
#سوء_النية
مقال الإثنين: 22 / 12 / 2025
بقلم : د. #هاشم_غرايبه
الآن وبعد مرور ربع قرن على شن الغرب بقيادة أمريكا حربا على العالم الاسلامي تحت مسمى الحرب على الإرهاب، لم يعد للمخدوعين بقصة أن أمريكا كانت تهدف لتخليص البشر من شرور المتطرفين الاسلاميين، لم يعد لهم حجة في تبرير انضمامهم الى تلك الحملة تحت شعار (انها حربنا)، لذا فكل من ساهم بها اعلاميا أو عسكريا، فهو لم يكن بريئا من سوء النية وخبث المقصد تجاه الاسلام، وهو معاد لمنهج الله سواء كان عدوا خارجيا طامعا، أو كان داخليا من المنافقين.
و هنالك مثل غربي ينطبق على هذا الحال يقول: اذا رأيت الثعلب واعظا فتفقد دجاجاتك.
تمتاز الدول المتقدمة والغربية منها بشكل خاص، أنها تضع خططا للمستقبل، ولا تنتظر (مثلنا) حدوث المشكلة لكي تبحث عن الحل، كما أنها تنفق بسخاء على الدراسات والبحوث الإستشرافية (أي التي تتنبأ بالأوضاع المستقبلية) المبنية على إحصاءات ومعلومات.
من تلك الاحصاءات المنشورة قبيل شن تلك الحرب، والتي كانت تهول كثيرا من خطر انتشار الاسلام في أوروبا: أن عدد المسلمين في اوروبا يبلغ آنذاك 52 مليونا، وسيصل الى الضعف خلال عشرين عاما فقط، وفي هولندا تبلغ نسبة المسلمين من المواليد الجدد 50 % أي أنه في خلال 15 عاما سيصبح نصف سكان هولندا مسلمين، وفي روسيا كان هنالك 23 مليون مسلم أي ما نسبته 20 %، وسيكون 40 % من الجيش الروسي مسلمين، في بلجيكا أيضا نسبة المسلمين من المواليد الجدد كانت 50 %، وصرح مسؤول في بلجيكا أنه بحلول عام 2025 سيكون واحدا من كل ثلاثة أطفال أوروبيين منتميا الى عائلة مسلمة، أما في ألمانيا التي كانت أول دولة اوروبية حذرت من خطورة هذه المسألة الديموغرافية فقد أعلنت أنها يائسة من عمل شيء لتعديل هذه المعادلة عن طريق زيادة عدد السكان الألمان فقالت وبكل أسى: ستكون ألمانيا دولة إسلامية بحلول عام 2050 .
في كندا زاد عدد السكان خلال الفترة من 2001 – 2006 ما قيمته 1.6 مليون نسمة منهم 1.2 مليونا من المهاجرين ومعظمهم من المسلمين، وفي أمريكا كان عدد المسلمين عام 1970 مائة ألف بينما عددهم بلغ تسعة ملايين في عام 2008، والعدد المتوقع خلال ثلاثين عاما هو خمسون مليونا.
تخلص هذه الدراسات الى التحذير بالقول: “إن العالم الذي نعيش فيه لن يكون العالم الذي يعيش فيه أبناؤنا وأحفادنا”، كما أن الكنيسة الكاثوليكية صرحت في أعقاب ذلك: “إن عدد المسلمين تجاوز الحدود”.
ثم تلخص المسألة بالقول: “إذا ما حافظ الإسلام على معدل انتشاره الحالي فإنه في غضون 5 – 7 سنوات فإنه سيكون الدين الحاكم في العالم كله” وعلى ذلك فإنهم يدعون الأمريكان الى التحرك بسرعة.
بغض النظر عن دقة حساباتهم ودراساتهم، وما إذا كانت مغرضة بهدف شحذ الهمة واغتنام فرصة التفوق العسكري وخاصة كون الأنظمة العربية الحالية طوع أيديهم، فإننا يجب أن لا نتوقع إهمال هذه المعلومات، وأنا أعتقد أن الحرب على داعش ليست خبط عشواء هي الخطة الأكثر ذكاء من كل ماقامت أمريكا به سابقا، فقد اصطادت أربعة عصافير بحجر واحد: صنعت نموذجا متخلفا للإسلام يجسد نظرة الغرب له ويسعر كراهيتهم له، ومنفرا للمسلمين وحافزا لطرد فكرة استعادة الدولة الإسلامية التليدة، ومرعبا للحكام مما يشجعهم على الانخراط بحماس في الحرب على داعش ومن ثم تتوسع لتشمل كل من يدعو للإسلام، وفي نهاية المطاف ستنسحب أمريكا بالتدريج وبهدوء حينما تتأكد أن الحرب استعرت بين المسلمين يقتل بعضهم بعضا، ولا يبقى لها من دور غير تسعير الأوار لضمان الاستنزاف والاحتواء المزدوج (كما في تجربة الحرب العراقية الإيرانية).
فهل هنالك خطة أكثر خبثا وأبلغ أثرا للوقوف بوجه الصعود الإسلامي القادم لا محالة، الذي هو خير للبشرية، ولا يرعب الا الطامعين الاحتكاريينء ؟؟
