سيناريوهات كورونا وما بعد كورونا ؟

سيناريوهات كورونا وما بعد كورونا ؟
إسماعيل أبو البندورة

ينشغل العالم بكافة قاراته ودوله بكارثة وباء كورونا التي داهمته على حين غرة وأحرجت اعتقاداته ويقينياته وتصوراته وقلبت معادلاته ووضعته أمام مشهد مرعب لا فكاك من شروره ولا سبيل للتخلص من أخطاره إلا بمراجعات فورية وتفكير استباقي عميق وشمولي غير أناني ، وبنظرة إنسانية عالمية تأخذ في الاعتبار حاضر ومستقبل البشرية المهدّد ولا تتوقف عند حالات دولتية منفردة وخلاص محلي واغتباط بنجاة محدودة على أنقاض عالم مدمر .
وما يلاحظ أن الكارثة أنشأت حوارات استثنائية مختلفة على الصعيد العالمي بعضها عاجل وراجف ومتهور حتى ، وبعضها الآخر يتقدم بتصورات بعضها ايديولوجي أداتي وعملياتي واسع المعطيات ( سياسي ، اجتماعي ، اقتصادي ، ثقافي ) وبعضها الآخر يحلل الظواهر الناشئة عن الكارثة باعتبارها تاريخ مباشر وجديد للعالم لا بد من الاشتباك مع مفرداته ويومياته وفجائعه واشتقاق أجهزة مفهومية مبتكرة لاستكناه واستشراف آثاره وأخطاره ، واستحداث رؤى عملية لوقف امتداده والحد ّ من كارثيته .
وبما أننا نتحدث عن قلق وانشغالات العالم وأطرافة بالكارثة فإننا نسأل عن انعكاسات ذلك علينا ،على بلادنا .. على أمتنا ، وهل حركت فينا الكارثة وأيقظت فينا أسئلة ووعياً جديدا مغايرا مختلفاً عما عهدناه في السابق ، أم أنها مثل غيرها من الكوارث أبقتنا في الدائرة الالتباسية والنكوصية ذاتها التي لفتت الأنظار والتحليلات قبل مداهمة الكارثة الراهنة وهي ترى الأمة بأكملها تتعامل مع كارثة الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل دون أن تحرك فيها أسئلة الحركة والتغيير وأبقتها بدون قراءات تحليلية نقدية ومراجعات ضرورية ورؤى استنهاضية واستشرافية عن الحال والماحول ؟
ونسأل بتعجب ومرارة ماذا بقي أمام عقلنا العربي لكي نفكر وننشغل به ونقاربه ؟ وماذا الآن على مائدة هذا العقل غيرندب الحظ والانشداه اليائس وهذا الاستنزاف للقدرة والارادة والاجترار الممض للإشكاليات الزائفة وسرديات الاختلاف والتنافر والتنابز ؟
ألا يمكن لكارثة بهذا الحجم أن ترغمنا اضطرارياً ووجودياً على الانهمام بمأساتنا الحالية والمستقبلية ( ولدينا عطلة مديدة كما يبدو ) وأن يبدأ فينا حس المحاورة والمراجعات والتطلعات الجديدة؟
أليست هذه فرصة جديدة تنذر بتحولات صاعقة على صعيد العلاقات الدولية لكي توقظ فينا حس الاستشراف والاستعداد للانشباك مع هذه التحولات واستثمارها في وضع الأمة بمجموعها في إطارات دولية إنسانية مختلفة تمكن أمتنا من أخذ مكانها في هذه المعادلات الجديدة ووقف الابتزاز الصهيوني للشعوب والدول ، لا بل واخراج هذه الدولة العنصرية من تاريخ العالم ؟
لماذا تتعطل لغة الكلام والحوار العربي – العربي في ظل هكذا عواصف ومحن ؟ لماذا لا تتوحد الجهود على الأقل في الناحية الصحية الكارثية التي تواجهنا ، وكنا من باب التمني والرجاء نقول سابقاً : لماذا لا نتفق في الصحة والثقافة والنقل والاقتصاد إذا كان هناك ما يمنع من التوحد في السياسة !
ونقول أخيرا لماذا لا نفكر بشكل جاد واضطراري في المركب الواحد الذي يغرق؟ ولماذا لا نفكر بالكارثة من منظور مغاير جديد ؟

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى