ضعف #كورونا…هل يسارع بعودة الاردنيين لعاداتهم القديمة..؟
ا.د حسين محادين
(1)
لقد شكلت جائحة كورونا تحديا صحيا خارجي المنشأ للاردنيين ظاهريا ،الا انه قد شكل ايضا تحديات #اجتماعية وثقافية اعمق تجلت في إضعاف وتغيير مؤقت للكثير من اعرافنا، عاداتنا وتقاليدنا وانماط تفكيرنا الجمعي كما يفترض او يبدو صوريا ، وجلها كعادات
كانت مُلزمة لنا فكرا وسلوكيات سائدة لدينا قبل مجيء هذه #الجائحة.
(2)
لقد تخلينا اثناء سطوة هذه الجائحة العولمية عن التقبيل المظهري في الافراح والاتراح معاً، مثلما تخلينا عن المصافحات بالايدي التي غلفت بالقفازات واستطعنا الاكتفاء بالاشارات الرمزية ان نعبر عن مشاعرنا نحو ألاخرين، ولا ننسى تقلص فكرة التئام الحشود في المناسبات العائلية والعامة في آن وهذا حسن، لابل وبعد الرصد والتحليل العلمي يمكنني التأكيد على ان مكانة الموت والفرح
قد تراجعتا تاثيرهما في يومياتنا كاردنيين بسبب كورونا مقارنة بما كان الحال عليه قبلا… إذ ظهر لدينا وبصورة تعويضية موازية للكثير من العادات المرهقة والمكلفة كثيرا لنا فكرا واقتصادا وشروطا صحية لطالما كانت هشة، لكنها قويت لاحقا جراء خوفنا من مهددات وعدوى كورونا المختلفة لحياتنا افرادا وجموع، ظهر لدينا ما اسميه بالعرس، والعزاءات والتهاني والتهادي، وحتى الطلاقات الالكترونية، اي عبر وسائل التواصل الحياتي المعاصر وغدا مقبولا ومُتعامل بها عموما، ولا ننسى ايضا قبولنا الجمعي فكرا وممارسة للتباعد الجسدي..الذي أخذ في التقلص هذه الايام بعد تراجع سطوة ومساحة انتشار ومحاصرة العلم الطبي والوعي الصحي لفايروس كوفيد19 .
(3)
اما هذه الايام فأنني كمتخصص في علم الاجتماع بدات ارصد عودة متدرجة للعادات والتقاليد المظهرية القديمة في الافراح والاتراح ما يعني اننا كنا مكرين على الامتثال لسطوة كورونا كمتغير خارجي ضاغط على عناوين حياتنا وليس لانن عقلنا الجمعي اراد الاستفادة من مصاحبات هذه الجائحة لتغيير او حتى تعديل الكثير من عاداتنا وسلوكياتنا غير #الصحية فكرا وكلفا مالية مرتفعة ترابطا مع زيادة نسب الفقر والبِطالة في مجتمعنا الاردني هذه الايام.
(4)
اذن ؛ كيف نفسر علمبا وواقعيا مثل هذا التراجع عن الممارسات الرشيقة لعاداتنا التي تعلمناها وعُدلت اثناء جائحة كورونا التي مازالت مهددة لنا كبشر وموارد طبيعية واقتصادية ولو بنسب اقل من قبل، بعد ظهور وتناول المطاعيم من قِبل الكثيرين والفتح المتدرج لمرافق الحياة الاقتصادية ومرونة اجراءات التنقل..الخ.
اقول هنا ..انه يجب التذكر بأن العادات والتقاليد في المجتمع الاردني قد ارتبطت واستمدت جذورها واستمراريتها وما زالت من خلال نوعية انماط التنشئة الاجتماعية الثقافية التي تربت عليها اجيال عديدة منذ الطفولة، كما العادات عمومة بطيئة التبدل اصلا، فمن هنا اخذت هذه العادات الجمعية صفة الالزام والتراكمية، ممارسة وتقليد لسلوك الجموع من جهة، ومن جهة ثانية فهي تعبير ضمني وقوي عن استمرار قيم الجماعة وغذاء تكافلها التي سادت قبل الجائحة، والتي غدت نسبيا قيماً فردية اثنائها “صحتي اولا” كما ان المحاكاة المستمرة للسلوكات الجمعية في الافراح والاتراح واشكال التهادي وتبادل التهاني الرمزية في المناسبات قبل الجائحة”الطارئة” قد اخذت صفة الاستقرار الصلابة لانها تؤدي وظائفا تُشبع احتياجات الجماهير ، وتمثل تعبيرا متنوعا خصوصيتهم في التعبير عن وحدة جموعهم وخصوصية ثقافتهم الفرعية في المجتمع الاردني في البادية ؛الريف؛ والمدينة؛والمخيم لهذا بدأت الحظ وجود علاقة عكسية بين ضعف تهديد كورونا لحياتنا الجمعية يقابله عودة الى العادات والتقاليد المرهقة لنا جميعا، والتي كانت تتسيد عناوين حياتنا قبل مجيء كورونا.
اذن ..هل نحن عائدون بعد ضعفت مهددات كورونا الى عاداتنا القديمة -تماما مثل حليمة- التي لطالما اشتكينا من اكلافها الباهضة علينا في وقت لم تكن نسب البطالة الفقر وسؤ توزيع مكتسبات التنمية في مجتمعنا في ظل ارتفاع المديونية، كما هو الواقع الران..؟اتمنى ان لا نعود لسابق سلوكاتنا وتقاليدنا الجمعية، لاسيما الضارة منها بعد ان نجحت كورونا ضمنا في مساعدتنا على تقليص الكثير من تلك العادات المؤذية فهل استثمرنا اجتماعيا وثقافيا في جائحة كورونا لصالح ترشيق الكثير من عاداتنا وتقاليدنا وغزواتنا البشرية في الزواج والعزيات ….سؤال مفتوح على الحوار بالتي هي اجدى لنا…فهل نحن فاعلون..؟.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.