نظرا لقرب سريان قانون الجرائم الألكترونية ، الكاتبة الصحافية الأردنية #سهير_فهد_جرادات تعلن عن منح مقالها ( إجازة قصيرة )، وتكتب : #ضع_القلم .. لأجلك يا وطني
ضع القلم ، لأجلك يا وطني ، حتى لا تتحول الى وطن يحتجز حرية أبنائه خلف (قضبان القمع)..
ضع القلم ، أصبح مطلبا في ( زمن التَصيِد و التَربص ) لكل من يوجعه قلبه عليك ..
ضع القلم ، حتى نثبت ( حقيقة) أننا دولة ليست ( تعسفية ) ، وليست كما ارادت حكومتنا تصنيفنا ووضعنا في خانة التعسف والقمع!!
( ضع القلم ، لقد انتهى الوقت ) ؛ هكذا جاء قرار تحويلنا الى (مملكة أحادية الرأي ) ، تظهر لونا واحدا من الكتابة أقرب ما تكون الى (خانة #التسحيج )، وذلك بعد سن قانون يترجم (الفكر الدكتاتوري) للحكومة ،ويُجرم الشعب لممارسته حقه في التعبير ، ويُحدد سقف الحرية ب (التوقيف والحبس ) وعقوبات مغلظة ..
في الثاني عشر من أيلول سيتم (سحب كبس ) #الحريات عن #الأردن ، وسندخل في مرحلة (الصمت المطبق )، وسيتم الإعلان عن انتهاء الحريات وبداية (عصر الظلمات ) ، وستبدأ أجهزة إنفاذ القانون رصد الإشكاليات والثغرات الموجودة في #قانون_الجرائم_الإلكترونية الذي جاء لحماية المسؤولين والموظفين العامين ،كونهم جزءا من هيبة الدولة ، علما أن هيبة الدولة تكون ب (العدل والمساواة والأمان ) وليس بوضع قوانين تقيد الحرية!!..
والى حين (إخضاع القانون للتجربة ) ، وإثبات صحة القانون من عدمه ، وإجراء التعديلات عليه ، وكون القاضي يحكم بنص القانون، ستمتلئ السجون ، لظلم سيقع ب(حكم القانون) على العديد من المواطنين والصحفيين .
هذا (القانون الجائر) ، يعد أسرع قانون في تاريخ الأردن تم إقراره ، إذ وضع المواطن الأردني على خاصية ( وضعية الصامت )، وحوله الى مواطن مرعوب غير قادر على التعبير ، لا يقوى على الحديث ، يضع على يساره محاميا، ويتسلح بالقفز الحر عن الثغرات التي توقعه في المصيدة وتسلب حريته وماله .
الحديث والانتقاد لا يعني البغضاء للوطن ،إنما محبة وخوف عليه من الضياع في حال استمر ممارسة الغلط ، الوطني عندما ينتقد ، وان وصل الى (درجة التجريح ) فإنها تكون عملا بقاعدة ( التجريح للتصحيح )..حيث ان النقد حالة صحية ، و الدول تسعى لإيجاد حالة من النقد لأنها تخلق حالة من التوازن ، لكن أن يتم العكس فهذا غير مفهوم وغير مفسر..
للإعلام دور حقيقي ؛ ينقل رأي العامة ، وما يدور في الشارع الأردني من أسئلة او تخوفات او معلومات يريدون التأكد منها او يحاولون فهمها ، هؤلاء العامة الذين لا يجدون مكاناً للتعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم إلا الاعلام فهو ؛ (صوت الغالبية الصامتة من الفئات المنسية بالمجتمع )،ومرآة تعكس آرائهم وأفكارهم ، ووسيلة لحرية التعبير عن همومهم وطموحهم وآلامهم وآمالهم ..
الأصل في الإعلام ؛أنه ( منبر للشعوب ) وليس كما يريدونه منبراً (للسياسيين فقط) ، وظيفته نقل وجهة نظر الشعوب وتطلعاته، والتعبير عما يجول في خاطرهم ، وليس كما تريدون التضييق على الأقلام الصادقة وتوجيهها للحديث كما يحلو لهم وبما تريدون !!.
الصحفي مثل الطبيب يعالج المريض لا السليم والصحيح ، لذلك النقد والحديث عن مواطن الخلل والخطأ بهدف التصحيح والتعديل هو الأساس في العمل الصحفي ، لذا من الواجب على ( واضع القانون ) أن يحترم الشعب الأردني المتعلم والمثقف الذي لا يقبل ان يكون تابعاً او يتم تعطيل عقله وتفكيره .. هذا الشعب الذي يؤمن بأن الكلمة ليست هي الوحيدة التي تؤلمكم ، بل أيضا رفض الفساد والاستقامة يؤلم كل منحرف ..
وحتى لا نختبئ خلف أصبعنا .. ففي ( وقت الشدة ) لن يحمي هذا البلد الا أبناؤه الصادقون المخلصون الذين يعشقونه ،ويقدمون دون تردد و ( دون مقابل ) ارواحهم رخيصة دفاعاً عنه ، يستشهدون ويقاتلون ويحاربون ويدافعون عنه ، وهؤلاء هم (أبناء العسكر والعسكر والحراثين ) المخلصين الذين يحبون الأردن دون مقابل ، الذين يمارسون أردنيتهم بالفطرة ،فالوطن بالنسبة لديهم عقيدة وليست مصدر رزق ..
أغلق (قانونكم) الطريق أمام استخدام المترادفات والطباق والجناس والتورية ، و( قطع الطريق ) أمام اللجوء الى أسلوب (قصص الغُولَة) في التراث الأردني ، وحرم ( الذم المشفر) ، حتى النوايا لم تسلم منه، وأصبحت ( مشككا فيها ومجرمة) ، ومن غير المقبول (التنزيل من قيمة )الفكر والقلم ، والكتابة في أمور حياتية وسطحية (تافهة) فقط انصياعا لقانون (يجرم النوايا)!! حتى اصبح إيجاد أسلوب يتماشى ويتناسب مع (قانون التجريم) أمرا شبه مستحيل ، كون النوايا غير مخول لأي شخص أو قانون أن يشكك فيها !! والوطني (صاحب الانتماء) لا يسمح لأحد أن يتدخل في نواياه ، ولا يقبل أن يُحاسب على نواياه بعد تأويلها وتفسيرها كما يحلو لصاحب القرار أن يشكك فيها ..
(الى ان ينصفنا القانون ) ستكون السجون قد ضاقت بساكنيها ، و الاعتذار لا يعيد الكرامة ولا ينصفها ، ولا يرد الاعتبار لمن براءته عدم كفاية الأدلة .. والى حين إعادة (فرمتة الدولة) وضبط الإيقاع على النوته الجديدة ، أصبح قرار ( ضع القلم ) ضرورة ( مؤقتة ) حاليا ، حتى تتضح الصورة وتنجلي هذه الغمة ويتبين الخيط الأبيض من الأسود ، ستكون هناك إجازة قصيرة لان الصحافي كالطبيب والأستاذ الجامعي والمحامي لا يتقاعدون ، ولا يتركون الساحة ..
لن أهجر الكتابة ، وانما هي (إجازة قصيرة) والعودة بعد ان تتضح الأمور..
حماك الله يا أردن العز من المتربصين بك !!
كاتبة وصحافية أردنية