الطاقة.. المَلَفّ الغامِض / سلامة الدرعاوي

الطاقة.. المَلَفّ الغامِض
كُلّ ما قامت به وزارة الطاقة من مشاريع وسياسات للأسف لم يكون لها أي مردود إيجابيّ على الأمن المعيشيّ للمواطنين والقطاع الخاص

لا يشعر المواطن انه ضمن أولويّات وزارة الطاقة على الإطلاق، وأن كُلّ ما تقوم به الوزارة لا يصب في صالحهِ وأمنهِ المعيشيّ ، وهو فعلاً يتساءل لماذا لا تنعكس عليه سياسات ومشاريع الوزارة بشكل إيجابيّ يتناسب مع الخطاب الإعلاميّ لها.

تَساؤلات في غاية الأهمية لا يجد المواطن لها تفسير من قبل وزارة الطاقة التي جعلت من مَلَفّاتها غامِضة.

كيف تفسر وزارة الطاقة للمواطن سماحها للشركات التسويقيّة الجديدة بِاستيراد ديزل مُخالف للمواصفات الأردنيّة؟، أين مصلحة المواطن في إغراق السوق بمنتجات مُخالفة للقانون ومَضَرّة عليه؟

مقالات ذات صلة

أين مَصلحة المواطن في قيام الوزارة بتأخير طرح المصفاة لمنتج بنزين ٩٢ بسعر الـ٩٠ والذي يُكافئ بنزين٩٥ والذي هو مطابق للمواصفة الأردنيّة لا بل اعلى منها، ويخدم مَصلحة المَستهلك ويشكّل تطوراً نوعيّاً في منتجات شركة مصفاة البترول؟

كيف لوزارة الطاقة أن تفسر للمواطنين حصولها على نفط عراقيّ تفضيليّ بكمية عشرة آلاف برميل يوميّاً دون أن ينعكس سعره على كُلّف الشراء للمواطن؟

والغاز المصريّ هو الآخر يُحير المراقبين، فعودته بكميات كبيرة وأسعار مناسبة لم تنعكس على كُلّف الشراء للمستهلكين ولا على التعرفة الكهربائيّة، ولا الخزينة انعكس ذلك عليها ماليّاً.

والأردن من أوائل الدول التي عَمِلت بمشاريع الطاقة المتجدّدة من رياح وشمسيّة وغيرها، ووقعت الحُكومات اتفاقيات شراء للطاقة مع تلك الشركات المستثمرة بأسعار عالية جدا لمدة ٢٥ عاما، ولغاية الآن لم يستفد المواطن من تلك الاتفاقيات ولن يستفيد في ظل التعرفة التي تشتريها الحُكومة من الشركات، ولا تستطيع أن تُعدّل على الاتفاقيات كونها خاضعة للتحكيم الدوليّ وفيها شروط جزائيّة عالية.

مُحصّلة سياسات وزارة الطاقة بعد كُلّ هذه الخطوات والمشاريع التي قامت بها، أن المُستهلك الأردنيّ يدفع اعلى تعرفة كهربائيّة في المنطقة، ويدفع اعلى تعرفة للمحروقات في الإقليم، والصانع يدفع اعلى كُلّفة انتاج بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة، وبيئة الأعمال الأردنيّة في تراجع بسبب كُلّف الطاقة، والخزينة تحصل على اعلى إيرادات من المحروقات والتعرفة الكهربائيّة تتجاوز المليارين دولار، ومستقبل الأعمال في الأردن صعب، وتنافسيته في تراجع بسبب الطاقة المرتفعة.

حتى مشاريع الصخر الزيتيّ واستخراج النفط منه الذي يقوم به ائتلاف اجنبيّ سيبيع هو الآخر منتجه للحكومة بسعر مُرتفع جداً أضعاف ما هو عليه في السوق المحليّة، وبالتالي فأن المواطن والمستهلك والقطاع الخاص لن يستفيد شيء ملموس من هذه المشاريع التي ملأت الصفحات والمواقع الإعلاميّة بتصريحات الوزارة عنها.

الأصل باستراتيجيّة الطاقة الوطنيّة أن تتعامل مع ثلاث قضايا رئيسيّة هي ما يلي:

أولاً: تخفيض كُلّف الطاقة على الاقتصاد الأردنيّ بكافة مستوياتها، خاصة وأن الفاتورة كانت في السابق تتضمن دعما ماليّا كبيرا لغير مُستحقيه، في حين انها الآن تخلو تقريبا من الدعم وتحقّق الحكومة إيرادات مُجزية نتاج الضرائب والرسوم العالية المفروضة على القطاع، والتي تسببت بعدم انعكاس انخفاض الأسعار على المواطنين والمستهلكين من مختلف الشرائح.

ثانياً: تنويع مصادر الطاقة من النفط والغاز إلى مصادر أخرى اقل كُلّفة وأكثر أمانا وهي الطاقة المتجدّدة بأشكالها المختلفة، وهذا يجب أن يكون مرتبط أساسيا بالبند الأول باتجاه تخفيض التعرفة سواء الكهرباء أم المحروقات.

ثالثاً: تعزيز دور الطاقة في تعزيز تنافسيّة بيئة الأعمال المحليّة التي تعاني اليوم من تحدّيات كبيرة جعلت مراتبها في المنطقة تتراجع والسبب الرئيسيّ في ذلك كُلّف الطاقة المرتفعة التي شكّلت عائقاً كبيراً أمام تنمية الأعمال والأنشطة الاقتصاديّة في المملكة خلال السنوات الماضية.

كُلّ ما قامت به وزارة الطاقة من مشاريع وسياسات للأسف لم يكون لها أي مردود إيجابيّ على الأمن المعيشيّ للمواطنين والقطاع الخاص، فارتفاع أسعار النفط عالميّاً أو انخفاضها بات سيان للمستهلكين، وهو ما يتطلب مراجعة لسياسات وزارة الطاقة وإعادة تقييم ما جرى.

Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى