صفعات عبرية / جروان المعاني

صفعات عبرية
هل من الطبيعي أن ترى في الشتاء بكل صف بمدارسنا عددا من الطلبة يلبسون أحذية ممزقة وملابس رثة في مدارس آيلة للسقوط، ثم يخرج عليك التلفاز والمذياع بأنباء عن استثمارات بالمليارات وبعد اقل من دقيقة يعود ليخبرك عن مجاعة تهدد الملايين في اليمن وغيرها من دول العرب .
أليس غريبا أن يُطل علينا الناطق الرسمي الصهيوني (اردخاي) ويعلم قواعد اللغة العربية لأردني يحمل الدكتوراه ويخبرنا عن نفسه انه شاعر، أليس غريباً أن نطالب إسرائيل بالعدالة وإنصاف شعب فلسطين في الوقت الذي نهدم فيه البيوت على رأس ساكنيها في الشام والعراق واليمن، وملايين المصريين ينامون في التُرب، ونقوم بمطاردة مذيعة لأنها غردت على تويتر مبينةً أننا سريعا سننسى ما فعله ترمب.
تتكاثر الصفعات العبرية على وجوه العرب وتزداد القناعات لدى الشعوب انه لو فتحت الحدود مع إسرائيل وأمريكا سيهاجر لهما أغلب العرب كما بشر أحدهم على قناة الجزيرة، ومع كل صفعة يزداد حقدنا على إيران ونعُد العدة لحربنا القادمة معها وبكل بساطة ننسى صفعة العبري لنا .
تمضي الأيام سريعةً ونردد معها أن التاريخ لا يرحم الخونة والعملاء وننسى أن المنتصر هو من يكتب التاريخ، وأن قلب الحقائق سهل جداً في عصر الأجهزة الذكية وعالم الانترنت حيث لا قيمة للعلماء وأصحاب القدرة على الفتوى، ولا قيمة للكلمات التي يرسمها الشعراء والثوريون وأن المشيئة هي للأقوى، فبسرعة البرق انتهى ذكر داعش ومن قبلها القاعدة، وكدوي الرعد تعلن مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة أن صواريخ الحوثيين التي تُطلق على السعودية هي من صنع إيران وكأنها أعلنت عن اكتشاف جديد، أليس غريبا مريباً أن تلهث كُبرى القنوات العربية وراء المندوبة الأمريكية التي زورت الحقائق في ما يتعلق بالقدس قبل أيام .
لقد اتضحت اللعبة ودخلنا في المرحلة الأخيرة واليوم لكل بلدٍ أولوياته فأولوية الأرادنة والمصريين عدم الانزلاق في (الربيع العربي) الدموي برغم الفقر وقسوة الحياة، وأولويات الخليج استرضاء أمريكا وإسرائيل حتى لا تتغول عليهم إيران وتنهي عروشهم، وكذا بقية بلدان العرب لكل دولة جراحها التي تنزف وجعاً، فصرنا ننادي (يا جاري خليك بحالك واتركني بحالي) إنها لعبة مكشوفة مفادها أن أمريكا وإسرائيل فازوا بالإبل بالتوافق مع زعماء الأمة الذين اكتفوا بإشباع رغباتهم من جمعٍ للمال وشراء للسلاح وسفك لدماء شعوبهم.
تتداخل الأحداث بشكل متسارع وتُقتل في الأعماق الرغبة في الصراخ خوفاً ويتخذ الصراع أشكالا هلامية وبكبس زر أمريكية تتحول أي بلدٍ إلى قصة فشل متكاملة وتتحرك أحجار الشطرنج بعيدا عن بيادقها، فيحمل الأخ بندقيته ليطلق النار باتجاه أخيه فتنظر إلى الازدهار في البناء والتعليم في بلاد الأعداء وتتحسر على حال البلاد والعباد في دنيا العرب وتدرك حينها أن البلاء يزداد اتساعاً فتحبل الأمهات وينجبن أوجاعاً وأولاد مشوهين .
إن حالة الكُفر العربي يقابله إيمانٌ عبري مهول، فتجدهم يحاكمون زعمائهم على خطأ إداري أضاع بضع دولارات ونحن نصفق لزعماء باعوا أوطانا وجمعوا المليارات واكتنزوها سبائك ذهب وحولوها لبنوك الغرب، يتلذذون هم وزبانيتهم بدماء الشعوب وتتحرك جيوش جرارة لقتل كل من يطالب بحق أو حرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى