سيارات ذوي الاحتياجات.. تراجعٌ للخلف

سيارات ذوي الاحتياجات .. تراجعٌ للخلف
سلامة الدرعاوي

القانون الأخير الذي صَدَرَ بِحق سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة وفرض رسوم جمركيّة عليها، وحصر الإعفاء بـ 6 آلاف دينار، وتقليص سِعة المحرك في ضربة لحقوق هذه الفئة في المجتمع وحرمانها من حقوق أساسيّة في العيش الكريم وتوفير لها ادنى مُتطلبات الراحة والأمان.
بِموجب التعديل التشريعيّ الجديد لمّ يَعُدّ أمام ذوي الاحتياجات الخاصة سوى اللجوء إلى السيارات الصغيرة ذات المحرك سعة 1.6 الف سي سي من فئة الوقود، أو سيارات الهجينة سعة 2000 سي سي كحد أقصى للمحرك، وحصر الإعفاء فقط بمبلغ 6 آلاف دينار، بدلا من الإعفاء الكامل لأي سيارة مُحركها 2.4 الف سي سي وما دون، مما يتيح لذوي الاحتياجات الخاصة الحصول على مركبة مُريحة وآمنة تليق بتلبية احتياجاته التي تتطلب بالأساس نوعاً خاصاً من المركبات متوسطة الحجم وتتمتع بدرجات عالية من السلامة العامة.
ما حصل في قضية إعفاء الجمارك لذوي الاحتياجات الخاصة فيها خطوة للوراء تجاه هذه الفئة تحديدا وتجار السيارات في المناطق الحرة والبائعين للمركبات من المواطنين وإيرادات الخزينة من جهة أخرى.
ظلم بحق ذوي الاحتياجات الخاصة لأن القانون الجديد حرمه من الإعفاء الجمركيّ الكامل لمركبته، وبالتالي سيدفع الآن المُستفيد جمرك على أيّة سيارة ما بين 3-5 آلاف دينار، علما انه في السابق لمّ يكّن يدفع شيئا سوى رسوم تسجيل وغيرها لا تتجاوز قيمتها الإجمالية 450 ديناراً، وجزء كبير من هذه الفئة المستخدمة ذات أوضاع معيشيّة صعبة بحكم أن توظيفها صعب في القطاعين العام والخاص ورواتبهم من الفئات المتدنيّة، وبالتالي هناك إجحاف واضح بحق هذه الفئة وتحميلها أعباء ماليّة فوق طاقتها، والتأثير سلباً على أمنها المعيشيّ.
وإجحاف بحق التجار الذين يشترون سنويّاً ما يقارب 3 آلاف سيارة مُستعملة من مواطنين غالبيتهم من المتقاعدين كانت موجهة إلى استعمالات ذوي الاحتياجات الخاصة، لمّ يعدّ الآن لها سوق هذه المركبات لأنها من لا تدخل في الاستحقاق الجمركيّ لأنها من موديلات قديمة نسبيّاً وبالتالي جمركها مُرتفع يتجاوز السقف الممنوح وهو عشرة الاف دينار، ومن هنا لا يستطيع التاجر بيعها، ولا ذوي الاحتياجات الخاصة شرائها، وإلزامه بشراء مركبات صغيرة جدا لا تتمتع بأدنى درجات الآمن، مما يتسبب في ركود إضافيّ على قطاع السيارات في المنطقة الحرة التي تعاني اليوم من شبح الكساد نتيجة القرارات الحكوميّة المختلفة تجاهها.
هناك ضررٌ بحق الخزينة لأن المردود الذي تتوقعه الجهات الرسميّة بتحقيق عائد من وراء فرض رسوم جمركيّة على مركبات ذوي الاحتياجات الخاصة سيكون أقل بكثير أن لمّ يكون معدوما مما قدروه، كما حصل في قرارات الحكومة الأخيرة فيما يتعلق بإعادة الرسوم الجمركيّة وزيادتها على سيارات الكهرباء والهجينة، والتي كان لها ضرر بالغ في تراجع إيرادات الخزينة من قطاع السيارات، ناهيك عن حالة الركود الشديد التي صاحبت نشاط القطاع منذ ذلك الوقت.
طبعا هناك استخدامات خاطئة قد تحدث فيما يتعلق بالإعفاءات لمركبات ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد يستخدمها الشخص غير المخول أو قد تباع المركبة لشخص آخر، وقد يستغل الإعفاءات للحصول على مركبات فارهة دون جمرك، هذه كُلّها ممارسات قد تحدث وحدثت فعلاً، لكن معالجة هذه الأخطاء لا تتم بالشكل السابق برفع الجمارك أو بتحديد سِعة المحرك أو غيرها من الشروط الجديدة التي تزيد الأعباء الماليّة على هذه الفئة، فغالبيتها ليست ميسورة الحال كما يتصوره بعض المسؤولين، ومعالجة الأمر لا يكون بِعقاب مُستخدمي هذه الفئة من المركبات، إنما يكون بالمعالجات القانونيّة وتفعيل الإجراءات الكفيلة بإزالة أيّة اختلالات يشوب هذه العمليات، ولا يكون بحرمان هذه الفئة التي تحتاج كُلّ المساعدة والدمج في المجتمع من الحصول على ادنى مُتطلبات الحياة الكريمة، فالمجتمعات وسياساته تتقدم للأمام لا تتراجع للخلف تجاه هذه الفئة الاجتماعيّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى