شكراً بالمعكوس
كل الشُّكرِ لِلمخادعِينَ، المنافِقينَ، المُستغِلينَ، الكاذِبِينَ، القَلقةِ قُلوبهمْ، المُضطَرِبَةِ عُقولهمْ، الهشةِ نُفوسهمْ النازفينَ دونَ توقفٍ. أُولَئِكَ الذِينَ يُضرِمُونَ النارَ بِالحَطَبِ ظَناً مِنهُمْ السطوَةَ وَما هُمْ إِلا هَوَامشَ فِي كتبٍ مُمَزقَةٍ.
الشَّاهرُونَ لِسيوفِهِمْ بِوجهِكَ عِندَ مُصافحتِهِمْ، فَيهُمونَ لِبترِ يَديكَ بِنَوَاياهُمُ الخَائنةِ، يُشبِهُونَ الْكُثبانَ فَتغيرهُمُ الرياحُ حَسبَ مُبتغَاهمْ، أَمَّا صَحراؤُكَ تَبقى كَما هيَ فَلا يَشعُرُونَ بِقوتهَا وثباتِها، إِلا حِينَ تَلتهِبُ أَقدامُهمْ مِن شرِّ أَفعالهمْ.
تِلكَ الثُّلةُ مِنَ البشَرِ يَجعلونَ عَينيكَ نافذَةً لِتتجاوزَ ظلامهُمْ، فلَا تَبقى قَابِعاً فِي الظلِّ منتظِراً سَرَابهمْ، فَتسبحَ بَعيداً عَنْ مِياهِهِمُ الضحلةِ، حَذِراً مِنْ تَنَكرِهِمْ بِثِيابِهِمُ الوَادعةِ، فَتغْدوَ مُلتصِقاً بِقيمكَ النقيةِ، مَبَادِئِكَ الأَصيلَةِ الراسخةِ، يَجعلُونَكَ مُتجذراً كالسندِيَانِ فَلا تُغَيركَ مُصَادَفَتهمْ، ولَا تَحنِيكَ تقَلباتهمْ.
أُولئكَ البشرُ يُعَلمونَكَ أَن تُعيدَهمْ سِيرَتَهمُ الأولَى، فتنأَى عن مَعَابِدِهِمُ الْمشحُونَةِ بِالرياءِ، فَلَا تَبقَى مَطحُونًا فِي مَعارِكِ نِفَاقهِمْ، وَلَا تنظرْ لِشحوبِ مِيراثهمْ.
فَلتكُن وَاثِقاً،مُعْتداً، وَإِنْ صَادفتكَ أَضدادُكَ وَمنْ عَلَى شَاكلتهِمْ، يُجْعلكَ عَلَى يَقينٍ بِأَنكَ مَنجِماً لِلذهَبِ، وَإِنْ مَروا بِرِحلةِ حيَاتِكَ فَإِنكَ بَعْدَ كل مَرةٍ تُولَدُ كالعنقاءِ وَتَنفضُ جناحيكَ من رَمادِهِمْ، فَتَبقى أَبوابكَ مُشرَعَة لِلشمْسِ الْمتوَهجةِ وَترى الفضاءَ الفسيحَ فِي كلِّ ذرةٍ، فَابحثْ عَن اطمئنانِ قَلبكَ لا انبهَارِكَ واسعَ بِمَنَاكِبِ الأرضِ عَنْ صَفَاءِ رُوحِكَ لَا أَلمكَ.