مقال الإثنين 11-12-2017
النص الأصلي
شكراً للقدس
شكراً للقدس مرة أخرى ، لا لأنها وحدتنا من جديد ورتّبت مشاعرنا وأولوياتنا الوطنية فقط ، ولا لأنها عرّت بعض الصامتين من أشقاء العروبة وذكرتنا بألم الاغتصاب بأثر رجعي ، بل لأنها سمحت لنا نحن الشعوب المسحوقة والمطالبة بالإصلاح السياسي منذ عقد تقريباً والمواظبة على الصراخ والأنين من وجع العيش واستفحال الغلاء أن نرى بعض نوابنا وسياسيينا ينزلون معنا الى الساحات ليصرخوا مثلنا ويمشوا على ذات الدرب الذي كنا وما زلنا نمشيه كلما تغوّلت الحكومات على لقمة عيشنا..أخيّراً ضحّى كبار النواب بجلد كراسيهم وسجاد مكاتبهم ومشوا على الأرض – كأي بشر- لكنهم هذه المرة نزلوا بقدرة قادر وبدون اجراء عمليات حسابية سياسية وصاروا يهتفون للقدس..
سبحان من أنزل رئيس مجلس النواب والوزراء إلى وسط البلد هاتفين لأجل القدس، بعد ان استجديناهم منذ 10 سنين أن ينزلوا معنا لأجل كرامة عيشنا ورغيف خبزنا ومستقبل وطننا ، سبحان الذي أنزل كبار النواب الذين أحبطوا أكثر من مرة التصويت على اتفاقية الغاز المبرمة مع ذات العدو الذي نندّد بجرائمه ونحتج على غطرسته اليوم ، سبحان الذي انزل كبار النواب الذين وقعوا الف مرة على سحب السفير ثم تقلصوا وتراجعوا وهرّبوا جلسات التصويت بحرفية لا مثيل لها ، سبحان من طوّع عقولهم وطيب قلوبهم وصاروا أنصار القدس والقضية فجأة..
مئات المسيرات التي أقيمت في وسط البلد وفي المحافظات لأجل محاربة الفساد واسترداد أموال الدولة لم نر ربطة عنق واحدة ممن يجلسون حول دائرة القرار ، مئات الوقفات الاحتجاجية التي كانت تبث شكواها ومظالمها على بوابات المجلس لم تقابل الا باستدعاء قوات الأمن قبل سماعهم او استلام مطالبهم ، ها هم ينصهرون بإرادة ربّانية ودون تردد او تفكير أو قياس منسوب الرضا والغضب العالي ويقررون النزول والهتاف وحمل اللافتات..سبحان الذي جعل من صرخوا بابن البلد الخائف على عيشه “مش شغلك يا مواطن” يضعون أكتافهم الى كتف المواطن دون تكبّر او تجبّز او فوقية..
شكراً للقدس التي جعلتنا نراهم وجها لوجه دون إضاءة الكاميرات او “مكياج” المقابلات أو مزاودات المصلحة الوطنية …شكراً للقدس التي جعلت سكّان المريخ أن يزورا أهل الأرض لساعة ونصف نصرة للقبة ثم يعودون الى كوكبهم المشيّد في العبدلي تحت القبة..
غطيني يا كرمة العلي بلافته فليكس..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com