سيناريو للطوارئ / سلامة الدرعاوي

سيناريو للطوارئ
واضح أن المستوى المتحقق من مؤتمر لندن لم يكن بالمستوى المأمول، فالمنح المباشرة تبلغ 700 مليون دولار سنويا لمدة ثلاث أعوام، وهذه مبالغ لا تلبي الحد الأدنى لاحتياجات اللاجئين السوريين.
أما عن مسألة تغيير قواعد المنشأ للاتحاد الأوربي للسلع القادمة من الأردن، فهذا أمر قد يكون أقرب للمحال، لأنه محل تفاوض منذ أكثر من 15 عاما دون فائدة، ولا يوجد بالأفق ما يشير لتغير هذا التوجه.
أما عن السماح بالتوسع بالاقتراض ورفع السقف من 700 مليون دولار الى 1.9 مليار دولار، فهذا أمر لا يبشر بالخير أو الانفراج المالي، على العكس هو مؤشر سلبي للغاية، لانه يوجه السياسات الحكومية للاقتراض وبالتالي لمزيد من المديوينة التي باتت كابوسا يحيط بالاقتصاد الاردني واستقراره بعد ان بلغت 24.8 مليار دينار أو ما نسبته 90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.
واضح ان الاقتصاد الاردني بات اسيرا للتحديات الاقليمية ولم يعد يملك الكثير من أوراق التحرك لتجعله أكثر فاعلية أو حتى يتحرك بمرونة تجاه الازمات التي تحيط به.
على ضوء هذه التحديات فإن الامر يتطلب من الجهات المعنية التعامل بحذر مع المعطيات المستقبلية والتعاطي مع سيناريو طوارئ يحد من اي تطورات سلبية خطيرة لا سمح الله.
أولى خطوات التحوط هي ماذا ستفعل الحكومة وقت اعداد الموازنات المقبلة في حال تراجع المساعدات المتوقعة والمقدرة؟ ، وهذا أمر وارد ولنا تجارب سابقة مريرة فيه، حينها سيكون هناك وضع مالي صعب للغاية، إذا لم يتم ضبط حقيقي للانفاق المالي للدولة وإزالة التشوهات المالية الموجودة في الموازنة، وإلا فإن الحل السريع التقليدي الذي تلجأ له الحكومات حينها سيكون مزيدا من الاقتراض.
أما السيناريو الاكثر قلقا وسوف يؤثر على الاستقرار المالي هو مشاريع المنحة الخليجية التي تنتهي هذا العام، حيث بات واضحا ان الحكومة لم تستفد من الاموال الخليجية في توظيفها استثماريا وبشكل يعود بالفائدة على النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز ال2.5 بالمائة في السنوات الثلاث الماضية، والخطورة في الامر ان تلك المشاريع سوف تدخل بعد انتهاء المنحة إلى الموازنة التي ستكون ملزمة بتلبية النفقات التشغيلية لتلك المشاريع، وفي حال تباطؤ النمو الاقتصادي الراهن، فإن الحل سيكون حينها أيضا مزيدا من الاقتراض والمديونية.
واضح ان التحديات التي تحيط بالموازنة باتت تزداد بشكل اكبر مما كان يتوقعه راسم السياسة الاقتصادية، وعكس التصريحات الرسمية او حتى تصريحات المسؤولين في المؤسسات الاقتصادية الدولية التي باتت اكثر تشاؤما وقلقا من ذي قبل.
salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى