سياحة العمرة وبناء المساجد

سياحة العمرة وبناء المساجد
نصر شفيق بطاينه

انتشرت في السنوات الاخيرة بين الاردنيين عادة سياحة العمرة وخاصة بعد ان اصبح عدد الحجاج محدودا ويريد البعض زيارة الكعبة والصلاة فيها وزيارة قبر الرسول ( ص ) والصلاة في مسجده وهذا لا غبار عليه مع ان العمرة يمكن ادائها مع فريضة الحج ولكن في الحالة التي ذكرنا سابقا خوفا من عدم التمكن لأسباب مختلفة , ولكن الملاحظ ان العمرة اخذت حيزا كبيرا من حياة الاردنيين ماديا ووقتا وجهدا , مع ان الحج فرض لاحظ هي فريضة على من استطاع اليه سبيلا مرة واحدة في العمر , والسؤال اين موقع العمرة من ذلك وما هو حكمها ؟! كما قلنا لا بأس ان تذهب الى العمرة مرة واحدة او اثنتان , ثلاثة , لكن الملاحظ ان البعض يقوم بها أكثر من ذلك وربما تصل الى العشرات وعندما تسأل البعض عن غيابه في الفترة الاخيرة يقول لك كنت في العمرة او سأذهب الى العمرة قريبا والسبب حسب رأيه طلبا للأجر والسبب الباطن تغيير جو والمتعة وصرف النقود بسبب فيضانها بين يديه ,عندما يعود العمار وتذهب للسلام عليهم وتسألهم عن رحلتهم يقول لك كيفنا فندق , خدمات ممتازة , اكل وشرب , والمواصلات سهلة , النتيجة انبسطنا لولا طول المسافة وتعب السفر والانفلونزا التي تصيبه بعد العودة من العمرة والحج وهي مثل اللازمة في الشعر او الاغاني وهي من تبعات ومتطلبات الحج والعمرة .
لن نتدخل في النوايا ونفترض حسن النية في الجميع ولا نزكي احدا على الله سلبا او ايجابا فقط نذكر ونتمنى على هؤلاء الذين يذهبون الى العمرة بعد السفرة الثانية أو الثالثة اذا كان الموضوع طلبا للأجر فان الاجر موجود هنا في مكان سكنك ماذا عليك لو تبرعت بقيمة السفرة الى طالب علم لا يستطيع اكمال دراسته ويلهث وراء قرض من الحكومة للدراسة او اقترض سابقا و لا يستطيع السداد بسبب بطالته وانه بلا عمل , ماذا لو عالجت مريضا ودفعت فواتيره او فواتير المياه والكهرباء أو اجار الشقق لبعض العائلات التي لا تستطيع دفعها , ماذا لو ذهبت الى المركز الصحي في بلدتك وتفقدت احتياجاته او اصلحت جهاز التصوير او غسل الكلى أو الاسنان المتعطل دائما او ما شابه , ماذا لو ذهبت الى المدرسة التي فيها اولادك وبناتك وتفقدت التدفئة او المراوح بالصيف او بعض المستلزمات الاخرى , وهناك الكثير من الاعمال التي فيها الأجر قد يكون اكثر من العمرة , اليس الحديث النبوي يقول ( من فرج عن مسلم كربته فرج الله عليه كربة يوم القيامة ) ألا تؤمن بهذا الحديث ,والآن وقد منعت السعودية العمار بسبب مرض (الكورونا ) الدخول الى اراضيها , هل من الممكن ان تتبرع بالمبلغ المخصص للعمرة الى احد بنود ما ذكرت او اي بند خيري تراه مناسبا , ام ان الصرف على متطلباتك بحجة الدين والأجر والتمتع بها بذلها اسهل على النفس من بذلها الى من بحاجة اليها , واعطائها الى الآخرين ليس فيه متعة مع ان متعة ان ترى مهموما يضحك او ان تدخل السعادة الى قلب الاخرين هي قمة المتعة والسعادة بعينها ….
وكذلك القول ينطبق على من يتبرع الى بناء المساجد , اذا كان المكان المراد بناء المسجد فيه بحاجة الى مسجد وان السكان لا يجدوا مسجدا للصلاة فبها ونعمت اما اذا كانت كل قرية لديها فائض في المساجد ووزارة الاوقاف لديها نقص في تغطية هذه المساجد من الخطباء والمؤذنين فلماذا لا تذهب هذه الاموال الى ما ذكرنا سابقا , بعض الناس يعتقد ان الاجر في بناء المساجد فقط , احد المشرفين على بناء مسجد حدثني انه اتصلت به سيدة متبرعة وطلبت منه ان يكون مالها مستخدما في بناء الجدران اي حديد واسمنت ولا تريده في شراء الموكيت والمواد الاخرى المستهلكة معتقدة ان الأجر في البناء أكثر من الاثاث , انظروا الى المساجد ستجد فيها عدة ( كولارات ) للتبريد وصناديق علب المياه التي يعبث بها الاطفال ولا رادع وكأننا في الصحراء … , ان الحديث يقول ( ان في كل رطبة كبد اجر ) ( ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) ولم يحدد القرآن مكان الخير او زمانه او كيفيته . ان من واجب وزارة الاوقاف تنيه وتذكير الناس وتوجيههم الى اعمال الخير وان الاجر والثواب ليس مقصورا في بناء المساجد واداء العمرات , بدل الخطب عن كان المسلمون كذا وان الصحابي الفلاني كان كذا وكأنهم سوبر مان , لا نشك بتقوى الصحابة والتابعين وغيرهم نريد الاهتمام اكثر بحياتنا اليومية همومها ومشاكلها والعمل على التوجيه لحلها قدر الامكان .
اللافت للنظر انه بالرغم من الملايين التي ادت فريضة الحج ونافلة العمرة والملايين التي تصلي صلاة الجمعة بخشوع بملابس نظيفة يسبقه غسل حسب السنة ناهيك عن صلاة التراويح التي يتسابق الناس عليها في رمضان والدشاديش القصيرة والزنوبات والحفايات المتهالكة واللحى الطويلة مع اعفاء الشوارب , وان نسيت لا انسى طرود الخير التي يوزعها النواب او المرشحون الى النيابة اثناء الانتخابات او بعدها اضافة الى رحلات العمرة التي يسيرونها طلبا للأجر ولا شيء غير ذلك ماعدا التصويت للنائب صاحب الاعطية يوم الانتخابات وهذا لا يدخل في باب بالانقاص من الأجر , الا ان سلوكيات واخلاقيات ومشاكل وجرائم وسلبيات المجتمع في ازدياد هل من تفسير لذلك ؟؟!!
ان سياسة العربية السعودية وخطتها ورؤيتها في تطوير بلادها حتى عام 2030 تقوم على استغلال السياحة الدينية وايصال عدد العمار والحجاج الى ستة ملايين زائر هذا يعني انه سيكون هناك تسهيلات واغراءات للقيام بزيارة الاماكن الدينية واستغلالها من ناحية مادية . فبدلا من خروج هذه الاموال والعملة الصعبة ونصرفها في الخارج فهناك امكانية لصرفها في الداخل واخذ الاجر من الله في الاماكن التي اشار اليها الاسلام . سامحونا اذا تجاوزنا , والله من وراء القصد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى