في بيتنا نجّار / يوسف غيشان

في بيتنا نجّار
يوسف غيشان

تعرفون قصة النجار بداخل الخزانة ؟؟؟

على كل حال،لمن لا يعرفها ، فإن امرأة يقع بيتها قرب سكة الحديد، كانت تعاني من انهيار خزانتها الخشبية وتفككها التدريجي، داخل غرفة نومها، كلما مر القطار قرب البيت، ومن اجل حل المشكلة احضرت نجارا وشرحت له القضية بالتفصيل الممل.
النجار قال لها ان افضل طريقة هي ان يدخل داخل الخزانة، الى ان يمر القطار، حتى يعرف مكان البراغي المتأثرة بمرور القطار، ويقوم بتقويتها وتثبيتها. ودخل النجار بداخل الخزانة.

في هذه الأثناء عاد زوج المرأة الى البيت ، فوجد امرأته تنظر الى باب الخزانة في غرفة النوم، شك الرجل في الموضوع – على عادة الرجال- ، ففتح باب الخزانة بغضب ، فوجد النجار في الداخل .

النجار ضحك ، لا بل قهقه وهو يقول للرجل :

– لو حلفتلك ميت يمين بأني قاعد بستنى القطار .. ما رح اتصدقني .
لا أعرف رد فعل الزوج، الذي قد يختلف ، حسب درجة غيرته وتعقله أو جهله، أو مدى ثقته بزوجتة، أو ربما يجد الأمر فرصة للتخلص من الزوجة والعشيق المزيف ليقتلهما معا،ويخرج من هذه الجريمة المزدوجة مثل الشعرة من العجين، ويحصل على امتياز الظروف المخففة التي تعطيها معظم قوانين العقوبات والجرائم في العالم العربي ، لمن يقتل واحدة من حريمه أو ولاياه في ظروف (من شأنها أن) تجلب الشبهة.
المهم في هذه النكتة أن نتعلم منها درسا جيدا: أن الأشياء ليست كما تبدو تماما، وهذا ينطبق على كل ما نراه حولنا من اشتباكات سياسية وعسكريةـ واجتماعيه وطائفية وغيرها.

– فلا الأصدقاء اصدقاء فعلا.
– ولا الأعداء اعداء حقا.
– والقاتل قد يكون المقتول.
– والمقتول قد يكون القاتل.

نحن في مرحلة (ضياع الطاسة) تماما ، وللطاسة هذه قصة اخرى . حيث ان احد الولاة في لبنان خلال الحكم العثماني ، وضع مقياسا محددا للمكاييل ، عبارة عن طنجرة او طاسة، ليتم الإحتكام اليها اذا اختلفت المعايير.
وكان ان شك الناس في ان التجار يغشون في المكاييل – على عادتهم- فقرروا الرجوع الى الطاسة المحفوظة في خزنة الولاية .
للأسف ، لم يجدوا الطاسة ، فقد سرقها التجار.
تماما كما سرقنا تجار السياسة..وضعنا.

يوسف غيشان
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى