صديقي هو هاتفي الخلوي…أما انتم…؟

صديقي هو هاتفي الخلوي…أما انتم…؟
ا.د حسين محادين*
( 1)
في السابق كنا نردد وبصوت عُذري واثق ربما
#الصديق وقت الذِيق”. قول هو الأكثر شيوعا واستشهاداً في مسيرة اعمارنا وحِكمنا المتوالدة كأردنيين مثلا، حيث يتكرر ذِكر هذا القول للدلالة على ضرورة وجود ذيِق ما في حياة اي منا لكي نختبر ونمنح ايّ من الذين نعرف لقب صديق جراء مساندتنا لنا ربما لمرة واحدة في هذا المديد.
لكني أرى بأن التحدي الابرز هذه الايام هو كثرة الذيِِقات وقِلة #الاصدقاء الحقيقيين لكن، ما الحل امام هذا التحدي الأعم في ظل سيادة #القيم_الفردية للعولمة واذرعها الخدمية التي غدت تعيش وتنظم حتى مسامات يومياتنا كبشر معاصرين؟.
( 2)
اما اليوم، وبعد تفكر عميق في مفهوم #الصداقة والاصدقاء المعاصرين، وجدت ان للوصوف اعمار ايضاّ..اذ ان الربط بين ضرورة وجود ذِيقة ما كي احدد من هم اصدقائي فعلا قد تراجعت كلياً، وان الذين
سيساندني واقعيا ومصلحيا هم من سينتفعون مني ايضاً تماما كالقول الشعبي “إليّ عنده بيدر الكل بديّنوه” وهذا جوهر نظرية تبادل #المنفعة /التبادلية في علم الاجتماع البشري منذ القِدم لكن كما يبدو لي في الاقل ، فهل كلما نضجت معارفنا و خبراتنا في تجارب الحياة تقل احجام ونوعية توقعاتنا في مساندة الآخرين لنا؟…لست اجزم للآن.
( 3)
الذِيقة التي اعيشها لاختصار كثيف هي اين هو الصديق الوفي الذي احتاج ان يكون معي طوال اليوم وربما العمر دون ان يخذلني ويبقى ملتزما وبحياد نبيل أكثر من البشر”الاصدقاء” في كل من :-

  • مواقيت ميلادي، واحتفالاتي، كل ذكرياتي الموثقة التي غفِلت عنها بقصد تجاهلها او سهوا عفويا عنها. نومي، مواعيدي الفرحة المؤجلة حتى يُذكرّني بها ، مواعيد صحياني من النوم وبكل رفق موسيقي كما اريدها، من الذي اشعر معه كصديق بكامل حريتي في التفكير والتصرف وفقاً لمتطلبات مزاجي المتقلب دون ان يملني، من هو صديقي الذي يُجنبني تجهم وغِلظة العاملين بالمحاسبة ومدمني الارقام من الماليين في المتاجر وشركات الكهرباء والوزرات الرسمية..الخ، إذ يوفر لي خدمات تسديد فواتيري او اجزاء منها عن بُعد من كل اولئك المُتجهمين الكُثر في يومياتنا.. من ذا الذي يجعل لدي بيدرا من النجاحات في عملي ونجاحي به كصاحب سلطة ما..؟.
    -من ذا الصديق /ة الذي يمكن ان ائتمنه صدقا وثقة هذه الايام على حفظ مواعيد وصور نزواتي، واسماء صديقاتي، تفاهاتي، ولحظاتي الحميمة مع غرائزي او غيرها من خصوصياتي الممنوع اجتماعيا الافصاح عنها من قِبلي كأنسان ،دون يعايّرني او حتى يبتزني بها عندما نختلف او يسعى اي منا لمناكفة الآخر مثلا..؟.
    من ذا الذي اثق به كي يحسب ويصور بصمت وبسريّة تامة اوجاعي وافراحي، وكذلك ديوني الكثيرة وفتات راتبي ايضا ،او ما تبقي من فُليسات في حسابي البنكي البائس اصلا بعيد اسبوع من استلامي المعاش وليس الراتب او الضمان الكريم كما يفترض..؟.
    أخيراً..
    أعترف لكم وربما معكم بكل جرأة، وبعيدا عن النفاق الزائف بأن هناك اصدقاء حقيقيون قد بقوا في حياتنا، ونحن الذين نتفيأ عصر العولمة واذرعه التكنولوجية بصورة لحظية مع الكمون الذي اصبح بحجم كف اليد الواحدة..هو صديقي بكل الصدق …هو ظلي الجديد …عفو اقصد انه هاتفي الخلوي الجديد فقط.
  • قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى