سواليف- 3 سنوات صمد حسين يوسف منتظراً ابنه محمد.
3سنوات قضاها متنقلا بين خيمة نصبت في وسط بيروت مع أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين وبين وقفات احتجاجية وبين مقابلات تلفزيونية.
وقف الرجل ينادي، عسى محمد يسمعه، عسى أي من المسؤولين اللبنانيين يحرك ساكنا.
منذ أغسطس 2014 لم تجف حنجرته، لم يغادره طيف ابنه مع 8 شباب آخرين أسروا في لحظة غدر من قبل #داعش في عرسال البقاعية (شرق لبنان).
فصول من القهر والألم الذي اعتصر أفئدة ٩ أمهات وآباء توالت على مدى ٣ سنوات، لتنتهي المأساة مساء الأحد بفاجعة أكبر وإن متوقعة.
أغمي على حسين! كيف له أن يتقبل دفن الأمل الذي عاش عليه أياما وأياما، يمنّي نفسه برائحة ولده، بضمة أخرى، برائحة محمد وطيفه يعودان إليه.
ما الذي يمكن أن يقال لأم أو أب خسرا “نبضهما”؟!
كل عبارات “الاستشهاد” لأجل الوطن وما شابه لم تعد تنفع.
لا يقاس ألم “فقدان الطفل”، فقدان القلب والروح.
مساء الأحد زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم خيمة الأهالي، في موقف لا يحسد عليه. وقال لهم بصريح العبارة إن هذا الملف أوشك على أن يختم ويقفل، فالظن الغالب أن العسكريين قتلوا!
هكذا انقلبت الدنيا على مواقع التواصل بين اللبنانيين، بعضهم احتفى بصور من أسماهم الأبطال، والبعض الآخر خرج عن طوره وراح ينتقد كافة المسؤولين، مذكرا بأن الحكومة في حينه تقاعست ولم تعط الأوامر للجيش اللبناني بمهاجمة مواقع داعش في الجرود، لألف حساب وحساب منها “الخارجي” ومنها الداخلي، ما سمح ربما للتنظيم بأن ينقل العسكريين على راحته ومن ثم يعدمهم.
وحدها صورة حسين يوسف تحولت أيقونة، أيقونة للألم، صورة للرجل “الجبل” المقهور، في عيونه اختزل كل ألم الدنيا.
لعلها مجرد صورة، لكن الحدث الجلل بالنسبة لوالد “ملكوم” جرح مفتوح لن يندمل حتى الممات، لكن مشوار الألم لم ينته بعد، فموكب الرفات الثمانية (لا يزال أحد العسكريين الذي أعلن في وقت سابق انشقاقه عن الجيش مجهول المصير) وصل إلى المستشفى العسكري من أجل إجراء فحوص الحمض النووي الـ DNA.
أما الأهالي وإن كانوا مدركين مصير أبنائهم منذ فترة طويلة، إلا أنهم لا زالوا متمسكين ببصيص أمل أو لعله بصيص حلم، حلم أن يطل غدا أو بعده وجه أحد من هؤلاء الشباب التسعة، لم تشفع عينا حسين مع دموع كل أم انتظرت ابنها يطل عليها باسما، لهم على ما يبدو عند البعض، فراحوا يمعنون في نبش الجرح وغرس السهام فيه، فنشر بعض المغردين على تويتر صورا قيلت إنها لرفات “فلذات الأكباد”، لعلهم بهذا أرادوا أن يدفنوا مع العسكريين كل أمل، غير مدركين أنهم بهذا عصروا ما تبقى من نفس في حنجرة كل أب وأم!
العربية نت