يبدو #سياسي #أردني رفيع المستوى من وزن #طاهر_المصري مطمئناً اليوم إلى أن ممارسات #حكومة اليمين الإسرائيلي الجديدة تقدم المزيد من الأدلة والقرائن على أن #أطماع #إسرائيل في #الأردن كانت دوماً مؤجلة وليست معجلة، معتبراً أن المملكة الأردنية الهاشمية أولاً وأخيراً تمثل الجزء المؤجل من #المشروع_الصهيوني التوراتي مكتمل الأركان، لما يمثله من أهمية في العقيدة التوراتية الأصولية التي باتت تحكم دولة #الاحتلال.
وتجنباً للاستسلام والإحباط، يرى المصري بأن #الأردنيين و #الفلسطينيين معاً يواجهون الواقع على مراراته، وينبغي التصدي له بكل ثقة ويقين محسوم، مؤشراً إلى أن إدراك الحقيقة هو أساس التحرك، وأن إسرائيل تسترسل في دورها المرسوم بالذهنية الاستعمارية الغربية باطمئنان الآن، وبدعم أمريكي أوروبي، فتعلن أنها دولة يهودية وتقضم الأراضي وتتخذ خطوات لإنجاز حلمها بدولة صهيونية وبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى الذي ارتفعت وتيرة العدوان عليه دون اعتبار للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وأكنافها.
«أرفع مؤشرات القلق»
وفي الخلاصة التي اختار المصري “القدس العربي” لعرضها، وتتضمن ما يمكن وصفه بأرفع مؤشرات القلق والمخاوف وأكثرها حساسية، حسب المصري نفسه، لم تعد هناك شكوك في النوايا الإسرائيلية الخبيثة والمعلنة تجاه الأردن، ولم يعد بعد الآن مقبولاً التشكيك في المخاطر التي كنا نعتقد أنها لن تمسنا، وأننا بعيدون عنها.
المصري أحد السياسيين الكبار في عمان من المشتبكين مع القضية الفلسطينية، ويراقب بشغف رغم إقصائه عن كل المواقع الرسمية وندرة إلحاقه بالتشاورية. تلك المستجدات في المشهدين الإسرائيلي والفلسطيني، التي تقلق الرأي العام والنخب في الأردن حيث لا شروحات ولا إيضاحات، بل تساؤلات مزروعة تنتج القلق موسمياً في كل مكونات المجتمع الأردني.
وزارة الخارجية الأردنية انشغلت في الكواليس، لكن المصري يطالب وتحت بند التصدي بالعمل على أساس اليقين بما يسميه الخديعة الأوروبية والأمريكية، حيث أقل ما توصف به أنها جبانة وتمارس المماطلة والتدليس على العرب منذ عقود، ولن تقف إلى جانبهم في مواجهة الهمجية التوسعية للاحتلال، ولا تتحمل في الوقت نفسه كلفة الاستعمار الذي يستبيح الجميع بدعم أمريكي وغربي. يقف المصري حائراً وهو يشرح لـ “القدس العربي” محذراً في الوقت نفسه: ربما خدعنا أنفسنا بسيناريو العفو والتسامح مع الأوروبيين والأمريكيين عما حصل في الحقبة الاستعمارية المباشرة وما تلاها من زرع الاحتلال ثم دعمه بشكل غير محدود. وربما يسترسل الأوروبيون والأمريكيون في ممارسة الخداع والمواربة ليس علينا فقط، ولكن ضدنا؛ فقد كانوا أوفياء لفلسفتهم الاستعمارية ولأطماعهم من خلال وكيلهم الإسرائيلي.
ولم يكن الأداء لدينا وفياً أو مفلحاً، لا في العلاقة المتوازنة ولا المحايدة؛ فنحن العرب في أضعف حالاتنا اليوم، ولا نمتلك القدرة على مواجهة الأطماع، وإسرائيل تتلقى من الغرب كل الدعم لأنها رأس الحربة في مشروعه، فيما يركن العرب إلى المراوغة الغربية، والتضليل يتواصل في الحقائق على الأرض. تلك على نحو أو آخر -برأي المصري – فكرياً وثقافياً، حالة تموقع هي جزء من صراع الحضارات الحقيقي، سواء في الشرق الأوسط أو الأقصى أو حتى في الشرق الأوروبي.
