نشرت صحيفة “ #إندبندنت ” على صفحتها الأولى صورة معبرة عن وضع #غزة، واختصرت الحال هناك بكلمة “ #كفى ”، وكتبت قائلة: “ربما كان خطأ أنه وبعد أن مات أكثر من 30,000 فلسطيني، إلا أن مقتل سبعة عمال إغاثة دوليين كان كافيا لأن يثير #غضب #الحكومات_الغربية، لكن هذا هو الواقع. وأصبحوا رمزا لغياب القانون والتهور الذي يدير فيه بنيامين #نتنياهو هذه #الحرب. وفي الوقت الذي وقف فيه العالم مع إسرائيل في حالة فزعها، فإنه يقف على الجانب المقابل. وحانت اللحظة لعمل ما يمكن وإجبار إسرائيل على وقف الحرب: يجب أن تتوقف”.
وخصصت الصحيفة افتتاحيتها لنفس القضية، ولكنها أرفقتها بكاريكاتير العدد، وهو تصوير لرئيس الوزراء الإسرائيلي المتكرش والحامل بيديه صندوق البيض (هنا القنابل) التي يرميها وتشعل الحرائق. وقالت: “حان الوقت للتوقف”. وأضافت أن إسرائيل وعدت بإجراء تحقيق و”لكن علينا عدم الانتظار إلى حين ذلك، وفهم ما جرى. فلا جدال في الحقائق المعروفة، وهي تتحدث عن نفسها، فلم يكن عمال الإغاثة من مسلحي حماس، ولا يقومون بنقل غير مشروع لقادة حماس. فقد كانوا يعملون مع المطبخ المركزي العالمي وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة”.
وأضافت أن عرباتهم كانت معلمة بشكل واضح، وكانوا يسيرون في الطريق الذي حُدد لنقل المساعدات الإنسانية، وماتوا بسبب هجوم مسيرة قتالية إسرائيلية.
وتعلق الصحيفة: “هذه ليست قصة دعائية لحماس، فهذه سبعة أرواح جميلة كما وصفتهم وكالتهم، ويستحقون ذكر أسمائهم وتخليدها: سيف الدين عصام، إياد أبو طه، 25 عاما من فلسطين، لازلومي “زومي” فرانكوم، 43 عاما من أستراليا، داميان سوبول، 35 عاما من بولندا، جاكوب فليكينغر، 33 عاما، الكندي/ الأمريكي، جون تشامبان، 33 عاما وجيمس هندرسون، 33 عاما، وجيمس كيربي، 47 عاما من بريطانيا. وهؤلاء يضافون لحصيلة 200 من عمال الإغاثة الذين قُتلوا في غزة”.
وقالت الصحيفة إن السبعة أصبحوا رمزا للحرب الخارجة عن القانون والمتهورة التي يشرف عليها نتنياهو، وهي “نقطة تحول”، حيث يبتعد الرأي العالمي بعيدا عن إسرائيل، ويشعر الكثيرون بالخيبة والحيرة من قسوة آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تميز.
وأضافت أن العالم الذي وقف مع إسرائيل في ساعة فزعها، بات يقف على الجانب المضاد لها وللحرب.
وتقول الصحيفة إن إسرائيل أساءت استخدام التعاطف والمساعدة والدعم العسكري الذي قُدم مجانا بعدما ارتكبت حماس ما تراه الصحيفة “أسوأ جرائم معادية للسامية” منذ الهولوكوست.
وعادت لتقول: “لإسرائيل الحق غير القابل للتصرف والدفاع عن نفسها، لكن ليس لديها الحق لتفعل ما تريد وتتجاهل القانون الدولي. وهو ما فعلته في العادة أكثر من مرة، حيث قتلت الكثير من المدنيين واقتلعت عدة عائلات بأكملها، ومات الكثير من الأطقال من الجوع. كقوة محتلة، وكدولة ترى نفسها ديمقراطية متحضرة، فمن واجب إسرائيل العناية وحماية الأبرياء، ولكنها فشلت في عمل هذا”.
وعلقت أن حسن النية التي قُدمت لإسرائيل ضيعت بطريقة متغطرسة، والنتيجة هي أن العالم يبتعد عنها. وباتت إسرائيل متهمة بارتكاب جرائم جماعية أمام محكمة العدل الدولية، وهو أمر لا يمكن التقليل من شأنه. ولم تستخدم أمريكا، الحامي والضامن لإسرائيل الفيتو في مجلس الأمنن وسمحت بالتصويت على قرار يدعو لوقف إطلاق النار، وهو ما أغضب نتنياهو. وأظهر رئيس الوزراء حساً بـ”الاستحقاق، ويعتقد على ما يبدو أن الفيتو ملكه، وأن السفيرة الأمريكية مجرد وكيلة له”.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي جو بايدن غيّر من لهجته، وعلّق على مقتل عمال الإغاثة، بأنه “غاضب جدا ومحطم القلب”. وقال إن حوادث كهذه كان يجب ألا تحدث.
وأضافت أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تدخل شخصيا مع نتنياهو، وأخبره أن “الكثير من عمال الإغاثة والمدنيين خسروا أرواحهم في غزة وبات الوضع لا يحتمل بشكل متزايد”. وبدأ جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، بتقييد صفقات السلاح لإسرائيل، وتبعته في ذلك عدد من الدول، وهو ما يجب عمله.
وعقوبات كهذه استخدمت ضد إسرائيل ونجحت. ولكن رجلا عنيدا مثل نتنياهو لن يستمع للطلب الدبلوماسي المؤدب إن لم يناسبه، وقد “خسر الحرب ولن يرى أنه فشل، ولهذا فلديه حافز ضار لتمديد الحرب بذريعة أن النصر بات قريبا”. مع أن النصر بعيد، فهو لم يحرر الأسرى، ولم تستسلم حماس، رغم مقتل عدد قليل من قادتها، وهناك جيل جديد غاضب من الفلسطينين لديه مظالم بات جاهزا لخوض الحرب مع إسرائيل، إما مع حماس أو مع جماعة أخرى.
ونفرت إسرائيل الدول العربية التي أرادت بناء علاقات دافئة معها، وفي نفس الوقت، خسرت ثقة الغرب. وحمّل الإسرائيليون نتنياهو مسؤولية الفشل الأمني في أكتوبر. وإسرائيل اليوم أقل أمنا مما كانت عليه قبل ستة أشهر. ورغم كل الفشل، يواصل نتنياهو الترويج أن تحويل رفح، آخر جزء بقي من غزة، إلى أنقاض محترقة يعتبر نصرا، وعندها سيعلن عن السلام بشرف، ويسحب القوات وستكون إسرائيل آمنة، وهذه “فانتازيا بشعة”، وحان الوقت للتوقف، كما تقول الصحيفة.
ويبدو أن هذه الإدارة الإسرائيلية الحالية تنسى أن أمنها يعتمد على الشراكة الدولية. ولو قرر الشركاء اشتراط دعمهم، فهذا من حقهم. وهذا لا يعني التخلي عن إسرائيل، ولكن القيام بضغط كاف يجعلها تلتفت لما يقوله ويطلبه الأصدقاء منها ولما قدموه لها من شيكات مفتوحة.
وتقول إن مقتل مواطن بريطاني مثلا، “لا يمكن التسامح معه، ويجب ألا يكون في خطر القتل بالسلاح البريطاني. فهل يمكن التسامح لأن يصبح أفراد عائلة فلسطينية بريئة ضحايا لصفقات الأسلحة البريطانية لإسرائيل؟”.
وتعلق الصحيفة أن الدعم لإسرائيل سيظل قائما، ولكن يجب ألا يكون بدون شروط، وأقل ما يمكن طلبه، هو التزام إسرائيل بقرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية. وهذا يعني توقف مذابح المدنيين أو عمال الإغاثة، ووقف إطلاق النار، وعدم شن هجمات برية أو جوية على رفح، ودعما كاملا لسفن المساعدات الإنسانية.
ويجب على إسرائيل التوقف عن التصعيد مع إيران بشكل يهدد استقرار المنطقة، ويعرض حياة الجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط للخطر، ويدفع إيران في تحالفها مع روسيا وما يتضمنه هذا من أثر على مصير أوكرانيا والسلام في أوروبا. فالحرب في غزة ليست شأنا داخليا، ولكنها تؤثر على كل العالم. وحان الوقت للضغط على إسرائيل لكي توقف حربها المدمرة، والتفكير بما هو صالح لأمنها ومستقبلها المضمون دوليا.