صناعة الأغبياء

صناعة الأغبياء

#مصعب_البدور

تعد #صناعة #الأغبياء أشهر صناعة تنتشر في شارعنا العربي من محيطه إلى خليجه، وهي الصناعة التي لا تحتاج إلى مصانع ولا إلى آلات، إنما تحتاج لبعض الفارغين المحاطين بالمدّاحين “المردّفين” الذين يحولون الشخص بكل سهولة ويسر من غبيّ عاديّ إلى غبيّ خارق ” غبي سوبر”.

ولا أبالغ إذا قلت لكم: إنّ صناعة الأغبياء تزايدت زيادة غير طبيعية في عالم الإعلام الاجتماعي حتى صارت أجود صنعة للجماهير في وطننا العربي، فلقد أتاحت هذه المنصات فرصا لكل إنسان لا يملك من المهارات أو المعرفة إلا أن يفتح كاميرا الهاتف، أو يكتب عبارة عدد أخطائها أكثر من عدد كلماتها، فخلقت منصات التواصل له الجو المناسب ليتحول من غبي محلي إلى غبي جماهيري أو دولي.

ولا تفوتني هنا الإشارة إلى أن الأغبياء المصنَّعين لديهم جمهور ربّى غباءهم وكبره، فبدأ الجمهور بفرد أقنع “هذا المنتج” بأنه متميز أو موهوب أو فلتة من فلتات الزمن، فتقدم غبينا المصنَّع إلى الجمهور وصار يخاطبهم من خلال كاميرا الإعلام الاجتماعي، وبدلا من أن تقيد هذه الظاهرة وأن تحارب للقضاء عليها قبل تكاثر هذه العينات، فقد راجت هذه الصناعة وصفّق الجمهور لها إلى أن وصلنا إلى حال مستعصية مثل ما ترون في حاضرنا.

وللأغبياء المصنعين أشكال مشهورة الآن وموزعة على أصناف لا بد من أن أعرفكم على بعضها رغم أنكم تعانون منهم بشكل يومي وقد تعملون معهم كتفا إلى كتف ومن أشهر هذه الأنواع:

محلل سياسيّ:

بات كل من يكتب كلمة انتقاد لأي نظام على مواقع التواصل محللا سياسيّا، وكل من يطلّ على الناس بفيديو لا تكاد تفهم منه حرفا يشتم فيه دولة أو حكومة سياسيّ محنك، وأكثر ما يلفت الانتباه كثرة التعليقات (أبدعت- أحسنت- متميز رائع كالعادة) والمشكلة “إنه لا رائع ولا….”، وستجد عدد مشاهداتهم يفوق مشاهدات المحللين السياسيين أصحاب العلم والخبرة الحقيقية.

كتاب ومثقفون:

 لم يقف الأمر عند صناعة أغبياء في الحياة اليومية، بل تعدى هذا الحد إلى غباء نادر وفريد من نوعه ولا يظهر إلا في شارعنا العربي، وهو صناعة أغبياء على شكل كتّاب ومثقفين، فإن سألتني كيف ذلك وأين اجده؟ سأجيب ما عليك إلا أن تنظر في منشورات بعض*** تراها كلمات متجاورة لا تعطي معنى مفيد “ملايمة حتشي على رأي جدتي الله يرحمها” وثم يذيلها بكلمة “من أشعاري”، أما إن صارحه أحد بحقيقة المكتوب ووصف بالكلمات متقاطعة، ترى غبينا المثقف يتحدث عن التجديد والحداثة في الكتابة وأنها فقط لأصحاب العقول الراقية، وستتصادم مع المردفين وسيتهمونك بمحاربة الإبداع.

مجدد في الفقه والتفسير

ظهرت هذه الفئة منذ سنوات ولاقت رواجا كبيرا، وتداولا لفيديوهات هذه العيّنة بشكل عجيب، والطامة الكبرى أن الغبي المروج لا ينثني عن تكثير المدح والأوصاف الكاملة للغبي المجدد، فوجدنا من هذه العينة من يرى في نفسه المقدرة على فهم نصوص التشريع الإسلامي أكثر من المعصوم عليه الصلاة والسلام.

خلاصة القول:

إن صناعة الغباء جريمة جماعية ارتكبتها الشعوب وأدواتها الكذب والمجاملات الزائفة، فصنعت جيلا غبيا يتصدر منصات الإعلام ومخاطبة الجمهور، وأوجدت ماركات متعددة من صناعة الأغبياء تشترك جميعها بنفس الصفات، وتتنافس في جودتها، ومستوى تأثيرها في الشعوب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى