سوريا إلى أين: ليست تحليلات بل معلومات

#سواليف

#سوريا إلى أين: ليست تحليلات بل معلومات

د. #فيصل_القاسم

ما تواجهه سوريا اليوم ليس مجرد #أزمة عابرة، بل #مرحلة_مفصلية غير مسبوقة في تاريخها الحديث. فالأخطار التي تقترب منها تُنذر بكوارث حقيقية تفوق التصوّر، وتضع الجميع أمام مسؤوليات جسيمة. المؤشرات والمعلومات التي أملكها تؤكد أن سوريا مستهدفة، وأن هناك #مخططات جهنمية جاهزة للتنفيذ، تعتمد بالكامل على تأجيج #الصراعات_الداخلية والاقتتال بين #السوريين أنفسهم.
من هنا، فإن أولوية المرحلة يجب أن تكون «الاحتواء، ثم الاحتواء، ثم الاحتواء». لا مجال الآن للمزايدات أو المغامرات الدموية، ولا لأي اندفاع أهوج نحو التصعيد، فكل خطوة في هذا الاتجاه تصب في مصلحة أعداء سوريا، الذين يتحينون الفرصة للدخول من بوابة الفوضى بذريعة «إطفاء الحرائق»، بينما هم في الحقيقة يسعون لاستباحة الأرض السورية والسيطرة على قرارها ومستقبلها.
المعلومات المؤكدة، وأكرر، معلومات وليست تحليلات، تشير إلى أن هناك جهات كثيرة تتربص بسوريا وتنتظر لحظة الانفجار الداخلي لتُسقط ما تبقى من بنيان الدولة. كل المخططات الموضوعة حالياً تعتمد على تفجير الداخل السوري، وكل تحريض أو تجييش أو دعوات للانتقام، أو تحشيد للرأي العام، تمضي مباشرة في هذا الاتجاه. وعلينا أن ننتبه: التناحر الداخلي هو الوقود الذي يحتاجونه لتفعيل مشاريعهم.
ولهذا، فإن التهدئة اليوم ليست خياراً ناعماً أو ترفاً سياسياً، بل ضرورة وجودية. المطلوب فوراً هو ضبط النفس، إسكات الأصوات المتطرفة، ولجم الرؤوس الحامية التي تدفع البلاد دفعاً نحو المحرقة. هؤلاء، سواء عن قصد أو جهل، يسيرون في طريق يؤدي إلى كارثة جماعية لن ينجو منها أحد، وسيجرّون خلفهم الناس إلى حافة الهاوية.
ليس من البطولة أن يُسفك الدم السوري على أيدي السوريين. دم السوري حرام على السوري. وكل من يرفع اليوم شعارات الثأر والانتقام واستباحة مناطق سورية أخرى سيلتهمه الحريق أولاً، ومعلوماتي المؤكدة أن الذين يصفقون للفصائل التي تهدد الآخرين سيبكون عليها قريباً جداً لأنها ذاهبة إلى فخ مُعد لها بدهاء. هذا ما تؤكده المعلومات التي لديّ، لا التحليل ولا التخمين. ما هو قادم في حال استمرار هذا المسار لن يكون مجرد مواجهة، بل محرقة شاملة، خاصة لتلك الجماعات التي تعتقد أنها في موقع القوة.
أما المفاجأة الأخطر، فهي أن بعض الجهات التي كان يُظن أنها «مؤيدة» قد تنقلب بسرعة غير متوقعة، ومعطيات الساحة تشير إلى أن دمشق نفسها أصبحت هدفاً مباشراً في الحسابات المقبلة. نعم، العاصمة، بقلبها ومحيطها، هي الهدف التالي بسرعة صاعقة، ما لم يُضبط الإيقاع السياسي والأمني فوراً.

مقالات ذات صلة

كل السوريين اليوم في لعبة الأمم مجرد أدوات ووقود لمشاريع الآخرين، لهذا يجب أن نكون جميعاً حذرين في كل خطوة

لكل من يملك تأثيراً أو صوتاً أو وعياً: المطلوب الآن هو التروي والحذر في كل خطوة. احتواء الأوضاع أفضل ألف مرة من تسعيرها. فكل تصعيد جديد يعني خطوة نحو الكارثة. القادم مخيف، مروّع، لا يُشبه شيئاً من الذي عرفناه سابقاً.
نحن نواجه في الواقع لعبة توريط أصبحت مفضوحة للقاصي والداني، والمشكلة أننا نسير بأقدامنا إلى الفخاخ المنصوبة أمامنا، وأن الذين يتظاهرون بأنهم مع سوريا ويريدون لها الاستقرار والازدهار، قد يكون هدفهم العكس تماماً. من جهة يطالبون بوحدة الأراضي السورية، وعلى أرض الواقع يدفعون السوريين إلى الاحتراب الداخلي، فيشجعون هذا الطرف على المقاومة، بينما يعطون الضوء الأخضر للحكومة للتدخل، ثم ينهالون عليها بالقصف. كلنا سمع المبعوث الأمريكي وهو يهاجم حتى اتفاقية سايكس بيكو في معرض دفاعه عن وحدة الأراضي السورية، لكن في الوقت نفسه نرى إسرائيل تنقلب على كل التطمينات الأمريكية وتضرب في قلب دمشق، وتتلاعب بالجميع. كل السوريين اليوم في لعبة الأمم مجرد أدوات ووقود لمشاريع الآخرين، لهذا يجب أن نكون جميعاً حذرين في كل خطوة. كم هو ساذج ذاك الذي يصفق للسوريين وهم يهددون بعضهم البعض بالغزوات. كلنا شاهد التطبيل والتزمير لبعض الفصائل وهي تتهدد السويداء على مواقع التواصل متناسياً أن المتقاتلين في النهاية سوريون. هل يسعدكم يا ترى حرق آلاف البيوت والمحلات التجارية في السويداء ونهب محتوياتها، وقتل آلاف الأبرياء والتنكيل بالمدنيين وإرهابهم ودق إسفين تاريخي بين السوريين؟ هل يسعدكم تهجير السوريين على أيدي بعضهم البعض؟ هل يسعدكم سقوط المئات من قوات الأمن؟ لا شك أن هناك جهات كثيرة شريرة متورطة في هذه اللعبة القذرة، لكن الأهم ألا نقع في شراكها وتحقيق أهدافها.
كل السوريين يريدون اليوم أن يحل الأمن والاستقرار والسلام في ربوع البلاد. كل السوريين يريدون حصر السلاح في أيدي الدولة. كل السوريين يمقتون فوضى السلاح، لهذا من الخطأ القاتل أن تحاول ضبط السلاح في منطقة، ثم تسمح لمناطق أخرى بامتلاك كل أنواع السلاح لاستخدامه ضد بقية السوريين. هذا ينعكس سلباً على الشعب كله، ويجعله يتردد في التخلي عن سلاحه. كيف تقبل منطقة بتسليم سلاحها إذا كانت منطقة أخرى تتباهى بسلاحها وتهدد به بقية السوريين والكل يصفق لها. صدقوني هذا خطأ قاتل يضر بنا جميعاً كسوريين وينعكس سلباً بالدرجة الاولى على صورة الحكومة، فهي بذلك كمن يطلق النار على قدميه. والمضحك أكثر أن هناك فصائل تقطع مئات الكيلومترات من أقاصي سوريا لتواجه أحد المكونات السورية، بينما هي في الحقيقة ترزح في مناطقها تحت احتلال فصيل داخلي آخر ينكل بها ليل نهار ويحتل ثلث الأراضي السورية ويتحكم بثرواتها. يا له من مشهد كوميدي هزلي. طبيب يداوي الناس وهو عليل. من الخطأ الفادح التغاضي عن هذه الهيستريا، بل يجب وقفها عند حدها فوراً لأنها ستكون وبالاً على الدولة قبل أن تكون وبالاً على نفسها وبقية السوريين. وللعلم فإن المتربصين بسوريا سعداء جداً بهذه المأساة الوطنية وينتظرون تطوراتها المرعبة كي يحققوا مصالحهم على دماء السوريين وأشلائهم.
ختاماً، هذه ليست نبوءات، ولا مقاربات تحليلية. هذه معلومات مؤكدة من قلب المشهد. والمخلص ليس من يصفق لك اليوم، بل من يقول لك الحقيقة حتى لو كانت مرّة.
وصديقك من صدقك… لا من صدّقك.

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى