سياسة الديناصورات / د. سعيد المومني

سياسة الديناصورات

سأل التلميذ ( تزه كونج ) معلمه ( كونفوشيوس ) عن الحُكم فأجاب : لا بد للحكومة أن تحقق أموراً ثلاث ؛ أن يكون للناس كفايتهم من الطعام ، و كفايتهم من العتاد الحربي ، و الثقة بحكامهم. فقال التلميذ : فإذا كان لا بد من الأستغناء عن واحدة ، فأي من هذه الثلاثة يجب أن تتخلى عنه أولاً ؟ فأجاب ( كونفوشيوس ) : العتاد الحربي. التلميذ : و إذا كان لا لابد من أن تستغني عن احدى الشرطين المتبقيين فأيهما تتخلى عنه ؟ ( كونفوشيوس ): الطعام ؛ ذلك أن الموت كان منذ الأزل قضاء محتوماً على البشر ، أما إذا لم يكن للناس ثقة بحكامهم … فلا بقاء للدولة .

هكذا كان يرى الفيلسوف الصيني ( كونفوشيوس ) الحكم و إدارة الدولة في القرن السادس قبل الميلاد ، أما حكوماتنا فقد توقف بها الزمن في ” العصر الطباشيري ” فهي تُمارس إدارة الدولة كما الديناصورات. فكم من البرامج و الخطط و السياسات التنموية أطلقتها الحكومات المتعاقبة لكن ما هي إلا حشو إنشائي في البيانات الوزارية في نظر المواطن ، لأن الحكومات ببساطة غير قادرة على تقديم ما يبرهن قدرتها في تنفيذ تلك الوعود وفقاً لمعايير علمية و سياسية .

حكومة الرزاز و التي جائت نتيجة احتجاجات الرابع لم تدرك أو لم تريد أن تقتنع في أن السبيل الوحيد لنجاحها هو في طرح برنامج أصلاح سياسي حقيقي بالتوازي مع محاسبة تاريخ الفساد ، فالشارع يرى في مجلس النواب سُلطة بلا سُلطة بسبب قانون الانتخاب الذي لا يفرز سوى أغلبية هشة الخبرة في العمل السياسي و التشريعي ، و يرى الشارع رؤساء وزراء بلا ولاية عامة فهم يمارسون صلاحيات أدنى من حكومة تصريف الأعمال .

لا أدري كيف تجرؤ الحكومة على الأستخفاف بعقول الأردنيين بعد كل هذه ” المقالب ” التي ذاقوها !! ما كل هذا العناد الحكومي في التعاطي مع الأزمة !!
تطالبون الشارع في أن ينصاع لقانون الضريبة ، و هو يشعر بأنها ضريبة سداد خسائر حصلت نتيجة فساد و نهب آخرين !! أليس كان حرياً بها أن تفتح ملفات الفساد المدفونة ؟
تطالبون الشارع في تقبل الضريبة و هو لا يرى أي برنامج تفصيلي حقيقي يبين كيف و أين سوف تصرف أموالهم !! أليس من الأولى بالحكومة أن تباشر في تنظيم تشريعات تعالج و تحاسب المتهربين ضريبياً ؟
تطالبون الشارع في أن يتفهم قانون الضريبة و هو يرى أن الحكومة قد أعدت القانون مستندة على دراسات و أرقام تعود لعام ٢٠١٠ !!

الثقة معدومة فعلاً بالحكومة و استرجاعها لا يأتي بالوعود الإنشائية ، و لا نريده أن يصل كل أجهزة الدولة و مؤسساتها … حينها لن تنفعنا سياسة الديناصورات القاتلة .

#DrSaeedAlMomani

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى