” حبوب منع التسحيج !”

” حبوب منع التسحيج !”
د. محمد شواقفة

بكل أسف أعلن عجزي التام بعد سنوات من الابحاث و وقت غير قصير أمضيته ملاحقا وهما أدركت أنه لم يك سوى خيط دخان تلاشى في العدم …. فشلت في ايجاد خليط لمنع التسحيج.
في تجربة خيالية بالتعاون مع صديقي الذي كان يمتلك جسدا بلا روح …. جربنا خليطا سريا من المركبات و التي أثبتت نجاعتها في التخلص من بعض أعراض النفاق و التسحيج و لكنها لم تنجح أبدا يوما في استئصال شأفة هذا المرض اللعين … و كان عندنا في القفص مجموعتين من الفئران والتي نستخدمها عادة في التجارب …. أعطينا المجموعة الاولى الخليط بعد ان خلطناه لها بماء الشرب دون أن تعلم بذلك … و أعطينا المجموعة الثانية خليطا خاليا من أي من تلك المركبات … و هذا ما نسميه في تجاربنا ” Placebo “.
بعد فترة من المراقبة الحثيثة للمجموعتين … قررنا تعريض المجموعتين لظروف قاسية لاختبار مدى احتمالها …. فقررنا تخفيض كمية الطعام المقدم لها كل يوم للنصف ….وجدنا ان المجموعة الثانية تناولت الحصة المخفضة دون اعتراض او شكوى و لم نسمع لها ضجيجا او اي من بوادر الاحتجاج …. بينما كانت المجموعة الاولى ساخطة و غاضبة و ساد هرج و مرج بينها فتراها تتراكض تجاه ابواب القفص لدرجة ان احدها استغل غفلة الجموع الساخطة و القى بنفسه من أعلى القفص جثة هامدة لا حراك فيها…. و قطع أحدهم ذيله و راح يلوح به احتجاجا على التجويع ….
قررنا حرمان المجموعتين من الطعام يوما بعد يوم …و راقبنا ما يحدث …فترى المجموعة الثانية ركنت للزوايا تحاول النوم لتغالب به جوعها …تحافظ على طاقتها فلا تتحرك لكي تستطيع المقاومة … و لكن المجموعة الاولى ازداد صخبها و ضجيجها فكسرت باب القفص و راحت تبحث عن طعامها في كل الاتجاهات … ولم تخش القط السمين الذي كان متربصا بها …. و راح منها من كان ضحية لتهوره او شجاعته و راح بعضها وجبة غير متوقعة لحارس الاقفاص الشره ….
توقعنا ان خليطنا فعلا له مفعول قوي ….و انه سيكون اكتشافنا الذي ربما سيوصلنا لجائزة نوبل …. فقررنا أن نفتح الاقفاص للمجموعتين ….و تركهم جميعا بدون طعام نهائيا و لم نسمح للجميع سوى بالوصول الى الماء فقط …و مع ذلك و تركنا القط طليقا في اركان المختبر ….
كانت مفاجئة لنا أن المجموعة التي تناولت الخليط بعد اختلاطها بالمجموعة الاخرى غير مختلفة تماما …. ركنت جميع الفئران للزوايا للاختباء … و ركنت للجوع و استسلمت تماما و هي ترى القط يتناوب على التقاط بعضها …. واحدا تلو الآخر و من كلتا المجموعتين ..لا فرق !
تفحصنا الخليط … و زدنا الجرعة و لكن النتيجة ذاتها في كل مرة …. لم نستطع تفسير ذلك بأي شكل … و قررنا وقف التجربة لاشعار آخر ….
شاركت صديقي الذي لا يمتلك روحا حيرتي … فقال لي: لا بد أن هناك شيئا في الماء !!!

” دبوس على التسحيج ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى