شعبوية سيلفي المٶتمرات في بلد اللاتخصص!

#شعبوية #سيلفي المٶتمرات في بلد اللاتخصص!

شبلي العجارمة

في منفی عزلتي غير الموحش,وفي زنزانتي الإرادية التي أحببت,هنا ين جدرانٍ لا ظلال للأشياء فيها ,أنا ,وقلمُُ وحيد ,وفنجان قهوةٍ وحيد وقطعُُ من السکر داهمها النمل المتطفل للتو,لا شهوة لدي للمطالعة أو حتی لکتابة عبارةٍ مختزلة تبدد هذا الصمت الأسود,کما بدد النمل الأسود قطعة سکري البيضاء.
بعثت لي زميلةً بصورة امرأةٍ أعرفها وتعرفني جيداً منذ زمنٍ .وانقطع حبل ذاك الزمن الباٸس بيننا کما انقطع حبل الرافعة قبل الأمس في العقبة و الذي أثخن قلوب النوارس بالجراحات العميقة ,بل ونثر الحزن علی اثنتي عشرة عتبة للبيوت التي کانت تنتظر أجسادهم المتعبة لا توابيتهم الصامتة ,کانت صورة السيلفي لتلك المرأة التي عرفتها تطل من شرفة مٶتمرٍ في إحدی فنادق الوطن بعنوان الإصلاحات السياسية ,عند لحظة وصول الصورة تبسمت ,ضحکت ثم قهقهت بطريقةٍ هستيرية ساخرة ,واکتفيت بالرد علی رسالة الزميلة التي بعثت لي بالصور بعبارة “ربما أن أصحاب تخصصات الفوط الصحية ومراکز ترکيز الإعاقات لإعاقات أکثر تعقيداً لابتزاز جيوب وقلوب الأهل الحاٸرين ,ربما أن هٶلاء هم من لديهم خلطة حلول الإصلاحات السرية أكثر من منظري السياسة والاقتصاد والأدب! “.
ما الذي ينتظره الشعب الأردني من مٶتمرات شاي التاسعة وقهوة العاشرة وإفطار الحادية عشرة وغداء الساعة الواحدة ?,ما الذي سينجم عن صور السيلفي لهذه الزمر التي تلتقطها حتی مع زجاجة الماء لأنها بالمجان,والتي تعبر عن هجنتهم وفقرهم النفسي لکل هذه الفراغات الذاتية المظلمة?,ما الذي سيتمخض عنه رحم هذه المٶتمرات ,الندوات ,الورشات ورزم الورق وحزم الأقلام المجانية التي يتم سرقتها ودسها في حقاٸب اليد أو في جيوب بواطن الجواکيت ?.
تنشيطاً للسياحة الراکدة في الفنادق التي لا تحفل بفقراء الشعب لما قبل عصر کورونا, ومن يدفع الحساب لهذه المٶتمرات الکاذبة?, هم الفلاح والراعي والصنايعية والجند لا أکثر ولا أبعد ,عناوين فارغة علی وساٸل الإعلام لا تسمن من هزال ولا تغن من جوع, وفواتير تصرف تحت هذه البنود العبثية للسماسرة الحکوميين من أجل لحسة الإصبع التي تقدر بالآلاف .
ولعل مفارقة المشهد أو مقارنته في هذه المٶتمرات والندوات مع ما حصل بالأٛمس من سفك دماء بريٸة لطالبة ذبحت فينا خواصر الحزن حدّ الموت ,وکذلك للإهمال والتسيب الذي دفعنا ثمنه أرواحاً بالعشرات علی ضفاف العقبة التي أعدها الله للاستجمام والراحة لا للموت والهلاك ,واليوم حفرة لطامع بکنوز قارون تأکل جسد لرجل دفاع مدني بريء,کانت تنظره زوجته وأطفاله علی غداء الجمعة کبقية الناس ,وقبلها أکسجين السلط ,وعلی الأمس المتوسط أحداث قلعة الكرك ,وبعدها مذبحة البحر الميت .
مٶتمرات وورشات عمل ودورات ومبادارت بالعشرات ,لکن النتاجات موتی وضحايا بالعشرات بل بالمٸات قياساً بالانعکاسات سلباً علی واقع المجتع العاطفي الطيب وذوي الضحايا,لأن هذه الخزعبلات ضمن البرستيج المزيف الکاذب لا ترمم قبحاً ولا تجمل صبحاً ولا تأت بالمعجزات .
عندما انهار الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات ,سٸل مسٶول کان بارزاً وشريکاً في تحطيم بلاده عن قصد ,ما الذي فعلته في بلادك حتی وصلت لما هي عليه الآن?,فقال قولته المشهورة,بأنه کان فقط يقوم بتبديل الأدوار بين موظفي الدولة ,فيضع مدرس الرياضيات في وزارة الزراعة ,ويضع المهندس ليدرس الرياضيات وهکذا ,وهو وضع غير المختص في مجال لا يجيد العمل به ولا يعرف عنه أي شيء.
عندما يتحدث متخصصوا التربية الخاصة عن معجزة الإصلاح السياسي ,بينما يتحدث السياسي عن إصلاح التربية و التعليم ويتحدث الطبيب عن المشکلات والتحديات التي تواجه قطاع الزراعة,فنحن لا شك في دوامة استهبال ممنهج ,واستخفاف للعقول مبرمج ومتقن ,والأکثر سخريةً هو عند توثيق هذه المسرحيات الهزيلة بصورة سيلفي وعبارات أکثر شعبوية وأقل نضجاً تجد أنك بحاجة لمهدیء صداع لم يتم اکتشافه بعد لاستحالة حالة الصداع التي تنتابك حينها.
والعزاء الوحيد للتدليل علی صحة ما قلته ,هو حديث النبيﷺ حينما قال: “إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» (رواه البخاري).

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى