ضياع الحقوق والامر الواقع بديلا عن السلام
د.محمد جميعان
لم يعد مهما ان نسأل عن صفقة العصر او القرن، فهذا الاسم اختفى من قاموس الساسة والاعلام شكليا كاسم وتعبير، في الغرب وأمريكا وبعض الاعلام في المنطقة، واصبح الحديث واضحا جليا عن قرارات المرحلة المنوي تتفيذها من صفقة القرن دون الاشارة الى ذلك بالاسم ذاته.
يكفي هنا ان نتناول ما اوردته عربي تريند التي تحدثت منذ ايام ان رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توجه إلى البيت الأبيض للحصول على ضوء أخضر، قبل إعلان ضم غور الأردن، ومنطقة شمالي البحر الميت إلى إسرائيل، بحسب ما أوردت الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان). وتضيف
ان نتنياهو أعلن، الثلاثاء، خلال إطلاق الحملة الدعائية لحزب “الليكود”، أنه سيتم قريباً جداً ضم غور الأردن ومنطقة شمالي البحر الميت، وباقي المستوطنات الإسرائيلية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها”.
وبحسب الإذاعة التسرائيلية، فإن نتنياهو سواء بشكل مباشر أو عبر عاملين في ديوانه، توجهوا يوم الأربعاء، إلى البيت الأبيض لفحص إمكانية إعلان القرار، قبل إعلان تفاصيله.
سياسة الامر الواقع اصبحت بديلا علنيا ومعلنا عن السلام ومعاهداته، دون مواربة، من قبل اسرائيل، من خلال ضم ما تبقى من فلسطين على مراحل، وبشكل عملي وبغطاء دولي تتوجه امريكا باعلان رئيسها كما جرى بالنسبة للقدس..
ثلاثة مرتكزات للامر الواقع الذي تفرضه اسرائيل بديلا عن السلام وحل الدولتين :
الاول : القوة والاقتدار العسكري والاستخباري والاقتصادي الغاشم الاسرائيلي.
والثاني : الدعم الأمريكي غير المحدود سياسيا ودبلوماسيا الذي ياخذ بعدا دوليا لاحقا، هذا ناهيك عن الدعم العسكري والاستخباري والاقتصادي الكبيرالذي تقدمه امريكا باستمرار.
والثالث: افراغ فلسطين من اهلها وتوطينهم وتجنيسهم في الخارج تحت ابواب ومسميات وحجج ومبررات.. كلها تصب فيما تسعى له اسرائيل من اعلان ضم الضفة واستكمال اعلان فلسطين دولة يهودية موحدة كحلم يهودي جرى العمل عليه بدهاء ومراحل اصبحت واضحة للعيان.
وهذا ما اورده الكاتب الدكتور لبيب قمحاوي في راي اليوم اللندنية في مقال بعنوان:
“إلغاء قرار فك الإرتباط: الجريمة القادمة بحق فلسطين”
وجاء في التفاصيل ما ” يتم التمهيد الآن في الأوساط السياسية والاعلامية في الاْردن لما قد يكون أخطر إستحقاق لصفقة القرن في المرحلة القريبة هو الحديث المتواتر الآن سواء تلميحاً أو تصريحا والمتعلق بإعادة النظر في قرار ” فك الارتباط القانوني والإداري ” بين الاردن والضفة الغربية لعام 1988 ، يشير الى ان هنالك من يمهد لمرحلة جديدة وخطيرة قادمة وغالباً ما تكون مرتبطة بصفقة القرن وتبعاتها”
الباحث الاستراتيجي ورجل الدولة الاردني الخبير الدكتور معروف البخيت وضع النقاط على الحروف بشكل جلي واضح ودقيق بنظرة متفحصة وعلق الجرس بقوة على الخطر الداهم في مقالة معمقة قبل ايام تحدث :
” لعل أخطر تطور شهده ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي هو تخلي الراعي الأميركي، عمليا، عن مبدأ “حل الدولتين”، عبر المفاوضات، لصالح فكرة تحقيق “الأمن الإسرائيلي”، عبر سلسلة من الخطوات التي تهدف إلى “إلغاء” حل ملفات الوضع النهائي (اللاجئون، الأمن، القدس، المياه والحدود) لصالح إسرائيل. وهي الملفات التي تمثل جميعها، كما يمثل كل واحدٍ منها، مصلحة أردنيةً عليا، لا يمكن تجاوزها.
أردنياً، لا تعني القضية الفلسطينية مجرد مسألة قومية ذات رمزية عالية للأردن فحسب. ولكنها تعني مسألة مصيرية بكل معنى الكلمة. ولئن كنا دأبنا خلال العقود الماضية، على اسخدام وتداول تعبير “مصلحة أردنية عليا”، عندما كنا نطرح مستقبل حلّ القضية الفلسطينية؛ فإننا الآن، وبلا شك، أمام “مسألة أمن وطني”
واخيرا ، ما اراه ، ان الخطر داهمنا ، ونحن نتحدث بحقيقة التسميات وفرعيات قد يقصد منها الالهاء وحرف البوصلة عن الدهاء الأساس..
ان حل الدولتين اصبح حلما غير وارد في معجم الساسة الإسرائيليين، وهذا ما اعلنه بوضوح لا يقبل التأويل وزير الحرب الاسرائيلي بقوله لم يعد وارد حل الدولتين وان حل الدولة اليهودية هي ما تعمل عليه اسرائيل وهو ما يعبر عنه بصفقة العصر ويجري عليه العمل بتسارع امام الفلسطينيين والعالم كله .
باختصار ما نراه يمكن اجماله بعبارة واحدة او تساؤل كبير جدا ” فلسطين راحت”.
د محمد جميعان
drmjumian7@gmail.com