وتسأل “القدس العربي” هنا المصري عن رؤيته وتحليله لقصة الصراع مع الشرق الأوروبي، فيلفت النظر إلى أن المواجهة بين أوكرانيا وروسيا اليوم هي أحد تجليات هذا الصراع، والولايات المتحدة تنفخ فيه مع الأوروبيين بكل طاقة محتملة، ولا يخفى على المراقب أن الهدف هو استكمال الهيمنة الأمريكية على الشرق بإضعاف روسيا اقتصادياً وعسكرياً، تمهيداً لمواجهة طموحها في التحالف الأوراسي مع الصين والشرق الأقصى. تسأل «القدس العربي» مجدداً: أين نحن العرب من هذا الصراع؟
أين نحن من كل هذا؟
يتنهد المصري هنا ويشير إلى سؤال مشروع تتطلب إجابته التدقيق في خريطة المصالح ورقعة النزاع وتضاريس المنافع. وبرأي المصري، الشرق الأوسط والمنطقة العربية جزء من لعبة المصالح الأمريكية والأوروبية، وفي صلب المعركة التي تدور اليوم بين حلف الناتو من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، وقد كنت وما زلت أحذر بأن الغرب يعتبر الشرق الأوسط حديقته الخلفية، وبأن الصراع الغربي الأمريكي مع الصين وروسيا سيطالنا مباشرة.
نحن في المحطة الأخيرة مثل الصين والروس في “التباين” عندما يتعلق الأمر بالميراث الحضاري، وما يبدو لي عليه المشهد اليوم أن المستعمر الغربي يحاول استعادة ميراثه السالب، وهو بالتأكيد يملك مقومات القوة والهيمنة، وأذرعه ضاربة في الشرق الأوسط. ومن هنا كان من المهم التضحية بأوكرانيا، وكما هي الحال مع زرع إسرائيل، تتكرر المعادلة مع أوكرانيا لمواجهة روسيا ومحاصرة الصين.
وفي المقاربة التحليلية التي خص بها المصري “القدس العربي”، فإن الصراع المشار إليه يبدو للناظرين وكأنه بعيد عنا ويجري في الأطراف، لكن نحن في قلبه بالمعنى الحضاري الأممي، ويستهدفنا مباشرة، وإسرائيل جزء من المخطط بالتأكيد، فيما أمريكا نجحت في إشعال الحرب الأوكرانية ودفعت أوروبا لتكون جزءاً منها. لكن كل هذا الاستعراض في الواقع لا يجيب عن السؤال الرئيسي: أين نحن من كل هذا؟
وهو يقترح في الإجابة هنا أن يتوقف سيل الثقة بإسرائيل وبخطابات أمريكيا وأوروبا، والبدء ببناء قدرات الاعتماد على الذات، وتوقف حالة إطلاق الشعارات التي أصبحت مكشوفة، والتخلي عن هتافات هندسة الإصلاح باتجاه الإصلاح الجذري الحقيقي نفسه حيث لا خيار دون ذلك لمواجهة المخاطر، وإذا لم نسرع في بناء الإصلاح الحقيقي سنكون في وضع كارثي، وما أقوله باختصار هنا أن هذه المهمة الوطنية النبيلة لم تعد تحتمل التلكؤ والتسويف والإنكار.
ويعيد طاهر المصري التذكير بأن الإعلام ينبغي ألا يحل مكان السياسة، وعملية خداع الذات والنفس ينبغي أن تتوقف، وها هو الشعب الأردني كمثال فقط يجوع ويبرد ويفقد قدرته على التكيف مع أوضاعه الاقتصادية والمعيشية، ومن نافلة القول الإشارة إلى أن الإصلاح الحقيقي المنشود يتطلب إصلاحيين حقيقيين، وهو مسؤولية الشعب بكامله، لكنه يحتاج لقرار سياسي مفتوح وبدون سقوف. وفي ختام مداخلته الاشتباكية، يحذر المصري أردنياً من أن “المخاطر تزحف نحونا” وتتربص بنا وتطرق الأبواب، ولن نستطيع مواجهتها لا بمواطن جائع وخائف ومذعور ولا بكبت الحريات وممارسة الإنكار لتردي أوضاع الناس، ولا حتى بمواصلة دفن الرأس في الرمال عندما يتعلق الأمر بالنوايا العاجلة للمشروع الإسرائيلي الصهيوني.