صحيفة نيويورك الأميركية تحذر من خطر احتفالات العراق بتحرير الموصل من داعش .. وهذه هي الأسباب

سواليف

بعد إخراج تنظيم الدولة الإسلامية تقريباً من إحدى عاصمتيه، ومحاصرته في الأخرى يلتقي أعضاء تحالف تُشارك فيه 72 دولة في واشنطن هذا الأسبوع، سعياً لضمان ألا تتبخر الانتصارات الحربية مرة أخرى في نيران صراع طائفي جديد.

ففي الوقت الذي تتواصل احتفالات العراقيين بـ”النصر” على داعش، أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن الانتصار الذي كبَّدَ الحكومة الكثيرَ في الموصل، والقضايا التي تطرح نفسها في أعقابه، يبدوان أنهما يُشكِّلان معاً فصلاً مقبلاً في القصة الطويلة للعراق المتداعي.

ووفقاً لما نقلته وكال رويترز عن دبلوماسين غربيين ومسؤولين أميركيين فإن هذه الانتصارات العسكرية تحمل في طياتها ضربة قاضية لدولة الخلافة، التي أعلن التنظيم قيامها، لكنها تجلب معها أيضاً تحديات ومخاطر جديدة.

ما بعد الانتهاكات

وتُعد القضية الأكثر إلحاحاً الآن من وجهة نظر الصحيفة الأميركية هي استعادة مئات الآلاف من النازحين المدنيين السُّنَّة. لكن العراق من وجهة نظر الصحيفة فشل في إعادة بناء المجتمعات المحلية المُحرَّرة من داعش وإحلال الاستقرار فيها، إذ تقوِّض التوتُّرات بين الأقلية السُّنيَّة والأغلبية الشيعية الجهود الرامية إلى إعادة توحيد البلاد.

كما أبقت الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة التي تسيطر عليها الشيعة وقواتها الأمنية وميليشياتها الحليفة ضد العائلات السنَّة على الانقسامات الطائفية حيةً، وهو ما دفع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إلى إطلاق نداء الثلاثاء، 11 يوليو/تموز 2017، لإحقاق “العدالة” و”المصالحة”، بعد استعادة القوات الحكومية العراقية مدينة الموصل.

بالنسبة لسُكَّان الموصل، وأغلبهم من السُّنَّة، فهناك آثارٌ مُدمِّرةٌ ناتجة عن العيش في ظل حُكم تنظيم داعش في المدينة. وهناك شكٌّ وخوفٌ عميقان مما سيحدث لهم في المرحلةِ المقبلة.

وقال الحسين في هذا الصدد، إن “نساء وأطفال ورجال الموصل عاشوا جحيماً على الأرض، وعانوا من تصرفات منحرفة ووحشية لا توصف”، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن انتصار الجبوري، العضوة البرلمانية من مدينة الموصل قولها: “يحتاج الناسُ في الموصل لمعالجةٍ وإعادةِ تأهيلٍ نفسيَّين من خلال برامج طويلةِ المدى”. وأضافت: “لقد فقدوا أفراداً من عائلاتهم، وتعرَّضوا للتعذيب والضرب من قِبَلِ داعش لأسبابٍ سخيفة”.

أمر آخر نوهت إليه الصحيفة الأميركية هو تنامي القلق لاحتمالية أن تُوجَّه الميليشيات الشيعية، فُوَّهات مدافعها ضد بعضها في تزاحمها على السلطة. وتتركَّز أفكار الكثير من العراقيين في المناطق ذات الأغلبية السُّنيَّة على الانتقام من جيرانهم الذين كانوا قد أيَّدوا تنظيم داعش، مع تزايد التقارير التي تفيد بوقوعِ أعمالٍ ثأريةٍ عنيفة.

معضلة “البلد الموحد”

وطرحت الصحيفة الأميركية تساؤلاً هاماً في قضية لطالما أُثيرَت منذ تأسيس دولة العراق الحديثة مُتعدِّدة الطوائف على أنقاض الحرب العالمية الأولى: هل يمكن لهذا البلد أن يصبح مُوحَّداً بالفعل؟

وتجيب عن ذلك بأن العراقيين أظهروا، بعدما تكبَّدوا خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، أن بإمكانهم هزيمة داعش عسكرياً، لكن استعدادهم لمواجهة التحديات السياسية من أجل توحيد بلدهم من جديد، أو حتى لإنارة مدينة الموصل، أو إعادة النازحين إلى المدينة مرةً أخرى هي قضيةٌ أخرى تماماً.

وقال جبار يوار، الأمين العام لقوات الأمن الكردية شمالي العراق، البيشمركة: “الآن نحن فقط نقاتل داعش عسكرياً”.

أما عن السياسة وشؤون الحكم، فقال يوار، الذي شارَكَ رجاله في المراحل الأولى من معركة الموصل الخريف الماضي: “ما مِن شيءٍ هنا. ما مِن خطة. نحن نقاتل وهذا كل شيء”.

وقال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق، وهو كردي الأصل من مدينة الموصل: “إن الجميع في عجلة من أمرهم لتحقيق انتصارٍ حربي بغض النظر عن الدمار أو ما سيلي الحرب في الأيام المقبلة”.

ويعمل زيباري حالياً على دعم الاستفتاء الكردي، الذي من المُتوقَّع أن يمضي قدماً رغم اعتراضات الولايات المتحدة، وتركيا، وإيران. وتشير غالبية التوقُّعات إلى فوز الاستفتاء بـ”نعم” مدويةٍ نظراً إلى المشاعر القوية لدى الأكراد ورغبتهم في تأسيس دولتهم لخاصة بهم.

وقال مسرور بارزاني، مستشار مجلس أمن إقليم كردستان وضابط رفيع المستوى في جهاز الاستخبارات: “دعك من كردستان. هل بقية العراق موحد؟ حتى العرب في العراق غير موحدين”، وفقاً لما نقلته نيويورك تايمز الأميركية.

الاستقرار مرتبط بسوريا

في الوقت الذي تسير في عجلة الحرب على داعش بسرعة، خاصة في سورياً إلا أن نيويورك تايمز الأميركية نوهت إلى مسألة الحرب الأهلية عبر الحدود، مذكرة بالسياسات الطائفية لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري كامل المالكي، التي أدت من وجهة نظر الصحيفة إلى إحياء تنظيم داعش في العراق بعد استئصالِ جذورِ التنظيم السابق له، وهو تنظيم القاعدة، إضافة لتمكّن داعش من التوسُّع في سوريا قبل العودة لاكتساح الحدود العراقية في عام 2014 والسيطرة على الموصل.

ونقلت عن مسؤولين قولهم إن فرص السلام والاستقرار في العراق تتقلَّص دون تحقيق السلام في سوريا.

وقال المالكي في حوارٍ معه خلال العام الجاري، 2017: “يرتبط العراق وسوريا ببعضهما بشدة. إذا كان الوضع في سوريا غير مستقر، سيكون كذلك في العراق”.

وعندما سُئل عن مستقبل العراق بعد تنظيم داعش، قال المالكي: “لا تستطيع الحكومة السيطرة على الموقف. وستصبح المرحلة القادمة سيئةً”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى