سنة أولى فشل حكومي / عبد الفتاح طوقان

سنة أولى فشل حكومي

يصادف بدايات شهر رمضان لهاذا العام 2017 ، تكليف حكومة الدكتور هاني الملقي ، 29 مايو 2016 ،حيث عام يمر و سياسات الحكومة تبدو فاشلة ، لا يوجد خطة استراتيجية لها ، و ما قامت به من اجراءات حرق الارض و اليابس تحت قدمي المواطن اصابته في مقتل ،ووضعتفقراء الاردن في حالة تردي ، و لم تقترب الحكومة الي الحياة اليومية لمعرفة حقيقة و ضع المواطنيين ، في ظل غياب أسسس التوزيع العادل في المجالات كافة ، أن كانت سياسية او اقتصادية او اختيارات للوزراء و المناصب الحكومية ، فلم يرتكز القرار السياسي على السند المعرفي .
واقصد ان الحكومة عقدت التعامل مع البيئة المحلية و انهمكت في تنفيذ سياسات خارجية وما تشمله من مهددات وطنية وما تمليه تلك السياسات من تطورات سلبية علي الواقع الاردني العروبي ، دون استراتيجيات متقنة.
ومن التحديات المهمة التي اغفلتها الحكومة الاردنية الحالية تأثير الجوانب الشخصية وانفلات الرغبات الشخصية للوزراء المنتقين ، وللسياسيين المعينين وللشخصيات القيادية من جهات أمنية علي اتخاذ القرارات. و غابت القيم عند اختيار بعض من الوزراء و اللذين صدرت بحقهم احكام جنائية .
و اذا كان الصوم من اركان الاسلام ، فقد فرضت الحكومة بفشلها صوما سنويا علي المواطن حيث افقرت جيبه و اعتدت علي ماله ، ما حدا بالكثيرين الي عدم المقدرة علي شراء مستلزمات الطعام فصام غصبا لا طوعا ، ظلما لا فرضا من فروض الطاعة. ، و ارتفعت نسب الفئات المحرومة والمهمشة في المجتمع .
و ابتعدت حكومة الدكتور هاني الملقي عن تأهيل الفقراء و دعمهم من أجل تسيير حياتهم المعيشية. وعجلت بارتفاع خط الفقر للفرد, (خط الفقر للفرد في الأردن كان ١٠٣٢دينار عام ٢٠١٤، و ٦٨٠دينار لعام ٢٠٠٨، و اصبح في عهد الحكومة الحالية ١٣٢٣ دينار)،و بالتالي رفعت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر من 14.4% الي 19.7% ، و تعتبر تلك “مجزرة الحكومة للدخل ” و هي اشبه ما تكون مثل المستجير من الرمضاء بالنار.
و رغم ان السيولة الحكومية ارتفعت بسبب الضرائب التي فرضتها شروط البنك الدولي و رحبت بها الحكومة وبسطتها بعنوة علي الشعب فاهلكت ثقل المواطن ، و هو أخطر انواع التدخل الأجنبي في السيادة الوطنية ، الا انه لم تأت الحكومة بأي انجازات في هذا الشأن سوي ارتفاع الغلاء ، حيث أن المواد الغذائية الرئيسية اصبحت مكلفة للغاية و لا يقدر عليها المواطن البسيط مما ادي الي تدني مستوى التغذية وارتفاع نسب فقر الدم لدي الاطفال الي 57% ، و أضحت نسبة الفقر الدائم والمؤقت تفوق 38.34% بعد ان كانت 33% حسب تقارير البنك الدولي لعام 2016.
و فيما يتعلق بالفساد ، فلم تقف الحكومة في وجه الفساد و لا الفاسدين ، و استمر الحال كما هو أن لم يزداد فسادا و افسادا ، دون متابعة ، و اختفت قضايا الفساد و الفاسدين من تحت مجهر القضاء و من صفحات الاعلام.
و حيث أن احد تعاريف النجاح الحكومي هو انتعاش الاقتصاد و ازدهاره ، فقد فشلت فشلا ذريعا في ايجاد خطط اقتصادية و استثمارية ، و غاب عنها أن أهم اولويات الحكومات ، التي ضمنت في كتاب التكليف السامي ، وهو تحقيق النمو الاقتصادي للبلاد ، فلم تراع او تكلف خاطرها بالازدهار أو غيره ، و لم نسمع منها اي استراتيجية او خطة او تصور عما ستواجهه البلاد ، بل اتت نتائجها عكس ما ورد في خطاب التكليف.
و لعل احد اسباب وجود ازمة اقتصادية في البلاد ، بالاضافة الي اللاجئين السوريين و نضب المد الخليجي المالي و اهدار المال العام و الفساد و غيره من المسببات ،يعود في الاساس الي تراخي فكر الحكومة الاقتصادي و الاستثماري ، و غياب خبرات الجهاز الحكومي الوزاري ، و انعدام الفكر المستقبلي و اصحاب الحلول المبتكرة و الاذكياء عن الطاقم الحكومي ، وهوايضا ما ساهم في ازدياد الركود و التضخم ،الذي غابت عنه يد و عقل الحكومة لايقافه او تجنبه .
اما في قطاع الشباب فقد فشلت الحكومة في ايجاد فرص عمل للشباب واصبحت البطالة في ازدياد ،ناهيك عن الاخفاقات الرياضية و الثقافية ، و ارتفعت نسب البطالة بحدود ترواحت بين 5 % و 7% عن سابقتها ، رغم أن واجب الحكومة ان تعمل من أجل حلحلة الازمات ، و ايجاد الخطط البديلة لمساعدة المواطنيين.
و المتابع للشأن الداخلي يستطع ان يؤكد انه لا يوجد منزل اردني واحد خال من البطاله و العاطلين عن العمل. ، و لم تثمر اي جهود من الحكومة خلال فترة توليها في ايجاد اي حل ، بل ساهمت بطريقة عملها و اختياراتها للوزراء الضعاف ، دون خبرة و دون رؤية ، وفي غياب استراتيجية الي مزيد من البطالة والي ضياع فرص جذب الاستثمار .
و في الجانب التجاري و الصناعي فشلت الحكومة للحد من الاستهلاك للموارد و الطاقات و لم تحسن استغلالها ، و لم تتوجه الي تنمية الصادرات و اعتمدت الضرائب و المكوس و انخفضت قدراتها الصناعية و التجارية و انغمست في الاقتصاد التابع للبنك الدولي و الاجحاف المتشدد في وصاياه التي نفذتها الحكومة و هي تضع راسها مثل النعامة في الرمال.
و في الجانب الاعلامي فقد فشلت الحكومة في حصول اجهزتها الاعلامية علي المصداقية ، حيث صدرت “المعلومات المنقوصة ” و اعتمدت سياسة ما يملي عليها ، دون التأكد من الحقائق و التي يعيها المواطنيين في كثير من الحالات سواْ كانت حوادث امنية او متعلقة بالصراع الدائر و الوضع علي الجبهة السورية او العراقية ، و اللاجئين السوريين و الحرب علي الحدود السورية.
اما السياحة ، فحدث بلا حرج عن تراجع الخدمات و القصور في الاهتمام بالاثار السياحية و مباينها و مناطقها ، و غياب التسويق الصحيح للسياحة العلاجية و السياحة الدينية ، و غيرها من الامور.
و وقفت الحكومة مكتوفة الايدي بلا رأي او قرار في وزارات الخارجية و الداخلية و الدفاع ، مما دفع مؤخرا رئيس الحكومة بتوجيه سؤال الي احد وزراء حكومته :” هل الاجهزة الامنية تحت امرتي ؟ ” ، و هو ما نشرته الصحف الاردنيه في صورة استهجان علي تصريحات الرئيس.
اما عن نجاحات الحكومة ، فاترك ذلك للاعلام الحكومي حتي يكشف للمواطن بما لديها الحكومة من ارقام في ادارة الازمات ، ، لعل هناك ما لا نعرفه .
حتي يكون هناك شيئأ اسمه “استراتيجية ” ناجحة يجب ان يكون هناك شيئا اسمه “سياسة” ناجحة ، فاذا كانت السياسات الحكومية اما مغيبة او مخيبة ، و في اغلبها فاشلة احادية الراي و التوجه ، حبراً على ورق ، وترهن المصالح الوطنية الاستراتيجية للخارج ، و اذا ما اضيف غيابضبط الأداء والإيقاع السياسي عن الحكومة ، و انعزال الحكومة و قراراتها عن الاجماع الوطمي سواْ ما يتعلق بمشروع المفاعل النووي أو الحرب علي سوريا أو اتفاقية الغاز الاسرائيلي علي سبيل الذكر لا الحصر ، فكيف يتوقع أن ينجح مسرح عمل الدولة الاردنية ؟
كل عام و انتم بخير ، صوما مقبولا ، و رمضانكم كريم .
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى