#صناعة_الفقاعات
م. #أنس_معابرة
يدور خلف الكواليس هذه الأيام عالم كبير من الصناعة، صناعة في الخفاء وخلف الأبواب المغلقة، عالم من الصناعة يتكلف ملايين الدولارات، ويجني المليارات منها، ويجتهد الصانعون والمصنوعون في عدم كشف آليات هذه الصناعة.
لا بد أنك تعرف جيداً شخصاً من بيئتك، ناجح جداً في الفشل، أو من الممكن القول بأنه فاشل بامتياز، فاشل في حياته العلمية والعملية، لا يمتلك حرفة يعتاش منها، ولا يمتلك خبرة في مجال ما، فاشل اجتماعياً مع مرتبة الشرف، وغير قادر على حضور اجتماع عائلي، وإن حضر؛ فهو الحاضر الغائب الذي لا يعرف كيف ينطق بكلمتين خلال الاجتماع.
دون سابق انذار؛ ترى ذلك الشخص يتصدر منصات التواصل الاجتماعي، يقوم بإنشاء حسابات على المنصات المختلفة، ويبدأ بصناعة محتوى احترافي في التفاهة حد السقوط، وتبدأ أعداد المتابعين بالازدياد إلى أن تصل الملايين، ويبدأ بتجميع مجموعة من الفاشلين أمثاله ليجعل فشلهم موضع حديثه، وبعدها ترى الملايين من الدولارات تتلاعب بين يديه،
السؤال الهام هو: كيف حدث ذلك؟ وكيف انتقل هذا الفاشل من مرحلة الفشل التام المكتمل، إلى هذا النجاح الباهر، وكيف تحولت جيوبه المثقوبة من شدة الفقر إلى حسابات في بنوك مختلفة؟
تقف خلف تلك العملية أفراد ومؤسسات وشركات كبرى، تعمل على صناعة تلك الفقاعات على مواقع التواصل لتحقيق المصالح الشخصية، والتي تعود عليهم بالنفع والفائدة.
تلك الجهات التي تقوم بالإعلان لحسابات الفقاعة والترويج لها، وهنالك كتّاب متخصصون يعملون على كتابة المحتوى الذي يقوم بنشره أو تصويره، وهم ذاتهم من يقوم بتمويله لعمل السحوبات على جوائز ثمينة من سيارات وهواتف ومبالغ مالية كبيرة.
الحقيقة أن تلك الفقاعات جزء من حملات الذباب الالكتروني التي يمولها أفراد ومؤسسات وربما دول، تعمل على تضخيم شخصيات والاشادة بالأعمال التي يقومون بها، والترويج لتلك الشخصيات بغرض الوصول إلى مراكز السلطة تحت ضغط شعبي ناتج عن حملات الترويج عبر تلك الفقاعات.
كما تقوم تلك الفقاعات بالانتقاص من شخصيات وشركات ودول منافسة، بقصد إخراجها من السباق نحو السلطة والأرباح، أو بقصد وضعها في مواجهة مع الجماهير الكارهة لها نتيجة لحملات الترويج التي تقوم بها الفقاعات.
وهنالك أهداف مادية بالطبع، فتلك الشركات لها منتجات تُغرق بها الأسواق، وهي بحاجة إلى حملات إعلانية غير تقليدية، خصوصاً بعد غياب دور التلفاز، وسيطرة مواقع التواصل على عقول وقلوب المستهلكين، ويقوم بالإعداد لحملات الدعاية والاعلان تلك كُتّاب متخصصون، بهدف جذب المستهلك واجباره على شراء المنتج، خصوصاً عندما ترافق تلك الإعلانات كودات خصم وعروض الشراء بالجملة، والتوصيل المجاني، وغيرها من العروض الوهمية.
مما لا شك فيه ان جودة تلك المنتجات غير مضمونة، ولو كانت تلك المنتجات بالمواصفات التي يتم الترويج لها؛ لما بقيت مكدّسة في مخازن أصحابها، ولكنهم لجأوا إلى تلك الحِيل بهدف التخلص من تلك النفايات في منازل المستهلكين، وحصد الأموال من جيوبهم مقابلها.
ومن المفيد لك عزيزي القارئ أن تعلم أن تلك الفقاعات لها مدة صلاحية، تنفذ بعد مدة من الوقت، عندها تعود تلك الفقاعة إلى الماضي التعس الغارق في الفشل، وربما تقضي ما تبقى من حياتها في غياهب السجون، بينما يلجأ الصانعون إلى إيجاد فقاعات جديدة والعمل على نفخها وتصديرها للجماهير.
عزيزي القارئ:
أرجو أن تكون على مستوى من الادراك يؤهلك إلى عدم الانجرار وراء تلك الفقاعات، بل وعدم متابعتها من الأساس، فهم لا يبذلون جهداً ويقضون وقتاً لخدمتك كما يدّعون، بل هم يتربحون من تلك الأعمال بشكل كبير.
تأكد جيداً قبل أن تتابع أحداً على مواقع التواصل، فتلك الفقاعات أصغر من أن تأخذ من وقتك، وحاول ألا تشتري أية منتج متأثراً بالإعلان عنه، ولا تشتري منتجاً لست بحاجته بغرض الحصول على الخصم والعرض الوهمي.