سيناريو الرعب في القدس

سواليف

يتخوف الإسرائيليون بشكل متواصل من اختلال “التوازن الديمغرافي” في كل فلسطين التاريخية (باستثناء قطاع غزة) عامة وفي القدس خاصة. وينعكس هذا الخوف الإسرائيلي حاليا من “سيناريو الرعب”، الذي بموجبه يُقْدم الفلسطينيون في القدس المحتلة على المشاركة في الانتخابات البلدية، واحتمال حدوث أمر كهذا حتى في الانتخابات المقبلة، التي ستجري العام المقبل. وفي هذا الإطار، تتركز المخاوف الإسرائيلية أيضا في احتمال وصول عدد كبير نسبيا من الفلسطينيين إلى مجلس بلدية القدس، بحيث لا يكون هناك أي مفر من مشاركتهم في أي ائتلاف بلدي يمكن تشكيله.

في هذه الأثناء، توجد مبادرتان لتشكيل قائمتين انتخابيتين بين الفلسطينيين المقدسيين لخوض الانتخابات البلدية من خلالهما. والقاسم المشترك بين هاتين المبادرتين هو تجاوز الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وسيناريوهات حله بما يتعلق بالقدس، والاهتمام بمشاكل المقدسيين والإهمال الذي يعانون منه في مدينتهم المحتلة.

صحيفة “يسرائيل هيوم” اليوم، الجمعة، عن الباحث في “معهد القدس لبحث السياسة”، يسرائيل كيمحي، قوله إن احتمال مشاركة واسعة من جانب المقدسيين في الانتخابات البلدية هو الذي بلور “وعي الخطر الديمغرافي” لدى الحكومات الإسرائيلية المتتالية كلها. وأضاف أن “السكان اليهود والعرب في المدينة لا يشعرون بما يسمى الصراع الديمغرافي. وهذا الصراع يدور بين القيادات السياسية في كلا المجتمعين في المدينة. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، الحفاظ على أغلبية يهودية كبيرة نابع من التخوف من أن يستيقظ الجمهور الإسرائيلي يوما ما على واقع يكون فيه نصف أعضاء المجلس البلدي من العرب. وتدور في مخيلة البعض إمكانية تحالف بين العرب والحريديم ورئيس بلدية عربي”.

وأوضح كيمحي أن هذا التخوف يشكل “الخلفية أيضا لسلسلة قرارات حكومية، منذ حكومتي ليفي أشكول وغولدا مئير، اللذان وضعا غاية وسقفا ديمغرافيا للجمهور اليهودي في القدس. وإلى جانب الاعتبار الأمني، فإن الاعتبار الديمغرافي يرافق ويؤثر على الممارسات الإسرائيلية في القدس منذ العام 1967”.

وكان رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون، قال إنه “يجب جلب يهود إلى القدس الشرقية بكل ثمن، وينبغي إسكان عدد كبير من اليهود فيها خلال وقت قصير. واليهود سيوافقون على السكن حتى في أكواخ صغيرة في القدس الشرقية”.

ووفقا لإحصائيات إسرائيلية، فإن نسبة اليهود في القدس بشطريها هي 60% تقريبا والفلسطينيين قرابة 40%، وأنه خلال الثلاثين عاما الفائتة غادر القدس قرابة 400 ألف يهودي. وتقول مُعدة التقرير الإحصائي السنوي للقدس، الدكتورة مايا حوشين، إن “الفرضية الماثل في صلب سياسة الزيادة السكانية كانت أنه في الوقت الذي يتكاثر في عدد السكان العرب نتيجة للنمو الطبيعي، فإن زيادة السكان اليهود يتم بالأساس من خلال ميزان هجرة إيجابي واستيعاب مهاجرين”. ما يعني فشل السياسة الإسرائيلية في هذه الناحية، إضافة إلى أنه قبيل بدء بناء جدار الفصل العنصري في القدس، انتقل 70 ألف فلسطيني إلى السكن في القدس المحتلة الخاضعة لنفوذ بلدية القدس، بحسب الصحيفة، التي أضافت أن المهاجرين الجدد إلى إسرائيل لم يجدوا القدس جذابة كفاية، كما أن سكان يهود غادروا القدس بسبب عدم توفر أماكن عمل كافية.

حكومة الاحتلال الإسرائيلية محاربة النمو الطبيعي الفلسطيني في القدس من خلال خطوتين: الأولى، بموجب خطة يطرحها الوزير زئيف إلكين، وتقضي بإخراج مخيم شعفاط وبلدة كفر عقب، ويسكنهما قرابة 140 ألف فلسطيني، من منطقة نفوذ بلدية القدس، وتشكيل سلطة محلية تابعة للاحتلال فيهما؛ والخطوة الثانية على شكل مشروع قانون “القدس الكبرى”، الذي يقضي بضم مستوطنات في الضفة الغربية، مثل “معاليه أدوميم” وعوفرا” وغوش عتصيون”، إلى منطقة نفوذ القدس.

من جانبه، يقترح كيمحي على السلطات بالتنازل عن فكرة إخراج المناطق العربية من مسطح بلدية القدس، ويقول إن “هذا لعب بالأرقام. هم سيستمرون بالسكن عند مشارف القدس وسيستمرون بالعمل هنا. وهذا لن يحل المشكلة”.

ويقول كيمحي إنه يجب وقف توسيع المدينة، علما أنه كان شريكا، في العام 1968، أي بعد الاحتلال بسنة، في إعداد مخطط للقدس وقضى بألا يزيد عدد السكان عن 550 ألفا. لكن عدد السكان في القدس حاليا يقارب 900 ألف نسمة. وأضاف أن التوقعات تشير إلى أن عدد سكان القدس سيصل إلى مليون نسمة في العام 2020، وإلى مليون ونصف المليون في العام 2040، وعندها ستكون نسبة الفلسطينيين 44%.

عرب 48

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى