سوء الإدارة، وفن صناعة الأزمة وزيادة الإحتقان والمعارضة.

#سوء #الإدارة، وفن #صناعة #الأزمة وزيادة الإحتقان والمعارضة.
نايف المصاروه.
لا أريد أن أدخل في تعريفات الإدارة وصناعة الأزمة ومفهوم زيادة الإحتقان والمعارضة، فتلك المسميات والسلوكيات  كل منا بات يعرفها لكثرة تكرارها، وإن دل تكرار فعلها، فإنما يدل على تخبط حكومي واضح ، وقلة معرفة وخبرة ودراية في مضامين علم الحكمة والفراسة والإدارة، ولو أن ذاك الذي يتولى الإدارة يمتلك أعلى الشهادات ومن أعرق الجامعات، فالعبرة بالحكمة ورجاحة العقل والفطنة، وتوظيفها في مكانها وزمانها.

في الموروث  الشعبي،قيل أنه التقت فتاتين كل منهما تفخر بصنائع ابيها،ومن جملة ما قيل، أن قالت إحداهن :انا ابي يجبر المكسورة.
فردت عليها الاخرى ” أنا أبي يجبرها قبل أن تنكسر ”، المعنى من القولين، أن والد الاولى لديه علم بفن معالجة الكسور ، وهو علم  ليس بالهين او البسيط، إذ يحتاج الى مهارة وعلم ومعرفة بنوع الكسر ومكانه وكيفية التعامل معه، وكيفية وضع الجبيرة عليه، لكن عمله لنفسه ولا يعمم علومه الى غيره، ولا يعمل على التحذير من سوء العواقب.
كان رد الأخرى ” أن ابيها يجبرها قبل ان تنكسر ”، هو أقوى وأنفع وأجدى، وبمعنى ان والدها  يتخذ إجراءات الوقاية للمحافظة على السلامة العامة لذاته ولغيره فلا يقع في المخاطر والأذى .

في فضل وفضيلة الحكمة قال الله تعالى ”يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ” ﴿٢٦٩﴾ سورة البقرة.

وفي الحديث النبوي الذي لم يثبت مرفوعًا، إلى النبي، صلى الله عليه وسلم انه قال ” الحكمة ضالة المؤمن، فحيثُ وجدها فهو أحق بها”، وفي رواية: “أنَّى وجدها أخذ بها”، وفي رواية ثالثة: “الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها جذبها”.رواه الترمذي وابن ماجه.
وقد أجمع علماء الحـديث على تضعيفه،إلا أن معناه يصح.
وفي الحكمة  قال الخليفة علي بن ابي طالب رضي الله عنه ” لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها اهلها فتظلموهم.
وقال ابن حزم الاندلسي رحمه الله ” الحكمة هي البصيرة”.
وقال أرسطو” الحكمة هي التجربة ”.
وقال كونفوشيوس ” يمكن تعلم الحكمة بثلاثة طرق، الأولى بالتفكير وهي الأكثر نبلا.
والثانية بالتقليد وهي الأسهل.
والثالثة فبالتجربة وهي الأكثر مرارة.
وقال المهامتا غاندي ” أول الحكمة أن تعرف الحق، وآخر الحكمة أن لا تعرف الخوف ”.

وبما ان الحديث عن سوء الإدارة وفن صناعة الأزمة وزيادة الإحتقان والمعارضة، فوجئت بالامس  بقرار رسمي صدر عن وزارة الداخلية يفيد بعدم الموافقة على إقامة فعالية الإحتفال بذكرى  المولد النبوي،  والتي كان ينوي إقامتها حزب جبهة العمل الإسلامي على المدرج الروماني وسط عمان.

بالرغم من وجود جائحة فيروس كورونا وتحوراته، وعوامل واسباب انتشاره  والتي منها كثرة التجمعات وعدم التقيد باجراءات الوقاية والسلامة العامة ، أقيم مهرجان جرش للثقافة، وما تم خلاله من خرق واضح لقانون الدفاع، ثم أقيمت في العقبة عدة حفلات غنائية كان آخرها  يوم الجمعة الماضي ، وما تخللها من انتهاك صارخ لقانون الدفاع.

عن نفسي اقول إن كل هذه التجمعات، وما رافقها من فوضى، بالإضافة الى تكرار حالة الإهمال الشعبي والتراخي الرسمي، في تطبيق قانون الدفاع بحزم وحسم، ساهمت بإرتفاع أعداد الإصابات وخاصة خلال الايام  الماضية إذ وصلت في بعض الايام الى اكثر من” 1700” إصابة.
كنا بالغنى عن كل ذلك لو التزمنا وما استعجلنا، ولكن من استعجل الشيء قبل اوانه عوقب بحرمانه.
بكل اسف اقرأ ان بعض النوايا تتجه أيضا  لإقامة مثل هذه الحفلات في البحر الميت، ومن ثم تكرار ذلك في العقبة مرة أخرى رغم  تحذيرات لجنة الأوبئة .

وقد جاء في نص القرار ” أن الاحتفالات بهذه المناسبة قد جرت بصورها الرسمية والشعبية في المساجد والأماكن التي أعتاد الأردنيون على إقامتها عبر الزمن، مشيراً إلى أن طلب الحزب وتحديد الزمان والمكان لإقامة حفله بعد عشرة أيام من ذكرى المولد النبوي، وتجاوز الجهة ذات الاختصاص يحمل دلالات سياسية ومناكفات غير مبررة.
وإنه وبناء على ذلك ووفقاً للمادة 3/أ/3 من قانون الاجتماعات العامة رقم (7) لسنة 2004 وتعديلاته، فقد قرر محافظ العاصمة عدم السماح بإقامة هذه الفعالية”.

القرار الرسمي الصادر بمنع الفعالية يفتقد لأدنى درجات الحكمة، وكان كالجائزة لحزب جبهة العمل الإسلامي، ومن يقف معه في خندق المعارضة، جاء ذلك من خلال رد حزب جبهة العمل الإسلامي على ذلك القرار، والذي جاء في بيانه ” في خطوة مريبة تكشف حقيقة الدور الذي يسعى فيه صناع القرار لمنع الفضيلة ومحاربتها والسعي في ذات الوقت لنشر معالم التغريب والحفلات الماجنة والرذيلة والمجون بشكل ممنهج ومتسارع وغير مسبوق وما الحفلات الأخيرة بشكلها المستفز إلا شاهدا على ذلك.
وأن هذه التصرفات التي تمس أبواب الفضيلة والقيم والدعاة والمناهج ومراكز القرآن ومؤسسة الأسرة ، والعبث بقيم المجتمع ودينه وأخلاقه بشكل ممنهج ومقونن وغير مسبوق وفق الاشتراطات الغربية في أرض الحشد والرباط وبين أوساط هذا المجتمع المحافظ الملتزم الذي يحمل درحع الحفاظ على الأرض والمقدسات ومواجهة الفساد والإفساد.

وأن للنهج الرسمي آثارا مقلقة تنتشر في أوساط المجتمع وتنعكس على زيادة معدلات الجريمة والمشاكل الإجتماعية ونسب الطلاق وتعاطي المخدرات والعنف والانتحار والإلحاد.

مع تحفظي على إقامة مثل كل هذه الفعاليات، إلا ان قرار منع فعالية الإحتفال بذكرى المولد النبوي، كان له وقعه على بعض الأردنيين ، واسهم إلى حد كبير في زيادة التعاطف الشعبي مع الحزب، ومضاعفة وزيادة الإحتقان والسخط على الحكومة، للكثير من الأسباب ، وزيادة عليها ان المناسبة خاصة وغالية بغلو وخصوصية صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام، ولا تتكرر إلا مرة في كل عام، وقد جرت العادة ان تحرص الحكومة وكل الجهات الرسمية على رعايتها وبحضور ملكي، وتكرار إقامتها في اغلب المؤسسات والمدارس.
ثم أن هذا الرفض جاء بعد تكرار إقامة الحفلات الغنائية، التي أظهرت مدى خرق قانون الدفاع، والسؤال.. هل من العقل والحكمة والدراية ان تمنع الحكومة إقامة فعالية الإحتفال بذكرى المولد النبوي، فيما تسمح بتكرار الحفلات الغنائية وتدافع عن ذلك ؟

أليس من الانفع والأجدى والأحفظ لماء الوجه، وما تبقى من ذرات الثقة التي تدعي الحكومة بأنها تسعى وتعمل لإستعادتها، ومن باب الكياسة والفطنة ورجاحة العقل والحكمة ان تمت الموافقة على تلك الفعالية وبدون تردد ، وإعلان الحكومة عن المشاركة بفعاليتها من خلال بعض المسؤولين كوزراء الاوقاف والتنمية السياسية والمفتي العام للمملكة وقاضي القضاة وغيرهم من المسؤولين المدنيين والعسكرين ؟
اليس في مثل هذه المناسبات والتجمعات فرصة للتوجيه والتوصية بضرورة الإلتزام بالوحدة التي حرص النبي عليه السلام على غرسها في نفوس أصحابه، والتوجيه بضرورة الإلتزام بالقانون والتقيد بكل إجراءات السلامة والوقاية!

وبما ان الحكومة قالت أن الاحتفالات بهذه المناسبة قد جرت بصورها الرسمية والشعبية في المساجد والأماكن التي أعتاد الأردنيون على إقامتها عبر الزمن.
وبالرغم من الحالة الوبائية، تم إقامة مهرجان جرش الثقافي وبرعاية رسمية، وتحملت موازنة الدولة كل مصروفاته ،إذا لماذا تمت الموافقة على تكرار إقامة الحفلات الغنائية في العقبة سابقا ومن المنتظر في البحر الميت ثم العقبة لاحقا؟
اليس هذه مثل تلك؟
هل من الحكمة السماح بتكرار الحفلات الغنائية، ومنع احتفالية بذكرى المولد النبوي الكريم، ونحن دولة عربية ودينها الإسلام، وتشرف قيادتها بالنسب الشريف الى بيت النبوة؟
وهل تعلم الحكومة وكل أجهزتها مقدار السخط الشعبي الذي إزداد عليها؟
وهل تعلم الحكومة أنها وبقرار رفضها لإقامة الفعالية، قدمت للمعارضة ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي المزيد من المؤازرين والأنصار؟

ما أحوجنا للحكماء ولحكمتهم ، في كل حين وآن، وما أحوجنا ايضا لولايتهم ولحكمهم  بضم الحاء وتسكين الكاف وكسر الميم، ذلك ان المسؤول وصاحب الولاية العامة، يجب أن يتخذ قرارته بما يخدم العامة ويحقق مصالحهم، ودون مزاجية او محاباة.
ختاما،،،الرجوع إلى الحق فضيلة، ومن الحكمة المبادرة الى تصحيح وتصويب الخطأ، وأرى أن تبادر الحكومة إلى تصحيح جملة أخطائها التي تكررت ، ومنها العدول عن قرار منع الفعالية الى السماح بها، فمن نحتفل بذكرى مولده هو نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومن سيحتفلون بالمناسبة هم أردنيين وإن اختلفنا معهم في الرؤى والأفكار، ما اجمل لو ننطلق الى التنمية السياسية من منظور ” رسول الله يوحدنا ”.
ولا زلت أكرر النداء الى الأحرار من السادة النواب، الى ضرورة محاسبة الحكومة على استفزازاتها وتقصيرها، والاجمل من ذلك هو طرح الثقة عنها، فقد استنفذت كل ما لديها، أربعة تعديلات خلال عام تقريبا، ولا زالت تتقهقر وتتراجع ومؤاشرات الدخول في حالة وبائية باتت على الابواب إن لم نعي ونستيقظ.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى