سن اليأس والعنوسة في جامعة مؤتة
د.فلاح العُريني
لعناية عطوفة رئيس #جامعة #مؤتة المحترم..
غريب جداً أن تحذو حذو الجامعة الأردنية باشتراط سن #الأربعين كحد اقصى لمن اراد ان يتقدم لوظيفة #عضو #هيئة تدريس في كلية الحقوق في جامعة مؤتة.
لا اعرف ياعطوفة الرئيس هل هو التقليد الاعمى أو أن هنالك سبباً رئيسيا لتقييد العمر في تخصص الحقوق بأربعين عاماً دون باقي التخصصات؟
هل تريدوننا (ربايط) لغايات التسمين كالخراف ام أن هنالك مانجهله فوق جهل الجاهلين؟
عطوفة الرئيس..
لاتتوسع كثيراً في الشروط العمياء، ولاتسير على نهج الجامعة الأردنية التي تشترط ان يكون عضو هيئة التدريس فيها خريج احدى الجامعات التي تقع ضمن اول خمسمائة جامعة حسب تصنيف شنكاهاي، علما بأن الجامعة الأردنية لا ذكر لها يبيض الوجه ضمن هذه التصنيفات..
عطوفة الرئيس..
دعني استذكر واياكم ماجاء على لسان وزير التعليم العالي السابق، معالي الدكتور وليد المعاني عندما قال:
“والله بعض اعضاء الهيئة التدريسية حرام يفوتوا اسوار الجامعات”.. انتهى الاقتباس..
عطوفة الرئيس..
هل يتوافر في جامعتكم امثال هؤلاء الذين قصدهم معالي الوزير في تصريحه؟
ان كانت الاجابة نعم، هل السبب في ذلك انهم تعينوا على اعمار فوق الاربعين؟
هل عيب العمر يصيب فقط كلية الحقوق دون غيرها من الكليات؟
هل تتوقع ياعطوفة الرئيس اننا حصلنا على الثانوية العامة بسن الثامنة عشر، ثم التحقنا بالجامعة وتخرجنا بثلاثة سنوات ونصف، وتابعنا الماجستير والدكتوراه مباشرة حتى حملنا لقب دكتور على عمر سبعاً وعشرون سنة؟
لا ياعطوفة الرئيس..
سأشرح لك قصتي والتي تماثل حال الشعب الأردني من عشاق العلم والطموح..
من خِراب قرية غرندل في الطفيلة ومن قرى الطفيلة النائية حصلت على الثانوية العامة على عمر ثمانية عشر سنة، وحصلت على البكالوريوس بعد مضي خمسة سنوات، لأنني تأخرت سنة كاملة بسبب أن الرسوم الجامعية التي ادخرتها لي والدتي اضطريت لانفاقها على والدي عندما توفي رحمه الله..
فالكفن تحتاج مصاري، والقبر تأخذ عليه البلدية مصاري، وصالات العزاء تحتاج إلى مصاري، وإلى تمر وماء وقهوة وثلاثة ليالي ذبائح جديان بلدية ياعطوفة الرئيس..
فهل يعقل أن اترك والدي دون دفن واتابع دراستي..؟
طبعا لا، انت لاتقبلها ولايقبلها من يملك في قلبه ذرة ايمان..
تخرجت وانتظرت التعيين واكملت بعد ذلك درجة الماجستير، وكانت دراستي بين كر وفر، ادرس فصل واقوم بتأجيل الفصل الذي يليه حتى استطيع أن ابيع سيارات خردة لأجمع رسوم الفصل الذي يليه، فأنا ليس ابن مسؤول، وليس ابن متنفذ ليتم ابتعاثي الى الخارج على حساب الديوان الملكي والهيئات المستقلة، وانا ليس ابن حرامي لينهب والدي ثروات البلد لحسابي ياعطوفة الرئيس..
المهم استغرقت معي الماجستير خمسة سنوات عجاف..
بعدها اخبروني اننا في دولة حق وعدالة وسآخذ حقي في التعيين ان اكملت الدكتوراه..
فاضطررت إلى اخذ اجازة دون راتب وعلاوات لمدة سنتين وسافرت برفقة زوجتي وابنائي وامي إلى مصر لتكملة الدراسة بشرف واقتدار، وبقوة ومتانة وليس سرقة وتزويرا والاستعانة بالاقلام المأجورة لتكتب لي رسالة الدكتوراه، بل كنت حريصا أن اعود إلى وطني بشهادة عذراء عفيفة لم يمسسها بشر، ولم يلوثها المال الحرام كما فعل المال السياسي بمجلس النواب..
سنوات عجاف كلفتني اثنان وخمسون الفا للحصول على الدكتوراه، وهذا الرقم جزء منه كان بسبب خسارتي لراتبي طيلة سنتين، واكملت الرسوم الجامعية بعد ان بعت بيتي وارضي وسيارتي وكل ما املك، حتى عدت مواطنا اردنيا بلا كفن ولا ارض ولا بيت، فقط رقما وطنيا احمله لغايات البحث عني والتدقيق على اسمي كلما شاغبت وتم طلبي وحبسي..
فقدت الامن والامان في مصر بسبب الاوضاع السياسية هناك، حيث تزامن وجودي واسرتي في مصر مع سقوط نظام الرئيس مبارك..
فكان الرعب حليفنا، وانتظرت بصمت حتى عدت إلى ربوع وطني بحثا عن الأمان..
ويالحماقتي ياعطوفة الرئيس، كنت اظن أن الامن والامان فقط هو الامان على الحياة وتواجد رجال الامن متى شعرت بالخوف.
لكن الامر ليس كذلك، حتى وان حصلت على الامن الذي يقصده الجميع الا انني افتقدت الامن الوظيفي والامن الصحي والامن الغذائي وسائر عناصر الامن الاخرى عدا الامان فقط لاغير..
كل هذه الاحداث جعلتني انتقل من طالب بالثانوية العامة بعمر الثامنة عشر، إلى دكتور بعمر ستة واربعون سنة..
ثم تأتي عطوفتك لتشترط سن الاربعين كحد اقصى للتعيبن..
يبدو عطوفتك انك ولدت وفي فمك ملاعق من ذهب، ولم تعلم فقرنا وقهرنا..
لذا كان حري بك ان تبحث عن قضية دكاكين مؤتة على طريق قريقرة، وعن قضية الطلبة القطريين في جامعة مؤتة، وعن قصة المجموعة العربية التي صنعتها مؤتة السيف والقلم..
وكان عليك قبل اشتراط سن الاربعين ان تنظر في وجوه الكثير من اعضاء هيئة التدريس لديك وان تستفسر منهم عن آلية التعيين التي تم توظيفهم على اساسها، وخلفياتهم العشائرية والسياسية..
وكان عليك ان تستفسر عن معدلاتهم وعلاماتهم في الثانوية العامة والجامعات التي تخرجوا منها، وعلاقتهم بالطلبة ومدى قناعة الطلبة بعلمهم..
كان عليك ياعطوفة الرئيس ان تتقي ربك قبل الموافقة على هيك شرط..
وكان عليك ان تكون قائدا فذا في جامعة السيف والقلم دون تردد ولا هاجس ممن هم حواليك..
استغفر الله لي ولك ياعطوفة الرئيس..
د.فلاح العريني.