يسارك كراسي / يوسف غيشان

يسارك كراسي

يسارك كراسي …هاتان الكلمتان العجيبتان…اقرأهما بالشقلوب ستبقى يسارك كراسي ايضا، وقد استغليت هذه الشقلبة الهجائية للحديث عن اليسار وعن الكراسي معا.
لا يفوتني اولا ان اذكركم باجتهادات العقيد غير الركن معمر القذافي الفقهية في المجال السياسي، حيث اعتبر ان كلمة ديمقراطية الأغريقية هي في الواقع من اصول عربية منحوتة من عبارة(ديمومة الكراسي).
ولا ننسى اجتهادات اليسار العربي للوصول الى الكراسي ، هذه الإجتهادات التي قمعها جمال عبد الناصر وزجهم في السجون لمجرد رغبتهم المشاركة في الحكم، ولم يغفرذلك للشهيد الشيوعي شهدي عطية الذي مات تحت التعذيب في السجون المصرية، وكانوا يضربونه وهو يحيي الرئيس البطل جمال عبد الناصر.
ولا ننسى الحزب الشيوعي العراقي الذي خاض مغامرة اجبارية للتحالف مع البعث العراقي في جبهة واحدة، حتى انكشف التنظيم ، وتمت تصفيته بالكامل ، وهروب من هرب الى الخارج في الربع الأخير من العقد القرن الماضي.
أما التجربة الأكبر والأطول فكانت تجربة الحزب الشيوعي السوري ، الذي رهن نفسه تماما للبعث في سوريا ، حتى انهم كانوا ينكتون عليه ان لافتة الحزب مكتوب عليها (الحزب الشيوعي السوري لصاحبه حزب البعث العربي الإشتراكي)، ولم تمنع الإنشقاقات المتوالية، لم تمنع خالد بكداش امينه العام التاريخي من البقاء في الحضن البعثي، وتوريث هذه الحضن لزوجته..
استطاع الرفيق خالد بكداش شق الحزب الشيوعي الأردني ، بدايات سبعينيات القرن المنصرم، وانشاء الحزب الشيوعي الأردني \ الكادر اللينيني، لكن الكادر ورغم ان الحكومات استخدمته هرواة لطرد الشيوعيين الأصليين من المواقع النقابية وما شابهها، الا انه لم يحظ سوى بالقشل، واضطروا فيما بعد للعودة الى الحزب الأصلي ومحاولة السيطرة عليه من الداخل…وهذا ما فعله.
هذه الإنشقاقات، بغض النظر عن موقفنا منها، الا انها كانت تمثل حراكا اجتماعيا سياسيا، تم التنظير له في ادبيات تلك الأحزاب. اما انزياحاتنا الحالية ، فلم تعد تحتاج الى التمهيد ولا للتنظير للإقتراب من السلطة، تحت شعار المشاركة في لحس ما تبقى من الكعكة.
هنا ..تجد حركات متشنجة وتتخد مواقف جذرية من الحكومات ، وفجاة وبدون حضور ولا دستور (ولا رأي) تجدها في وسط ميمعة الوزارة ، وتدافع بكل قوة عن الحكومات وممارساتها، ذات الممارسات التي كانت تقاتل ضدها قبل ايام…وهكذا يكون انتقال (يسارك كراسي) من اليسار الى اليمين بكل سلاسة ونعومة وسؤدد.
تلولحي يا دالية
ghishan@gmail.com