#صناعة_الأبطال
م. #أنس_معابرة
على الرغم من الخراب والدمار والقتل الذي يحيط بغزة والضفة الغربية، وما يعانيه شعبنا امام الهجمة الصهيونية الغاشمة بمعاونة حلفاء الشر، إلا أننا نجد أن هنالك من الخير ما يمكننا النظر إليه.
هناك في ميادين الحرب تتم صناعة الأبطال، الأبطال الذين يقفون صامدين في وجه الاحتلال، ولا يكسرهم جبروته وسطوته الآنية، والتي ستزول قريباً إن شاء الله.
لقد أصبح “أبو عبيدة” اليوم ايقونة عالمية، ما إن يظهر على شاشات التلفاز حتى يلتفت الجميع إليه، ويتركون كل ما يشغلهم، ويشنّفون الآذان انتظاراً للكلمات التي يلقيها.
بل حتى الأطفال؛ باتوا اليوم ينتظرون ظهور البطل وسماع ما ألحقه المجاهدون بالعدو المحتل من خسائر وهزائم، ويحاولون تقليده في كيفية رفع اصبع السبابة، أو حتى في كيفية ارتداءه للكوفية الفلسطينية التي يحملها كل من يقف إلى جانب قضية فلسطين ومناصروها حول العالم.
هناك في ميدان القتال أبطال لا يحملون رشاشاً، ولا يلقون القنابل، ولكنهم يحملون كاميرا أو ميكروفوناً، وتكون كلماتهم على العدو أشد من وقع الحسام المهند.
نعلم جيداً أن مُصاب المراسل وائل الدحدوح كبيراً، فقد زوجته وأبنته وحفيده، ثم فقد فلذة كبده، ولكنه بصبره وثباته تحول إلى بطل من الأبطال، ينادي الكل باسمه، وأصبح أسم عائلة الدحدوح اليوم معروفاً على مستوى العالم اجمع.
كيف لشخص أن يفقد أسرته في الصباح ثم يغطي الأخبار والمستجدات في المساء؟ كيف لإنسان أن يُصاب في جسده وروحه وعقله، ويُهجّر من بيته، ثم يقف شامخاً كالجبل وهو يحمل ميكروفونه من اجل نقل الأحداث إلينا.
إن كل شعرة نبتت في ذقن الدحدوح كانت شاهدة على مأساة، مأساة تخصه أو يراها وهو يتنقل بين أحياء غزة لتغطية الأخبار ونقل الاجرام الصهيوني للعالم اجمع.
في غزة أبطال مجهولون من الأمهات الثكالى، تلك التي تفقد فلذة كبدها ثم تطلق الزغاريد فرحاً باستشهاده، وتوزع ما تطوله يدها من الحلويات على المشيعين لجثمانه، بل وتسير بكل قوة وشموخ في جنازته إلى أن تواريه الثرى، دون أن نرى دمعة واحدة من عينيها.
هل رأيت تلك الأم التي تمسح حذاء ابنها الشهيد قبيل دفنه؟ وهل رأيت تلك التي تساعد في حمل جثمان ابنها؟ وذلك الشيخ الصابر الذي يضع ثلاثة من أبنائه الشهداء أمامه؟ والله إنها لأفعال كبار، لا تقوى الجبال على حملها، ولكن هناك في غزة أبطال قادرون على تحقيق المعجزات.
وبعيداً عن ميدان القتال؛ يقف اللواء المتقاعد فايز الدويري على ثغر من ثغور الجهاد، جاهزٌ لتحليل المقاطع المصورة لعمليات الأبطال في غزة، وتحركات الهوان والذل والهزيمة التي تحيق بالعدو الصهيوني، وينقل إلينا وجهة النظر العسكرية للأحداث، مصحوبة بتعاطف فطريّ مع القضية، مصدره انتماء كل عربي ومسلم لقضية فلسطين، مهما كانت جنسيته أو مكان مولده.
في أحداث غزة تُصنع الأبطال في كل مكان من العالم، أبطال هؤلاء المصرّون على مقاطعة البضائع التابعة للشركات والدول التي تدعم الاحتلال الصهيوني، انتبهوا جميعاً؛ فالمقاطعة اليوم واجبة، وهي ثغر من ثغور الجهاد أيضاً.
هناك في غزة خصوصاً وفي فلسطين عموماً مكان صناعة الأبطال، لا في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي عبر أداء الرقصات والمقاطع الكوميدية، فطالما كانت فلسطين وستظل مصنع الأبطال.