توالت شهادات المعتقلين في سجن العقرب بمصر، وروايات ذويهم، حول الانتهاكات الممارسة ضد السجناء، في ظل شتاء قارس يضرب البلاد، وظروف احتجاز غاية في القسوة، كما يقولون.
فقالت عزة توفيق، زوجة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، عقب زيارتها الأخيرة مطلع الأسبوع الحالي، له ولابنها سعد، المحتجزين في “العقرب”، إن “زوجي كان يعاني من ضيق في الشعب الهوائية لحساسية صدره الشديدة، وأخبرنا أن هذا الضيق تزايد جراء كمية العفن الموجودة على جدار الزنزانة بسبب الرطوبة الشديدة”.
وأضافت على صفحتها في “فيسبوك” أن الشاطر “يحاول غسل العفونة دائما بلا جدوى، لعدم وصول أي أشعة شمس، ولأن السجن مصمم على أن يكون مستوى الجدران من الخرسانة تحت سطح الأرض”.
شهادات لمعتقلين سابقين
ونقلت صفحة “الدفء للمساجين” في “فيسبوك” الأربعاء، شهادات عدد من المعتقلين السابقين عن “برد مقبرة العقرب”، منها شهادة الناشط علاء رجب التي قال فيها إن “السجون في هذه الأوقات ثلاجات، ومع قلة الغطاء والملابس والطعام؛ يتحول ليل الشتاء في الزنزانة إلى كابوس”.
وأضاف: “إذا نمت على ظهرك؛ أحسست أنه يتجمد، وإذا نمت على جنبك؛ أحسست أن أحشاءك كلها تتقلص، وإذا قمت تصلي؛ أحسست أن المياه مكهربة من شدة البرد، وإذا وقفت تصلي؛ تصلي وأنت محني الظهر من البرد؛ ترتعش كالمحموم”.
وأوضح رجب أن “العقرب ليس أشد السجون بردا، ولكنه الأشهر؛ لأن سكانه الأشهر”، متابعا: “جربت الشتاء في العقرب، وفي ليمان أبي زعبل، فوجدت برد أبي زعبل يقصف المسمار!”.
وتابع: “ذات مرة أخرجونا نستحم في المغسلة، ونحن راجعون؛ وجدت فردة حذاء قماش على كومة من الزبالة، فقلت لزميلي: آخذها؟ قال لي: لَحْسَن الشاويش يشوفك.. غافلت الشاويش وأخذتها، فكنت أنام وأنا أرتديها من شدة البرد، وأربطها بحبل من البطانية حتى لا تنخلع مني وأنا نائم”.
وأردف: “لقد كنت سعيدا بفردة الحذاء هذه سعادة لا توصف! فقد كنت قد أجريت عمليتين في قدمي، وكنت لا أشعر بهما من شدة البرد، فلما جاءت فردة الحذاء هذه أشعرتني بقدميّ، ولكنها لم تستمر معي طويلا، فلقد أخذوها مني في أحد التفتيشات، بالإضافة إلى كيس كنت أغطي به الشباك لأمنع شيئا من البرد، فقد كانت الأكياس ممنوعة، وكان لزاما ان يبقى الشباك مفتوحا لنموت من البرد”.
وفي شهادة أخرى؛ نقل الناشط محمد جلال على صفحته في “فيسبوك” عن أحد المعتقلين قوله: “زمان؛ كنا نقول إن معتقلي العقرب يموتون بالبطيء.. الآن يموّتونهم سريعا، فالكسور لم تجبر، والجروح لم تخيط، والنزيف مستمر، والشباب يموتون، وليس هناك دواء”.
وأضاف المعتقل الذي لم يُعرف اسمه: “لا يوجد في العقرب بطاطين ولا ملابس في هذا الجو المثلج، حيث المياه تملأ أرضيات الزنازين، وأغلب الشباب حاليا مكسّرون، فهناك من كسر له ضلع، ومن كسرت له قدم، ولم يتلقوا أي علاج”.
ياسمين: “أبي يموت”
من جهتها؛ قالت ياسمين، ابنة البرلماني السابق حازم فاروق، المعتقل في سجن العقرب، بعد زيارتها له مطلع الأسبوع الجاري: “أبي لا يزال يرتدي الملابسة الصيفية، وهي خفيفة جدا، وتلقائيا قلت له: (البس تقيل)، فرد عليّ بابتسامة كلها وجع: (أجيب منين اللي أتقّل بيه)، فقلت له: (قالوا إنهم في الكانتين صرفوا لكم ملابس وشرابات)، فابتسم ابتسامة أسوأ مما قبلها وقال (سيبك.. ربك كريم)”.
وأضافت على صفحتها في “فيسبوك”: “أبي أصبح ينسى بشكل غير طبيعي.. أبي يموت بالبطيء يا بلد عايزة الحرق”، على حد تعبيرها.
وعاد اسم السجن شديد الحراسة المعروف بـ”العقرب” أو “992”، الذي خصصه نظام الانقلاب المصري لمعتقلي الجماعات الإسلامية، للظهور بقوة مؤخرا، من خلال رسائل المعتقلين، وشهادات الأهالي التي رصدت تصاعد حدة الانتهاكات الممارسة ضد المعتقلين خلال الأيام القليلة الماضية، والتي أطلق عليها المعتقلون اسم “حفلات التعذيب”.