما كلّف الثمن ،وأمريكا لن تسمح للروس الحليف الإيراني أن يصبح نفوذه من “الخليج الفارسي” إلى البحر المتوسط،وبالتالي فإن الصدام محتوم وسيقع آجلا أو عاجلاً، والمسألة قضية وقت ومن يبدأ بالضربة الأولى لتضيء سماء الوطن العربي بنيران لن تنطفئ .
ما يجري الآن هي البداية الحقيقية لبداية الحرب العالمية الثالثة ،لكن الأمور على الأرض أكثر تعقيدا،رغم تغيير شكل التحالف الذي كان متوقعا :
ــ تبقى الموصل وداعش قضية مهمة أكثر من حلب، فالجيش العراقي ومليشياته يحشدون بقوة لتحرير الموصل ،وهذا يعني استخدام قوة نارية مفرطة وسفك دماء ،وارتكاب مجازر من قبل المليشيات بحق أهل السنّة وربما تنطلق شرارة حرب أهلية تجوب العراق ولا تنطفئ وتستغلها داعش بقوة.
ــ الأكراد يصرون على التدخل بمعركة الموصل، والعبادي يرفض ،وأمريكا أكبر داعم للمشروع الكردي .
ــ تركيا دخلت بجيشها لمحاربة الأكراد ومنع قيام كيان كردي ملاصق لحدوها والعبادي يطالبهم بسحب قواتهم وتركيا ترد بعنف والعلاقات متوترة تنذر بوقوع صدام بين الجيش التركي والعراقي ومليشياته وهذا يعني حرب مفتوحة إن بدأت ،فتركيا أقرب الآن للحليف الروسي وبالتالي هي أقرب من إيران والعراق على اعتبار انهم حلفاء روسيا .
ــ هذا سيؤثر على مجريات الحرب لو تم الصدام بين أمريكا وروسيا ويغير كثير من المعادلات ويربك سير المعارك في حلب،وأي صدام بين أمريكا وروسيا.
من الدلائل الأخرى على أن أمريكا فعلا بدأت تفكر بالصدام المسلح ومواجهة روسيا ، تهديدها بضرب وتدمير ما تبقى من قوات نظام بشار الأسد، الرئيس الأمريكي يعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأمريكي ،وشمل الاجتماع أركان مختلف الجيوش العسكرية الأمريكية وتشكيلاته ،وقادة الأجهزة الأمنية،والاستخبارية ،لتدارس الخطوة القادمة لأمريكا في سوريا واللجوء إلى القوة لتدمير قوات بشار.
والدلالة على سوء النوايا المبطنة أتوقع أن الضربات التي تم توجيهها إلى المدمرة الأمريكية في باب المندب هي مفتعله وهكذا قبل أي حرب يتم اختلاق أفعال ومبررات كما تم عند اختلاق هدم برجي التجارة في نيويورك لتنطلق حرب أفغانستان، والعراق، ثم الربيع العربي ، والهدف من ذلك ضرب قوات الحوثيين سلفا لإبعادهم عن منطقة الساحل تخوفا من حصول هجوم حقيقي مستقبلا ،وخلق ذريعة لتعزيز الوجود الأمريكي في “الخليج الفارسي” لمواجهة القوات الإيرانية البحرية لأن الصدام البحري مؤكد، وإيران إن وقع صداما مع روسيا ستضرب القوات الأمريكية في البحر بقوة وعنف،وكتبت بمقالات سابقة أنه سيتم إغلاق باب المندب من خلال تدمير ناقلات نفط عملاقة في تلك المنطقة، كما أتوقع أن تضحي أمريكا ببارجة من بوارجها وتغرقها وتنسب ذلك للروس أو إيران .
الحرب في بدايتها وملامحها الأولية ولا أتوقع أن تندلع بشكل شامل دفعةً واحدة، حتى وإن بدا الفعل وردة الفعل، روسيا لديها ما يكفي من السلاح وصواريخ اس اس 300-400القادرة على إسقاط أي هدف عن بعد 240 كم ، وأعلنت أنها ستقوم بالرد في حال تعرضت قواتها لأي قصف وبحزم، ولا أتوقع أن تقوم أمريكا باستخدام الطائرات في أول هجوم لها على قوات الأسد،والاحتمال الأكبر أنها ستقوم بالقصف بصواريخ عابرة للقارات الموجهة بعيدة المدى،وتدمير مواقع الرادارات،والاتصالات، والمطارات،ومراكز القيادة والسيطرة ،وتجمعات الجيش السوري.
وبهذه الحالة فإن القوات الروسية معرضة للخطر والإصابة المباشرة لأن لها خبراء ومستشارين بالإضافة لقواتها المنتشرة متواجدين بتلك المواقع كمستشارين ويعملون على إدارة الرادارات والمطارات،وهنا يبقى الأمر محيرا فما شكل الرد الروسي على القوات الأمريكية لو قامت بالقصف بالصواريخ الموجهة بعيدة المدى وأصيبت كوادرها العسكرية ؟ هل تقصف تجمعات الجيش الأمريكي ،أم تقوم بقصف المدمرات والبوارج الأمريكية في المتوسط “والخليج الفارسي”!! ،أم تعطي الضوء الأخضر لإيران لتقوم بمهاجمة القوات الأمريكية في الخليج العربي بالانابة !!!..لا نعلم شكل الرد بالتحديد لكن طبيعة الهجوم هي من تحدد ذلك ،ويبقى الاحتمال الأكبر أن تسقط أي طائرة أمريكية في سماء سوريا واعتبار الأجواء السورية منطقة حظر على الطيران، وان حصل ذلك فهو بداية الصراع الروسي الأمريكي لكن هذا ليس شرطا لاندلاع الحرب العالمية الثالثة المتوقعة ولكنه بداية تشكيل تحالفات جديدة ودخول الصين على الخط إلى جانب روسيا وحشد المزيد من ترسانة الموت والدمار.
في مقالات سابقة نوهت إلى الدلالات التي من خلالها نعلم عن بداية وقوع الصدام بين الدول العظمى ومن هذه الدلائل:
ــ أن تعيد أمريكا نشر قواتها مرة أخرى بالمنطقة بما لا يقل عن250 ألف جندي أمريكي ،لكن بخسارة تحالفها مع مصر وتركيا والسعودية أصبح هذا مربكا لتواجد القوات على أراضي تلك الدول.
ــ ومثل ذلك ستفعل روسيا مع نشر قوات برية بكل تجهيزاتها من الأسلحة الحديثة المتطورة وربما تفتح تركيا أراضيها للقوات الروسية وإيران بالإضافة لسوريا وأتوقع أن تزج بنفس العدد تقريبا ربع مليون عسكري ،أما القوات البحرية من حاملات طائرات وغواصات نووية جاهزة للقتال فهي متواجدة وتجوب البحار بكامل تجهيزاتها القتالية التقليدية وغير التقليدية ، وسيتم تعزيزها لاحقا بشكل أكثر.
ــ كما أتوقع أن ترسل الصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وكوريا مزيدا من الفرقاطات البحرية وحاملات الطائرات وتدعم كل دولة حليفها الاستراتيجي لتغص البحار والمحيطات بكل انواع أسلحة الدمار لأن الأمر يتعدى الوطن العربي ليضرب في اوروبا وأمريكا والصين .
إن تم ذلك على الأرض فهو الاستعداد للحرب الكبرى ،أما ما لم يتم ذلك فهو سيبقى صداما محدودا وإن أقدمت أمريكا على ضرب قوات الأسد بهجوم شامل كما حصل في العراق ،أو هجوم محدود على دفعات من خلال صواريخ بعيدة المدى ،حتى وإن وقع قتلى وجرحى من الجيش الروسي وإن ردت روسيا وأسقطت طائرات أمريكية أو ضربت بوارج أمريكية يبقى الصدام محدود ولكنه الاستعداد للمعركة الكبرى حيث ستبدأ الترتيبات التي ذكرتها وتعزيز القوات وربما تعرض السفن الحربية الأمريكية للقصف من إيران والحوثيين وكذلك إيقاف حركة ناقلات النفط وتدمير بعضها في باب المندب ،عندها تبدأ التعزيزات على الأرض لتصل القوات إلى ما لا يقل عن نصف مليون عسكري بالوطن العربي والرقم قابل للزيادة ،وبعد صولات وجولات سيكون هناك إنذاراً بقصف نووي والرد عليه إنها بداية الملحمة الكبرى ولكن يسخن وطيسها خلال الأربع سنوات القادمة صراع دموي غير محدود .