سواليف
قد يكون امتلاك سيارة خاصة بالنسبة لأكثر من ثلثي السوريين وحتى قبل اندلاع الثورة في البلاد، هو أبعد من أحلام موظف قد يكفيه راتبه لنصف الشهر فقط، أو عامل يشقى معظم النهار ليطعم أولاده. فلماذا قرر هذا الدمشقي أن بيع سيارته التي اشتراها بشقاء عمره بحفنة من الحليب المجفف؟
وصل سعر الكيلو غرام الواحد من مادة حليب الأطفال المجفف في بلدة مضايا بريف دمشق إلى 100 ألف ليرة سورية (250 دولار) إن وجد، ولا يمكن لأب أن يرى أولاده يموتون جوعاً ولو قدم روحه وكل ما يملك مقابل شربة حليب. ولأن قوات النظام وميليشيا “حزب الله” اللبناني تريد إركاع بلدة مضايا، فقد استمر حصارها الخانق للشهر الرابع على التوالي، وهو ما تسبب بأسعار تفوق الخيال للمواد داخل البلدة الجائعة.
“للبيع مقابل 10 كيلو رز أو 5 كيلو حليب نيدو” هذا ما كتبه أحد أهالي البلدة على سيارته ليحصل على ما يقتات عليه أطفاله لأيام فقط، وقد تكون السيارة التي يقدمها ابن مضايا رخيصة مقابل أرواح العشرات التي أزهقت على أطراف البلدة وهم يحاولون أن يهربوا بعض المواد لداخل البلدة، وأطفال حاولوا جمع بعض الحشائش ليأكلوها بعد أن فقدوا كلّ شيئ.
الشاب رفعت أبو حشيش لم يكن محظوظاً كصاحب السيارة، فلأنه لا يملك لا سيارة ولا أقل من ذلك، وضع نفسه أمام قناص “حزب الله” ليجمع بعض الحشائش لعائلته، فباغته القناص المتمركز في حاجز المارسيدس برصاصة أودت بحياته أمس السبت، وعاد جثة هامدة ليدفن في بلدته.
كلنا شركاء