شبح الخوف يخيم على مكونات القطاع الزراعي

سواليف – مايزال الخوف من الفشل والخسارة يخيم على القطاع الزراعي في وادي الأردن، مع استمرار المشاكل التي انهكت المزارعين على مدى المواسم الخمسة الماضية، وخاصة مشكلة التسويق وما ينتج عنها من اختناقات تسويقية وتدن في الاسعار، يضاف الى ذلك عجز عدد كبير من المزارعين عن البدء بتجهيز اراضيهم للموسم الجديد، اذ أدركهم الوقت دون تمكنهم من الحصول على السيولة اللازمة لحراثة الأرض وتعقيمها وتشتيل البذور في المشاتل.
مزارعون اكدوا ان استمرار هذه الاوضاع سيؤدي حتما الى تراجع المساحات التي تزرع سنويا على امتداد الوادي، الأمر الذي قد ينعكس على اسعار الخضار خلال الموسم الغوري الذي يبدأ إنتاجه في تشرين الأول من كل عام.
يرى المزارع ابو احمد ان خوف المزارعين من تكرار مسلسل الخسائر الذي تكرر على مدى السنوات الماضية مع استمرار الأحداث الجارية في دول الجوار دفع بالكثيرين الى ترك المهنة، لافتا الى ان عدد كبير من اصحاب الاراضي يفضلون تركها بورا أو تأجيرها على زراعتها في حين قام آخرون بإعادة الاراضي المستأجرة إلى أصحابها.
ويبدي أبو أحمد قلقه من عواقب الزراعة للموسم المقبل مع عدم وجود أية مؤشرات على تحسن الأوضاع على صعيد التسويق أو انخفاض تكاليف الإنتاج، مضيفا ان احجام الشركات الزراعية عن دعم المزارعين وتمويلهم للبدء بزراعة اراضيهم سيسهم كثيرا في تراجع المساحات التي ستزرع للموسم الحالي.
ويبين المزارع محمد العدوان ان هذا الحال ينطبق على حوالي 60 % من مزارعي المنطقة الذين لا يملكون اجور حراثة الأراضي وأجرة العمال للبدء بعمليات التجهيز الضرورية، موضحا أن المزارعين الذين زرعوا جزءا من أراضيهم بالباذنجان بوقت مبكر لتوفير مصاريف زراعة الموسم الجديد تعرضوا لخسارة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي أتلفت عددا كبيرا من الأشتال وأخرت نموها.
يصف رئيس الجمعية الأردنية لمنتجي الخضار والفواكه زهير جويحان الموسم الزراعي القادم قد يضع المزارعين في وادي الأردن “بمخاطرة قد لا تحمد عقباها” لأن الخسارة في ظل الاوضاع الحالية مع استمرار الاوضاع الامنية المتردية في دول الجوار مؤكدة ولا مفر منها، لافتا إلى أن عددا قليلا من الشركات الزراعية تقوم حاليا بتمويل المزارعين على أمل أن يتمكنوا من سداد الديون التي تراكمت عليهم من الموسم الماضي.
ويبين جويحان أن مستقبل الزراعة في وادي الأردن مجهول مع عدم وجود أي مؤشرات على انفراج الأوضاع في القريب، لذا فإن الخوف ما يزال يخيم على جميع مكونات القطاع رغم أن المساحات التي يجري تجهيزها لن تقل كثيرا عن العام الماضي، وهو الأمر الذي يؤكده مدير زراعة وادي الأردن المهندس عبدالكريم الشهاب الذي استبعد تراجع مساحات الأراضي المزروعة في الوادي لأن المزارع الذي لا يستطيع زراعة أرضه نتيجة قلة الإمكانات سيجد من يستأجرها ويزرعها.
وتوقع الشهاب أن يكون الموسم الجديد أفضل من الموسم الماضي، لأن العديد من المزارعين بدأو فعليا بتغيير قناعاتهم حول الزراعة التقليدية بالاعتماد على زراعة صنف واحد، والتوجه الى زراعة عدة أصناف حسب رغبات الأسواق المحلية، لافتا الى ان الوزارة لم تأل جهدا للخروج بالقطاع الزراعي من هذا الوضع، من خلال البحث عن أسواق تصديرية جديدة وتسهيل انسياب المنتوجات الزراعية الى الأسواق الرئيسة.
وبين الشهاب أن حركة التصدير خلال الأعوام الماضية لم تتراجع مطلقا، إلا أن ما حدث من خسائر كان ناتجا عن زيادة الإنتاج بشكل مطرد؛ الأمر الذي تسبب بانخفاض الأسعار دون المأمول، مشددا على ان الحل الأنجع يبقى في تنويع الإنتاج من خلال التنوع في زراعة المحاصيل، والوزارة ومن خلال مديرياتها تقوم بتقديم النصح والإرشاد عن طريق الندوات والمحاضرات والمرشدين الزراعيين للدفع بهذا الاتجاه.
الأوضاع الحالية انعكست على جميع مكونات القطاع بحسب ما يرى صاحب المشتل الزراعي ناصر عبد الله، الذي أوضح أن كميات الاشتال التي يجري زراعتها تراجعت بنسبة 20 % مقارنة مع العام الماضي، وأن السبب في ذلك هو خوف المزارعين من تحمل ديون جديدة خاصة، وأن معظمهم لا يملكون ثمنها.
ويلفت عبدالله الى أنه ورغم ان معظم المزارعين تراكمت عليهم ديون للمشاتل الزراعية من الموسم الماضي، الا اننا نقوم مجبرين بإمداد المزارعين بالاشتال لهذا الموسم على أمل أن يتمكنوا من سداد ثمنها خلال الموسم مع بدء عمليات القطاف وتسديد الديون القديمة، وهو الأمر الذي يعول عليه أصحاب محلات المواد الزراعية بحسب نواش العايد.
ويبين العايد أن تمويل المزارعين تراجع بنسبة 60 % مقارنة مع الموسم الماضي، الأمر الذي انعكس على مبيعات الشركات بنسبة تراوحت ما بين 40 و60 %، في حين أن بعض الشركات أغلقت أبوابها وأخرى توقفت عن البيع لعدم توفر السيولة لدى المزارع لشراء مستلزمات الإنتاج، مشيرا إلى أن هذا الوضع انعكس سلبا على القطاع الزراعي بشكل عام؛ إذ إن ما يقرب من 40 % من المزارعين فقط استطاعوا تجهيز أراضيهم، فيما البقية ينتظرون من يمدهم بالمستلزمات اللازمة لذلك.
من جانبه، يؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الاردن عدنان الخدام أن القطاع الزراعي يواجه لحظة مفصلية هذا الموسم ستحدد بقاءه أو موته بعد سنوات عجاف أتت على الأخضر واليابس، دفعت بالعديد من صغار المزارعين الى هجر أراضيهم لعدم قدرتهم على تجهيزها، وامتناع الشركات الزراعية عن تمويلهم بسبب الديون المتراكمة.
ويرى الخدام أن استمرار المشاكل التى تسببت بانتكاسات متتالية للمزارعين كارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بشكل كبير وشح مياه الري وتراكم المديونية الزراعية وتراجع التصدير، مع استمرار إغلاق الأسواق الرئيسة، وعدم توفر العمالة الزراعية الكافية، سيؤدي الى تراجع المساحات بشكل لافت، مؤكدا أن عددا كبيرا من المزارعين قاموا ببيع البيوت البلاستيكية والمضخات وشبكات الري لسداد الديون التى تراكمت عليهم.
“هجران المزارع لأرضه ستكون له نتائج غير محمودة على المجتمع والاقتصاد خاصة فيما يتعلق بقضايا الفقر والبطالة” يقول الخدام مستدلا على ذلك بارتفاع أعداد المواطنين الذين يتقاضون رواتب معونة وطنية خلال السنوات الماضية، موضحا أن قطاع الزراعة الذي يعد من اكبر القطاعات المولدة لفرص العمل، تحول الى اكبر قطاع مولد للفقر والبطالة والأمراض الاجتماعية في الوادي.
وشدد الخدام على ان التهميش والتجاهل الحكومي لمشاكل وهموم القطاع عمقت من جراحه وزادت من الأعباء الملقاة على المزارعين، الأمر الذي حد من قدرتهم على مواصلة العمل، موضحا أن الحل الوحيد لمشكلة التسويق هو النقل الجوي “وقد طالبنا الحكومة مرارا بتوفير خطوط نقل جوي بأسعار مقبولة لتمكين المزارع من تسويق إنتاجه إلى دول أوروبا وروسيا”.

الغد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى