سيكولوجية وأبعاد التمرد لدى الجيل الجديد / أحمد عودة

سيكولوجية وأبعاد التمرد لدى الجيل الجديد

تعلمنا في مدارسنا وفي بلادنا حرية الرأي !
نعم تعلمنا حرية الرأي وقوة الشخصية، وتعلمنا ألا نضيع حقنا أبدًا حين نرى حقنا يضيع، تعلمنا ألا نعطي الدنية لأحد واعتدنا أن الحقوق لا تضيع إذا كانت وراءها مطالب .
قمنا بهذه التجارب كثيرًا ووجدنا أنها ناجحة، عندما مارسناها في طفولتنا، مطالبين بحقنا عندما كانت تتشكل العصابات المصغرة في مدرستنا، وعندما كنا نلاقي مانلاقي من الظلم . فمثلًا : كنا نشتكي للإدارة المدرسية عندما يسلب حقنا، أو يؤخذ مصروفنا اليومي، وعندما كانت تنتشل وجبة فطورنا، من أولئك اللصوص المصغرين في وقت الفسحة، وعندما يعتدي علينا صعاليك حارتنا بالضرب أو بالشتم، وكانت الكلمة الموجهة لنا دومًا إذا قمنا باسترداد حقوقنا بأيدينا “ألا يوجد قانون لترجع إليه ؟”

حتى وإن كان ذلك الكبير على خطأ فهو على حق، كنا لا نستطيع الرد بوجهه متورعين وفينا شيءٌ من الخجل، كان لسياسة القمع التي واجهناها شيءٌ من الإيجابية، وإن كانت تمنعنا من السؤال عن متناقضات كثيرة كانت تجوب خواطرنا، سياسة القمع التي واجهناها كانت تضفي على حياتنا شيئا من الوقار، لكن كان لها تبعات لها صداها في وسطنا المعيشي، فتجدنا لا نعطي الدنية لمن هم مثلنا، ولا نستلسم حين يعتدي علينا جارنا حتى وإن كان الخلاف لا يتجاوز (مصف سيارة) . نحن لانستسلم لتلك البراغيث التي لها ما لنا من الوزن أو بعبارة أقرب لمن ليس له يد وسند في هذا المجتمع السخي بالاضطرابات الذي لايسكت الفرد فيه عن حقه إذا كان حقه من باقي الرعية، لكننا نلتزم الصمت ونلاقي الويل دون أي حراك إذا كان الظلم الموجه إلينا من أصحاب المقامات العليا، هذا ماتعلمناه؛ فالكببر يجب أن يحترم حتى وإن كان مخطئًا …

نعم كانت لدينا سقوف لا نستطيع أن نتجاوزها، ربما حكمتنا الثقافة وربما كان يحكمنا الجبن الذي ولده القمع فينا .

هذا ما تعلمناه في صغرنا في كل مظلمة نواجهها، وما إن كبرنا وأخذتنا الأيام في نزهتها حتى تغير الزمان، وعادت الكرة مرة أخرى، وعدنا لنزرع تلك القيم التي تعلمناها في أبنائنا، حتى بدأت تأخذ رواجًا من أصحاب الحقوق، وأصبح أولئك الأطفال البريؤون يطبقونها على معلميهم، وأهاليهم، ورعاة شأنهم … دون أي مبالاة، هذا مانراه من جهتنا نحن أصحاب الزمن الموقر عيبًا ووقاحة، وهذا مالم نستطع أن نتخطاه نحن فكيف لأولئك أن يتخطوه ؟

هي معادلة يصعب علينا فهمها، لكن ربما ما لم نستطع نحن فعله يفعله أصحاب الحرية الشخصية، التي بدأنا نشمئز منها، وبدأنا نعاني بسببها، ربما اسطاعت هذه الفئة أن تتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها لنا أسلافنا ولم نستطع نحن تجاوزها، ربما كان لصدى هذه التجاوزات شيئًا لا ندركه في المستقبل القريب .

ربما كانوا هم الأمل الجديد، الذي لطالما أضعنا فيه الأمل !

ربما …

✍🏻#أحمد_عودة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى