شربوشة

شربوشة
رائد عبدالرحمن حجازي

يُحكى أن محتالين أثناء تجوالهما بين القُرى والأرياف بحثاً عن ضحايا جُدد لعمليات النصب والاحتيال الخاصة بهما قد مرّا بقرية حيث كان معظم رجال القرية يتسامرون في مضافة مختار قريتهم . استرقا النظر من النافذة وإذ بجميع الرجال ينصتون لأحد المتحدثين .
تناقشا بالأمر هل يدخلان عليهم أم لا ؟ فعلى ما يبدو أن هذا الجمع من الرجال ليس من السهل التحايل عليهم ، أخيراً استقر رأيهما على أن يدخل أحدهما على جمعة الرجال ويجس النبض ، فإن كانوا من أصحاب الفطنة والذكاء عاد أدراجه وأكملا مسيرهما .
دخل المحتال الأول وطرح السلام فقوبل بالتحايا والترحيب ، وبعد أن قُدم له فنجان القهوة سألهم قائلاً
المحتال الأول : إن شا الله لمتكوا لمة خير
الرجال : والله بنتعلل وبنتسلى
المحتال الأول : طيب شو رأيكوا أحزّركوا حُزّيرية واللي بعرفها بعطية دينار وإذا ما عرفتوها بتعطوني كل واحد دينار .
الرجال : موافقين
المحتال الأول : إشي إله شربوشة من هون وشربوشة من هون ؟ (وأشار بشاهده مرة لليمين ومرة للشمال والقصد أن يقول لهم شربوشة من اليمين وشربوشة من الشمال)
تعددت إجابات الرجال ما بين الخُرج والجلال والمخدة وغير ذلك ، لكن كان الجواب في كل مرة من قِبل المحتال بالنفي . إلى أن عجز الرجال فقالوا له : عجزنا عن الجواب .
المحتال الأول : هاتوا كل واحد دينار . (فعلاً تم جمع عشرة دنانير وهي بعدد الرجال وقُدمت للمحتال الأول) وبعد أن وضعهم بجيبه قال لهم : الجواب هو برداية الشباك . وأشار بيده إلى برداية الشباك التي خلفهم وفعلاً كان لها شربوشة من اليمين وشربوشة من الشمال . فضحك الجميع على نباهة وفطنة الضيف . وطلبوا منه أن يُكمل التعليله معهم لكنه اعتذر متحججاً بأنه على سفر ولا يستطيع البقاء أكثر من ذلك .
خرج المحتال الأول ليخبر صديقه بما دار بينه وبين الرجال . وقال له : هساعيات أجا دورك ترى الجماعة شكلهم عالبركة ( كرت أبيض) . وما هي إلا لحظات وإذ بالمحتال الثاني يطرق باب بالمضافة مستأذناً بالدخول والرجال لا زالوا مندهشين مما جرى ويتبادلون الضحكات فيما بينهم . بعد السلام وشُرب فنجان القهوة سألهم عن سبب ضحكاتهم فأجابوه بما جرى مع عابر السبيل (المحتال الأول) .
المحتال الثاني : طيب شو رأيكوا أحزّركوا كمان حُزّيرية واللي بعرفها بعطيه دينار وإذا ما عرفتوها كل واحد بدفع لي دينار ؟
الرجال : موافقين
المحتال الثاني : في إشي إله شربوشة من هون وشربوشة من هون ؟
ومرة أخرى تتعدد الإجابات كما في المرة الأولى وزيادةً عليها برداية شباك المضافة . لكن كان الجواب في كل مرة من قِبل المحتال الثاني بالنفي . فاستغرب الرجال وقالوا له إذاً ما هو الجواب ؟ فقال لهم البرداية اللي ببيتي ومش برداية شباك المضافة . للمرة الثانية عاد الرجال للضحك وجمعوا عشرة دنانير للمحتال الثاني وهم متعجبون من نباهته وفطنته . إلا أن المحتال الثاني قال لهم : شو رأيكوا أحزّركوا كمان حُزّيرية ؟ فوافقوا على ذلك .
المحتال الثاني : في إشي إله شربوشتين من هون وشربوشتين من هون ؟
وللمرة الثالثة تتعدد الإجابات كما في السابق مع إضافة البرداية التي في المضافة والتي في بيت المحتال الثاني . لكن كان الجواب في كل مرة من قِبل المحتال الثاني بالنفي . فاستغرب الرجال وقالوا له إذاً ما هو الجواب ؟ فقال لهم البرداية اللي بدار عمتي .
في هذه الأثناء طال إنتظار المحتال الأول لصديقه المحتال الثاني وظن أن الرجال قد كشفوا عملية التحايل عليهم ، لذلك استرق النظر والسمع من الشباك ليرى منظراً لم يكن بالحسبان ! فقد شاهد في حِجر صديقه كومة كبيرة من الدنانير والرجال حوله وكأنهم يجتمعون على قصعة طعام ، وهو يقول لهم : في إشي إله عشرين شربوشة من هون وعشرين شربوشة من هون ؟
للعلم الحُزّيرية بعدها شغّالة مع الجماعة لليوم .
#رائد_عبدالرحمن_حجازي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى